تحل اليوم الذكري الرابعة، على وفاة "نيلسون مانديلا"، أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، وركزت حكومته على تفكيك إرث نظام الفصل العنصري من خلال التصدي للعنصرية المؤسساتية والفقر وعدم المساواة وتعزيز المصالحة العرقية، سياسيًا هو قومي إفريقي وديمقراطي اشتراكي، وعرف بــ"المشاكس"، وعاش في جوهانسبورج وانخرط في السياسة المناهضة للاستعمار، وانضم إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، ليصبح عضوًا مؤسسًا لعصبة الشبيبة التابعة للحزب، إنه الرئيس الجنوب "نيلسون مانديلا"، وفيما يلي نرصد أهم المحطات في حياته.
ميلاده
ولد نيسلون مانديلا، بـ"قبيلة الهوسا" للعائلة المالكة تهمبو"، في 18 يوليو 1918 بقرية مفيتزو، في مقاطعة أوماتاتا، بإقليم ترانسكاي في جنوب أفريقيا.
الألقاب
أطلق علي الرئيس الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، العديد من الألقاب أبرزه ا"روليهلاهلا"، ويعني "نازع الأغصان من الشجر"، أو بالعامية "المشاكس"، وفي السنوات اللاحقة أصبح يعرف باسم عشيرته، ماديبا.
أسرته
نشأته وسط أسره صاحبة قرار في القبائل، اكتسبته احلامًا وأهدافًا بعيدة المدي حيث أن أحد أجداده من جهة والده، نغوبنغوكا، كان حاكما لشعب تيمبو في أراضي ترانسكاي بمقاطعة كيب الشرقية الحديثة، في جنوب أفريقيا، وهذا الملك، كان له ابن اسمه مانديلا هو جد نيلسون ومصدر لقبه، لأن مانديلا لم يكن سوى طفل الملك من زوجة من عشيرة اكزيبا، أو مايسمى بـ"الفرع الأيسر"، فكان غير مؤهلا ليرث العرش ولكنه اعتبر مستشار الورثة الملكيين، ومع ذلك، كان والده، غادلا هنري مفاكانيسوا، زعيما محليا ومستشار للملك، تم تعيينه في المنصب في عام 1915، بعد أن اتهم مجلس حكام أبيض سلفه بالفساد، في عام 1926، أقيل غادلا أيضا من منصبه بتهمة الفساد، قيل لنيلسون أنه فقد وظيفته بسبب وقوفه ضد مطالب المجلس غير المعقولة، كان محب للإله" كاماتا"، كان غادلا متزوج من أربع نسوة، ولديه أربعة أولاد وتسع بنات، يعيشون في قرى مختلفة، وكانت والدة نيلسون "نوسيكا فاني" هي الزوجة الثالثة، وهي ابنة انكيداما" من "الفرع الأيمن" وعضوا في أمامبفو "عشيرة كوسا".
زيجاته
تزوج الرئيس الإفريقي المعروف بالـ"مشاكس"، ثلاث مرات، وأنجب ستة أطفال، وله 17 حفيدًا، وعدد متزايد من أبناء الأحفاد.
زوجتة الأولى
زواج مانديلا الأول كان مع إيفلين نتوكو ماس، والتي كانت هي أيضا من ترانسكاي، التقيا في جوهانسبرغ قبل أن يتزوجا في أكتوبر 1944 انتهى هذا الزواج في عام 1957 بعد 13 سنة، ومن أسباب الطلاق الزنا والغياب المستمر والتفاني في العمل الثوري. وهو ما يتنافى مع كونها عضو في شهود يهوه، الدين الذي يتطلب حيادا سياسيا، نتج عن هذا الزواج ابنان، ماديبا "ثيمبي" ثيمبكايل (1946-1969) وماكجاثو مانديلا، وابنتان، كلاهما سميتا مكازيوي مانديلا "المعروفة باسم ماكي، من مواليد 1947 و1953"، ماتت الابنة الأولى بعمر تسعة أشهر، وسموا ابنة الثانية باسمها للذكرى، وتوفيت ماس في عام 2004، وحضر مانديلا جنازتها.
الزوجة الثانية
ويني ماديكيزيلا مانديلا، الزوجة الثانية مانديلا، أيضا من منطقة ترانسكاي، والتقيا أيضا في جوهانسبرغ، حيث كانت ويني أول أخصائية اجتماعية سوداء في المدينة، رزقا بابنتين، زيناني (زيني)، من مواليد 4 فبراير 1958 وزيندزيسوا "زيندزي" مانديلا من مواليد عام 1960، كان عمر زيندزي 18 شهرا فقط عندما سجن والدها في جزيرة روبن، في وقت لاحق، كانت ويني تتمزق من أثر الشقاق العائلي الذي ينعكس جميع الصراعات السياسية في البلاد، بينما كان زوجها يقضي حكما بالسجن مدى الحياة في سجن جزيرة روبن، أصبح والدها وزير الزراعة في ترانسكاي، انتهى زواجهما بالانفصال في أبريل 1992 فالطلاق الرسمي في مارس 1996.
في عام 1995، عرض مانديلا الزواج على أمينة كشاليا مناهضة للفصل العنصري وناشطة حقوق المرأة، رفضت العرض هدفه بقولها "أنا مرأة وحيدة وقد فقدت مؤخرا زوجي الذي كنت أقدره كثيرا"، تزوج مانديلا في عيد ميلاده 80 في عام 1998، بغراسا ماشيل "الاسم عند الولادة، سيمبين، أرملة سامورا ماشيل، رئيس الموزمبيق وحليف حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي قتل في حادث تحطم طائرة قبل ذلك بـ 12 عاما.
دراسته وتدرجه السياسي
ودرس مانديلا في جامعة فورت هير وجامعة ويتواترسراند، حيث درس القانون، عاش في جوهانسبورغ وانخرط في السياسة المناهضة للاستعمار، وانضم إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وأصبح عضوًا مؤسسا لعصبة الشبيبة التابعة للحزب، بعد وصول الأفريكان القوميين من الحزب الوطني إلى السلطة في عام 1948 وبدأ تنفيذ سياسة الفصل العنصري، برز على الساحة في عام 1952 في حملة تحد من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وانتخب رئيس لفرع حزب المؤتمر الوطني بترانسفال وأشرف على الكونجرس الشعبي لعام 1955، عمل كمحام، وألقي القبض عليه مرارًا وتكرارًا لأنشطة مثيرة للفتنة، وحوكم مع قيادة حزب المؤتمر في محاكمة الخيانة 1956-1961 وبرئ فيما بعد، وكان يحث في البداية على احتجاج غير عنيف، وبالتعاون مع الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا شارك في تأسيس منظمة رمح الأمة المتشددة، في عام 1961، ألقي القبض عليه واتهم بالاعتداء على أهداف حكومية، وفي عام 1962 أدين بالتخريب والتآمر لقلب نظام الحكم، وحكمت عليه محكمة ريفونيا بالسجن مدى الحياة.
من السجن الي السلطة
مكث مانديلا 27 عامًا في السجن، أولًا في جزيرة روبن آيلاند، ثم في سجن بولسمور وسجن فيكتور فيرستر، وبالموازاة مع فترة السجن، انتشرت حملة دولية عملت على الضغط من أجل إطلاق سراحه، الأمر الذي تحقق في عام 1990 وسط حرب أهلية متصاعدة، صار بعدها مانديلا رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي ونشر سيرته الذاتية وقاد المفاوضات مع الرئيس دي كليرك لإلغاء الفصل العنصري وإقامة انتخابات متعددة الأعراق في عام 1994، الانتخابات التي قاد فيها حزب المؤتمر إلى الفوز.
الرئيس مانديلا
في عام 1994 انتخب رئيسًا وشكل حكومة وحدة وطنية في محاولة لنزع فتيل التوترات العرقية، كرئيس، أسس دستورًا جديدًا ولجنة للحقيقة والمصالحة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، استمر شكل السياسة الاقتصادية الليبرالية للحكومة، وعرضت إدارته تدابير لتشجيع الإصلاح الزراعي ومكافحة الفقر وتوسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية.
نشاطه الدولي
أما دوليًا، فلقد توسط بين ليبيا والمملكة المتحدة في قضية تفجير رحلة بان آم 103، وأشرف على التدخل العسكري في ليسوتو، وامتنع عن الترشح لولاية ثانية، وخلفه نائبه تابو إيمبيكي، ليصبح فيما بعد رجلًا من حكماء الدولة، ركز على العمل الخيري في مجال مكافحة الفقر وانتشار الإيدز من خلال مؤسسة نيلسون مانديلا.
قرارته المثيرة وجوائزة
أثارت فترات حياته الكثير من الجدل، شجبه اليمينيون وانتقدوا تعاطفه مع الإرهاب والشيوعية، كما تلقى الكثير من الإشادات الدولية لموقفه المناهض للاستعمار وللفصل العنصري، حيث تلقى أكثر من 250 جائزة، منها جائزة نوبل للسلام 1993 وميدالية الرئاسة الأمريكية للحرية ووسام لينين من النظام السوفييتي. يتمتع مانديلا بالاحترام العميق في العالم عامة وفي جنوب أفريقيا خاصة، حيث غالبًا ما يشار إليه باسمه في عشيرته ماديبا أو تاتا، وفي كثير من الأحيان يوصف بأنه "أبو الأمة".
وفاة نيلسون مانديلا
توفي نيلسون مانديلا في 5 ديسمبر 2013 محاطًا بعائلته في منزله بجوهانسبرغ متأثرا بعدوى في الرئتين عانى منها طويلا، وأعلن عن وفاته الرئيس الجنوب إفريقي جاكوب زوما، من خلال بيان قال فيه "بني وطني جنوب إفريقيا: لقد وحدنا نيلسون مانديلا وسوف نودعه موحدين"، وأعلن الحداد في البلد لمدة 10 أيام.