البوكمال كانت واحدةً من أهم المعابر التي سلكها الإرهابيون من بين المعابر الأربعة الهامة على الحدود العراقية السورية، وسبب تقابلها مع المحافظات الغربية في العراق مثل الأنبار فإن مدينة البوكمال تتمتع بأهمية خاصة لوجود طرقٍ سلسةٍ وقريبةٍ من المناطق المعرضة للميول التكفيرية على جانبي الحدود.
بعد المقاومة المستمرة لأربع سنوات في دير الزور تم كسر الحصار عنها وتحرير الميادين أحد أهم معاقل داعش في سوريا، وهذه المرة أيضاً يعتبر تحرير البوكمال إنجازاً هاماً آخر لمحور المقاومة في المنطقة، ويعتبر تحريرها القضاء على آخر معاقل داعش في سوريا.
وبتحرير هذه المدينة أصبح طول خط الحدود الذي يصل بين الجيشين العراقي والسوري إلى 140 كيلو متر، علماً أن كل طول الخط الحدودي بين العراق وسوريا هو 215 كيلومترا.
البوكمال هي مدينة تقع في أقصى الشرق السوري تابعةٌ جغرافياً لمحافظة دير الزور التي كانت تشكل معقلاً هاماً للإرهابيين إضافة إلى مدينة الميادين.
وعندما نناقش أهمية البوكمال ينبغي إيلاء الأولوية للمسائل الجغرافية، فهذه المنطقة هي أهم نقطة لتلاقي الطرق العراقية السورية والحلقة التي تربط الجماعات الإرهابية على جانبي الحدود.
استراتيجية محور المقاومة
تتمثل الاستراتيجية الرئيسية لمحور المقاومة في الوصول إلى المعابر الحدودية حيث أن البوكمال كانت واحدةً من أهم المعابر التي سلكها الإرهابيون من بين المعابر الأربعة الهامة على الحدود العراقة السورية.
وبسبب تقابل البوكمال مع المحافظات الغربية في العراق مثل الأنبار فإن مدينة البوكمال تتمتع بأهمية خاصة لوجود طرقٍ سلسةٍ وقريبةٍ من المناطق المعرضة للميول التكفيرية على جانبي الحدود.
ونظرا لخط سير القوى الكردية التي تزحف إلى دير الزور وتسعى للوصول إلى النقاط الحدودية، حدد محور المقاومة خط سيره ووجهته الرئيسية ألا وهي الحدود الشرقية لسوريا.
حيث سعى الأكراد من خلال سيطرتهم على الرقة إلى الوصول إلى مبتغاهم الرئيسي المتمثل بالمناطق الشمالية السورية وخاصة دير الزور وذلك لهدفين رئيسيين:
الوصول إلى آبار النفط في ديرالزور وتوفير الموارد الإقتصادية لمستقبلهم السياسي والإقتصادي.
الوصول إلى المعابر الحدودية السورية مع العراق للضغط على محور المقاومة والحصول على امتيازات سياسية، ويذكر أن الأكراد يسيطرون على أحد المعابر الهامة في الشمال السوري في محور سنجار.
الهدف التالي؛ جبهة النصرة
أحد الأسئلة التي تتبادر إلى الأذهان الآن يمتثل به الأهداف القادمة للعمليات العسكرية في المنطقة.
حيث يتمحور السؤال عن المنطقة التي ستكون الهدف التالي للجيش السوري بعد تحرير البوكمال؟ هل سيواصل الجيش عملياته في الشرق أو سيذهب إلى المناطق الشمالية؟
أحد السيناريوهات المحتملة هي حركة الجيش السوري إلى المناطق الشمالية من سوريا ولا سيما المنطقة الشمالية لحماة وإدلب.
وعلى أي حال كل ما يطرح في المفاوضات السياسية السورية ومباحثات أستانا هو موضوع داعش والنصرة، وأي عملٍ ضد هذه الجماعات يحظى بشرعية سياسية. حيث تنشط في إدلب مجموعات مختلفة بأسماء متعددة ومعظمها لديه اتجاه يتماشى مع جبهة النصرة.
ربما ما يجعل من السهل تنفيذ العمليات في هذه المناطق هو أمرين اثنين:
هزيمة داعش في المناطق الشرقية ستكون نموذجاً لهذه المجموعات، وسوف يدركون بأن مصيرهم الموت في حالة القتال مع الجيش السوري.
عدم إمتلاك المجموعات المختلفة في هذه المناطق دعم أجنبي كما كان الحال في السابق.
حيث أن "أحرار الشام" المجموعة التابعة لوكالة الإستخبارات القطرية والتي تحظى بالسيطرة على أغلبية هذه المناطق، لا تتمتع بأي دعمٍ خاص نظراً لتوتر علاقات قطر مع بعض البلدان العربية.
كما تحظى المجموعات الأخرى بدعمٍ تركي، ولكن ونظرا لتعاون تركيا مع إيران وروسيا للتوصل إلى اتفاق سياسي لم تعد هذه المجموعات تحظى بدعم خاص.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن علاقات الجماعات الموجودة في إدلب مع بعضها البعض متوترة جداً وكان لها دائما العديد من الصراعات فيما بينها.
التقييم النهائي
يجب أن تعتبر عمليات دير الزور مؤشرا على تنسيق العمليات بين تحالف محور المقاومة الذي تمكن من أن يكمل سلسلة الهزائم للمحور الغربي العربي العبري، ويجب النظر إلى الهزيمة على انها إنهاءٌ لوجود داعش في كل من سوريا والعراق، ومن جهة أخرى يجب أن تعد بمثابة الإنهاء للمشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة لتفكيك سوريا والمنطقة.