على المسرح، تقف هى، تحت ضوء النجومية وعلى قمة الفن، ساكنة فى عيون وقلوب محبيها.. ترسم بالموهبة وخفة الظل، البسمة على شفاه الجمهور بفن راقى وأداء خاص يميزها لتظل باقية فلا تتوه مع المكررين والتقليدين وعديمى الإبداع.
تقدم المشهد تلو الأخر بمسرحية "ريا وسكينة" ليزداد الجمهور إعجابا واستمتاعا.. يضحك ثم يصفق.. فى ذات اللحظة تتألم هى وجعا ومرضا، فتضحك لتشارك جمهورها الفرحة ولتهزم الألم بابتسامة أمل.والأن، بينما يخطو حاملي نعش "معشوقة الجماهير" بأقدامهم المتثاقلة نحو قبرها، يتذكر جمهورها كيف قدمت إليهم البسمة على المسرح ومن خلال أفلامها وأغانيها. "شادية، سبب نجاح مسرحية ريا وسكينة"- كانت تلك أول الكلمات التي نطق بها الفنان أحمد بدير، أحد المشاركين في المسرحية، بعد وقوع خبر رحيلها عن الحياة مساء أمس على مسامعه.بالعباءة المطرزة التي تحاكي بنات بحري والخلخال الذي يصدر لحنًا مع كعب حذائها الخاطف للأنظار على خشبة المسرح، وغطاء الرأس الذي يحمل تراث أزياء فتيات الإسكندرية في أوائل القرن العشرين، أطلت شادية على جمهورها بلقب "ريا" فى مسرحية "ريا وسكينة" عام 1980.
لم تختف البسمة والأداء المتميز الذي اختلط فيه الدموع بالضحك، عن وجه "معبودة الجماهير" لأخر دقيقة بالمسرحية، حيث التجربة الوحيدة التي اقتحمت بها عالم المسرح. بينما تتصاعد حدة تصفيق المشاهدين في المسرح، وتطرب أذانهم بأغنية "حبك جننا ياسمك إيه" بضحكة تلمس قلوب الجماهير، يهاجم الألم "سرطان الثدي" جسد شادية الذي طالما ظهر بأجمل الأزياء، لكن حبها للجماهير كان أقوى من الألم، فانتصر الفن على المرض الذي طالما خطف العديد من نجوم الشاشة بعد استسلامهم له.دارت أحداث مسرحية "ريا وسكينة" حول اختطاف وقتل النساء على يد ريا وشقيقتها سكينة بمساعدة زوجيهما حسب الله سعيد (زوج ريا) ومحمد عبد العال (زوج سكينة)، في محاكاة قريبة لقصة الشقيقتان "ريا وسكينة" الذين ذاع صيتهم عام 1920، تاركين بصمة في تاريخ الإسكندرية عن سرقة ذهب النساء وقتلهن.
بعد انتهاء معبودة الجماهير من تقديم دورًا توج مسيرتها الفنية التي تنوعت بين أكثر من 110 فيلمًا تخللهم العديد من الأغاني، والمسلسلات الإذاعية، بالإضافة إلى الأغاني الوطنية، أجرت فحوصات طبية، لتصطدم بإصابتها بـ"سرطان الثدي".عقب معرفة معبودة الجماهير بمرضها الخطير، الذي من الممكن أن يطفئ أنوارها في الدنيا، واجهته بكل شجاعة وسافرت لإجراء عملية جراحية طارئة، بإحدى مستشفيات فرنسا، لاستئصال أحد ثدييها.
تسلحت شادية بحب الجماهير، وانتصرت على المرض، لتستمد الدفء مرة أخرى من عبارات محبيها المشجعة لها، بعد استكمال فيلم "لا تسألني من أنا" عام 1984، الذي غلف مشوارها الفني بستائر النهاية.
فور انتهاء شادية من تصوير أخر أفلامها "لا تسألني من أنا" للمخرج فهمي، انتقلت للمملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، الذي أعقبه إعلان مباشر منها بقرار الاعتزال، في فبراير من عام 1987، وظلت ملتزمة بقرار الابتعاد عن الفن، حتى ابتعدت عن دنيانا أمس.