وسط إطلاق رصاصات الإرهاب على المصلين بمسجد الروضة، وسقوط عشرات الشهداء في حادث العريش الإرهابي، والدماء التي غطت أجساد الأطفال المصلين، كان الشيخ محمد عبد الفتاح رزيق، إمام وخطيب مسجد الروضة، يراقب الدماء المتناثرة بترقب من منبره.
هبط بقدميه المرتعشة على أرض المعركة، لتغوص في الدماء التي لخطت سجاجيد المسجد، لكن الهدوء منعدم في تلك الرقعة "كان فيه جري وخوف واللي بينط من الشباك عشان يهرب من الرصاص وأنا مش عارف أتصرف إزاي"- حسبما روى خطيب المسجد لـ"أهل مصر".
وسط الخطوات السريعة التي أخذ يسير بها المصلين الذين لم يصابوا برصاصات الإرهاب، سقط محمد الذي بدأ عمله بمسجد الروضة منذ عامين ونصف عام، ليفاجئ بتخبط جسده المرتعش بأقدام الهائجين بالمسجد.
ساعات بعد انتهاء تلك الهجمة الإرهابية التي سقط بها 305 شهيدًا بينهم 27 طفلًا، وإصابة 128 شخصًا، كان الشيخ محمد يرقد على سرير إحدى مستشفيات الشرقية "مسقط رأسه".
يتذكر "محمد" في حديثه لـ"أهل مصر" آخر ما قاله قبل بدء إطلاق النار من قبل الإرهابيين "أول ما قولت لا إله إلا الله.. محمد رسول الله" بدأ إطلاق الرصاص والمصلين سقطوا أمام عيني- حسبما وصف محمد لـ"أهل مصر".
تربط إمام مسجد الروضة الذي شهد مصليه على مذبحة كبرى أمس الجمعة وسقط المئات منهم، علاقة طيبة بأهالي القرية "أنا عارف كل أهل القرية وبتعامل معاهم من مبدأ العائلة الواحدة، وقبل الحادث بأيام لم يظهر سلوك غريب أو متطرف في القرية".
بينما يرقد محمد بالمشفى، ويتألم من قدمه وصدره، يقف بجانبه ابن عمه عبد الفتاح رزيق، الذي علم من وسائل الإعلام بوقوع الحادث واستهداف المصلين أثناء أداء صلاة الجمعة، فيقول "كلمت محمد وقفل عليا اطمنت إنه بخير لكن لما كلمته تاني مردش قلقت وطلبت من صديق في سيناء يشوفه بين الشهداء والحمد لله لم يعثر عليه في المسجد".
الحيلة التي استطاع إمام مسجد الروضة الهروب بها من رصاصات الإرهابيين الذي تتبعوا خطوات الفارين من المسجد لقتلهم، هي الاختباء عند أحد أهالي القرية " أحد أصدقاء الشيخ أخفاه في منزله عن أعين الإرهابيين، لتبديل ملابسه، وبعد تمشيط الجيش للمنطقة، استقل الشيخ سيارة الاسعاف قادمًا إلى الشرقية للعلاج"- حسبما وصف لـ"أهل مصر".