بعد مطالبات برلمانية بمنع بيع "هياكل الدجاج".. بائعة جرائد: "هتحرمونا من العضم زي ما حرمتونا من الفراخ".. وآخر: "هستنى الكتاكيت تبقى فراخ وأكلها"

تستقر ريا السعيد على كرسي خشبي متهالك، لا يقل عمره عن سنوات أما عمرها فوصل الـ57، ترقد إلى جانب 7 أنواع من الجرائد على الرصيف، في انتظار من لازال يحتفظ بحبه للجرائد الورقية بعد اجتياح المواقع الإلكترونية للساحة الإخبارية.

تمر تفاصيل يوم ريا على استحياء فتترك علامة بذاكرتها "كل يوم بيمر زي اللي قبله اقعد أبيع الجرائد واللي بطلع بيه يادوب بيكفي عيالي الـ3 أكل ودراسة"- طبقًا لروايتها.

بدت ملامح الصدمة التي اختزلتها السيدة ذات العباءة السوداء ببضع قطرات من الدموع على وجنتيها، بمجرد علمها أن هناك عدد من أعضاء مجلس النواب يطالبون بإعدام هياكل الدجاج، نظرًا لما تحتويه من مادة لاحتوائها على مواد ضارة "أنا بشتري هياكل الفراخ بـ 10 جنيه مرة في الأسبوع أو مرة كل أسبوعين على حسب الفلوس اللي ربنا بيرزقني بيها"- حسبما وصفت لـ"أهل مصر".

تحاول السعيد تعويض ابنائها عن الدجاج واللحوم التي تمنعها محفظتها الفارغة من شرائها "أنا بعمل لأولادي بهياكل الدجاج خضار ومحشي وصنية بطاطس.. اهوا حاجة من ريحة الفراخ.. حرام عليهم يحرموا ولادي منها مش كفايا الحرمان من الفراخ".

يتزامن جلوس "ريا" في السابعة من صباح كل يوم لبيع الجرائد، مع بدء خليل راغب، توزيع المشوربات على الزبائن بـ"القهوى البلدي" التي تحتضنها إحدى الشوارع القريبة من مبني الإذاعة والتليفزيون، بشارع ماسبيروا الذي يطل على ضفة النيل.

المطالبة بمنع بيع هياكل الدجاج من قبل بعض النواب، اصطدمت بطلب إحاطة قدمه النائب محمد فؤاد للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب ومني محرز، نائب وزير الزراعة لشئون الثروة الحيوانية والداجنة والسمكي، كاشفا الستار عن إماكنية تلاعب بعض التجار بأسعار الدجاج بعد منعهم من بيع الهياكل للطبقات الكادحة من المصريين.

ما بين المطالبة بالمنع والسماح بالبيع، يجلس راغب الرجل الأربعيني الذي ترك الشقاء ومسح السيارات المحملة بالأتربة تشققات في أصابع يده، يفكر في أطفاله الذي ستمنهم ورقة تحمل ختم حكومي من تناول عظام يحمل رائحة الدجاج، "يعني أنا كل 4 أيام بشتري 2 كيلو هياكل لعيالي الـ5 ومرة كل شهر ونص بشتري فرخة صغيرة والكيلو حاليًا بقى بـ24 جنيه، لما تتمنع إيه الحل قدامي غير إني بقى اشتري فرخة أربيها وأستنى لما تبيض والبيض يفقس ولما الكتاكيت تبقى فراخ ناكلها"- حسبما وصف لـ"أهل مصر".

من ماسبيرو حيث الهدوء ورائحة النيل الجاذبة للعشاق، إلى حبات العرق المتركزة على وجوه البائعين بمنطقة العتبة، شاهدة على الزحام وضوضاء فصال السيدات على الأسعار، على بعد أمتار من محطة العتبة التابعة للخط الثاني لمترو القاهرة الكبري، تجلس حميدة أحمد، سيدة بالعقد الرابع من عمرها، كما يستدل من خصلات شعرها التي أبت أن تستقر تحت الحجاب الأبيض، منذ العاشرة صباحًا لبيع حقائب السيدات.

لا يشغل فكر أحمد، إلا بيع الحقائب لتسديد نفقات زواج نجلتها الوحيدة شيماء، فتقول السيدة في رواياتها "كل يوم ببيع هنا الشنط بأرخص الأسعار وبدعي ربنا يوسع رزقي عشان أعرف أجوز بنتي".

تتوارى وجبة هياكل الدجاج مع "الملوخية" والخبر الساخن، في نهاية لائحة الطعام الأسبوعية التي تضعها أحمد في عقلها "الغداء يومين طعمية ويومين جبنة وعيش ويومين كشري من الشارع ويوم هياكل الفراخ اللي بعمل بيها شوربة للخضار بجانب الملوخية"- حسبما وصفت لـ"أهل مصر".

بقدر ما تحمل السيدة التي تقيم بإحدى المنازل القديمة بمنطقة العتبة الحسرة داخلها لعدم قدرتها على شراء الدجاج يوميًا، إلا انها ترى أن تلك الحسرة أرحم بكثير من حرمانها من تناول تلك الهياكل "أنا بكون مكسوفة وأنا بشتري هياكل أسبوعبًا بـ11 جنيه ومش معايا اللي يشتري فرخة.. لو منعوا الهياكل هناكل إيه بعد كده.. هنشم ريحة الفراخ عند الجيران وننام نحلم بيها"- طبقًا لرواياتها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً