حدود الدم في صفقة القرن..الإدارة الأمريكية تطالب الدول العربية بدفع الثمن لإسرائيل مقابل تنازلات كبرى.. تأجيل وضع القدس واللاجئين وإنشاء غزة الكبرى أهم بنود الصفقة

انتهت اللعبة في العراق، وبدأت الآن في الأردن، ويريدونها أن تصل إلى مصر.

داخل مراكز البحث والسياسة في العاصمة الأردنية لا حديث يعلو على قضية واحدة، هي وثيقة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق اللواء جيورا إيلاند، الذي يطرح فيها تصورا مخيفا بأن مملكة الأردن هي دولة الفلسطينيين، وبوضعها الجديد ستتكون من ثلاثة أقاليم تضم الضفة الغربية والشرقية وغزة الكبرى التي تأخذ جزءا من مصر، حسب هذا المخطط الأخير الذي يريده الرئيس الأمريكي بالاتفاق مع إسرائيل لمصر.

 

خلطة ايلاند

تقوم دراسة «إيلاند» على فكرة منح الفلسطينيين مساحات شاسعة في شبه جزيرة سيناء، واعتبرت الدراسة أن موافقة مصر على منح الفلسطينيين أراضي في سيناء يجعلها شريكة في حل القضية الفلسطينية.

وبرر ايلند اقتراحه بأن مسؤولية حل القضية الفلسطينية هي مسؤولية كل الدول العربية وليس اسرائيل وحدها، في محاولة لاظهار تل أبيب على انها الضحية وليست دولة احتلال، ولذلك على الدول العربية وخاصة الأردن ومصر أن تشارك في حل القضية الفلسطينية، على حد زعمه.

وجاء الوقت لنكتشف أن التنازلات التي يريدها "ترامب" هي إقامة دولة السيناسطين الجديدة، تضم ثلاثة أقاليم: الضفة الغربية والضفة الشرقية وغزة الكبرى كما صاغها جيورا إيلاند.

وزعم إيلاند أن إسرائيل نجحت بجهود سرية خصوصا في إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على العرب للاشتراك في حل إقليمي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

لكن أخطر ما كشفه إيلاند هو أن عملية الانسحاب الأحادي الجانب من غزة عام 2005 كانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه، وهو ما رفضته مصر ولاتزال، لأنها تعرف وتدرك مدى المخططات الإسرائيلية.

صفقة القرن

بدأت محادثات التسوية لتصل لحجم "صفقة القرن" من خريف 1993 (التوقيع على اتفاق أوسلو)، وصيف 2000 (مؤتمر كامب ديفيد)، وديسمبر 2000 (خطة الرئيس كلينتون لإنهاء النزاع)، وخريف 2007 (مؤتمر أنابوليس).

رفض الأردن قرار التقسيم عام 1947، وسارع إلى السيطرة على الضفة الغربية، كما حاول احتلال أجزاء من الضفة كان من المفترض أن تكون تابعة للدولة اليهودية.

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية خلال حرب الأيام الستة في 1967، ومنذ ذلك الحين وحتى 1993 انقسمت الآراء في إسرائيل إلى موقفين: وجهة نظر حكومة حزب العمل الداعية للتوصل إلى "تسوية إقليمية" مع الأردن، تقضي بإعطاء الأردن معظم الضفة الغربية، خصوصا المناطق التي يسكنها العرب،على أن تحتفظ إسرائيل بمنطقتين أمنيتين: وادي الأردن في الشرق.

وبالإضافة إلى ذلك قبل 18 عاماً كانت فكرة قيام دولة عربية مستقلة جديدة مرفوضة تماماً من جانب غالبية الجمهور الإسرائيلي، وحتى الأردن لم يكن يعتقد طوال السبعينيات والثمانينيات، بأن حل النزاع الأردني - الإسرائيلي يتطلب قيام دولة فلسطينية.

 

كونفيدرالية (أردنية - فلسطينية)

الحل الأول المقترح هنا هو إنشاء مملكة أردنية فيدرالية، تتكون من ثلاث "ولايات": الضفة الشرقية، الضفة الغربية وغزة.

هذه الولايات تكون states بالمفهوم الأمريكي، مثلما هي حال بنسلفانيا أو نيوجيرسي، تتمتع باستقلال داخلي كامل، ولها موازناتها، ومؤسساتها الرسمية، وقوانينها الخاصة، وحاكمها وسائر أشكال الاستقلال. 

ولكن كما هي حال بنسلفانيا ونيوجيرسي فإنها لا تملك أي صلاحية في موضوعين: السياسة الخارجية، والقوات المسلحة، فهاتان السلطتان ستبقيان ضمن صلاحية الحكم (الفيدرالي) في العاصمة عمان، بعد سيطرة "حماس" على غزة.

يؤمن ساسة تل أبيب أنه مازال بالإمكان تحقيق هذا الحل على مرحلتين، بداية في الضفة الغربية، وعندما تنضج الظروف يمكن تطبيقه على غزة، ومن أجل ذلك تجري إسرائيل مفاوضات مع حكومة (فلسطينية-أردنية) مشتركة، كما كان من المفترض أن يحدث في مؤتمر مدريد عام 1991.

 

فوائد حل الفيدرالية الأردنية - الفلسطينية

هذا الحل هو الأفضل بالنسبة للفلسطينيين وللأردن، وبالتأكيد بالنسبة لإسرائيل أيضاً.

بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة من غير المؤيدين لـ"حماس"، فإن هذا الحل هو أفضل من حل "الدولتين لشعبين" وذلك لأربعة أسباب.

لأنه منتج أكثر من أي اتفاق قد تنفذه إسرائيل، فالعديد من الفلسطينيين يرغبون في رؤية نهاية الاحتلال الإسرائيلي، ويفضلون أن يتم ذلك عبر هذا الحل، على حل السلام الإسرائيلي - الفلسطيني الذي من الصعب التوصل إليه في وقت قريب.

إدراك هؤلاء الفلسطينيين أنه في حال قيام دولة فلسطينية وفقاً "لحل الدولتين لشعبين"، فالأرجح أن تسيطر عليها "حماس"، وكثيرون يفضلون العيش تحت السلطة الأردنية، على تحمل الاستبداد الديني لـِ"حماس"، كما يحدث في غزة.

وحده الحل الإسرائيلي – الفلسطيني، سيفرض على الفلسطينيين تقديم تنازلات صعبة مثل التنازل عن حق العودة، والاتفاق على نهاية النزاع، ومن الأسهل مشاركة دولة "الأردن" في تحمل العبء العاطفي المترتب حينها.

يدرك الفلسطينيون أن حل" الدولتين لشعبين" سيحولهم إلى مواطني دولة صغيرة جداً، وغير قابلة للحياة، تخضع لقيود كبيرة في الموضوع الأمني، لذا من الأفضل لهم أن يكونوا مواطنين متساوين في دولة محترمة وكبيرة يشكل فيها الفلسطينيون الغالبية الديموجرافية.

 

 

تبادل مناطق

اقترحت الإدارة الأمريكية على الدول العربية إعطاء إسرائيل مقابلاً لاستعدادها التنازل عن أراض مقابل الاتفاق، ففي نظر هذه الإدارة ليس في مستطاع الفلسطينيين وحدهم دفع الثمن لإسرائيل مقابل التنازلات الكبيرة التي ستقدمها في إطار اتفاق السلام.

والثمن المنتظر تقديمه من الدول العربية هو تحسين علاقاتها مع إسرائيل، وعلى الرغم من أهمية ذلك، فمن الواضح صعوبة "تعويض" خسارة إسرائيل كل مناطق الضفة مقابل بوادر حسن نية.

كما أنه من الصعب موضوعياً، عدم رؤية شوائب حل الدولتين، فمن جهة ستضطر إسرائيل وفلسطين للاكتفاء بدولة صغيرة ومكتظة سكانياً، ومن جهة أخرى ستكونان محاطتين بدول ذات أراض شاسعة.

مع عدد قليل من السكان (الأردن- صحراء سيناء- السعودية)، فالأمر الوحيد الذي تملكه الدول العربية بكثرة وتحتاج إليه إسرائيل وفلسطين بصورة حادة هو الأرض.

فإذا تنازلت هذه الدول عن جزء قليل من الأرض، يمكن إدخال تحسينات كبيرة على وضع إسرائيل والدولة الفلسطينية، ويتناول هذا الفصل كيفية "تكبير الكعكة" بحيث يخرج الجميع رابحين.

 

أسس الاقتراح

تنقل مصر إلى غزة مناطق مساحتها نحو 720 كيلومتراً، وتشمل هذه المنطقة جزءاً من الشريط المبني الممتد على طول 24 كيلومتراً على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غرباً وحتى العريش.

بالاضافة إلى شريط يقع غرب كرم سالم جنوباً، ويمتد على طول الحدود بين إسرائيل ومصر. وتؤدي هذه الزيادة، إلى مضاعفة حجم قطاع غزة البالغ حالياً 365 كيلومتراً نحو ثلاث مرات.

توازي مساحة 720 كيلومتراً حوالي 12 % من أراضي الضفة الغربية، ومقابل هذه الزيادة على أراضي غزة، يتنازل الفلسطينيون عن 12% من أراضي الضفة التي ستضمها إسرائيل إليها.

مقابل الأراضي التي ستعطيها مصر إلى فلسطين ستحصل من إسرائيل على منطقة جنوب غرب النقب، ويمكن أن يصل حجم الأراضي التي ستنقلها إسرائيل إلى مصر إلى 720 كيلومتراً، ويمكن أن تكون أصغر.

 

 

فوائد لإسرائيل في صفقة القرن

سيكون على إسرائيل التنازل عن أمور ملموسة مقابل «تعهدات» فلسطينية بالمحافظة على الهدوء، وهناك تخوف إسرائيلي من خسارة مزدوجة: التنازل عن كل المناطق، وعدم الحصول على الأمن، وثمة خطر كبير من أن تعجز السلطة الفلسطينية عن تقديم المطلوب، أو ترفض تقديمه.

ويختلف الأمر عندما يكون المطروح التوقيع على اتفاق سلام إسرائيلي – أردني، ربما ستضطر إسرائيل إلى المخاطرة بكثير من الأشياء، ولكنها ستكون مخاطرات شبيهة بتلك التي أخذتها على عاتقها عام 1973 عندما وقعت اتفاق السلام مع مصر وتنازلت عن كل سيناء.

إن قيام دولة فلسطينية وفقاً لحل «الدولتين لشعبين» سيبقي غالبية المشكلات في المرمى الدولي، وسيكون من الصعب على الدولة الجديدة أن تستقل اقتصادياً، كما أنها ستنقسم إلى إقليمين (غزة والضفة الغربية)، ولن يكون حل مشكلة اللاجئين قريباً.

والأهم من هذا كله المشكلات بين إسرائيل وفلسطين لن تُحل في اللحظة التي يجري فيها توقيع الاتفاق.

 

الفائدة بالنسبة لفلسطين

غزة في حجمها الحالي غير قابلة للحياة، ولا تملك الحد الأدنى الذي يسمح باستقلالها اقتصادياً، إذ يعيش فيها اليوم مليون ونصف المليون، وسيبلغ عدد سكانها في 2020 مليونين ونصف المليون نسمة.

فمن يصدق أن سكان غزة الحاليين قادرون على العيش برخاء في منطقة غير قابلة للنمو؟، فحتى مرفأ صغير من الصعب بناؤه في غزة لعدم وجود مساحة كافية، أو بسبب الأضرار الكبيرة التي قد يتسبب بها لشواطئ إسرائيل نظراً إلى قربه الشديد منها.

ويخطئ كل من يشبه غزة بسنغافورة، فالتجارة في سنغافورة تعتمد على التجارة الدولية، وعلى المصارف المتطورة وصناعة «الهاي - تك»، أما الاقتصاد في غزة فيقوم على الزراعة والتكنولوجيا البسيطة.

ومقابل تحويل غزة لمكان جذاب ذي قدرة فعلية على التحول إلى مركز للتجارة الدولية في المنطقة، على الفلسطينيين التنازل عن مناطق في الضفة الغربية توجد فيها منذ عشرات السنوات مستوطنات إسرائيلية ومنشآت عسكرية، وهذا تنازل مؤلم، ولكن لا يمكن مقارنته بالفائدة الكبيرة في غزة.

 

الفوائد الاقتصادية لدول الخليج

معظم التجارة بين العراق والسعودية ودول الخليج وأوروبا تجري عبر السفن التي تعبر قناة السويس، أو عبر السفن التي يضطرها حجمها للالتفاف حول إفريقيا.

ولكن بعد تلك الصفقة سيقام مرفأ عصري على شاطئ البحر المتوسط في «غزة الكبرى» يستخدم تكنولوجيا متطورة، مثل تلك المستخدمة في ميناء سنغافورة، وفي حال تشعبت منه شبكة طرق وسكة حديد وأنبوب للنفط.

ولن يأتي تمويل هذا المشروع من الدول التي ستقام فيها البنى التحتية التابعة له، وإنما من الدول الخليجية، فاليوم ينفق العالم ملياري دولار من أجل إطعام الفلسطينيين، ووفقاً لهذا المشروع يمكن استخدام المال في الاستثمار وليس في الاستهلاك.

 

بنود الصفقة

تقام دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة، والمناطق A، وB، وأجزاء من المنطقة C في الضفة الغربية.

أن توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية؛ بما في ذلك المطار، والميناء البحري بغزة، والمناطق الإسكانية والزراعية والصناعية والمدن الجديدة.

وتأجيل البت في وضع القدس وقضية اللاجئين العائدين حتى مفاوضاتٍ لاحقة، وإقامة مفاوضات نهائية تشمل محادثات السلام الإقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة السعودية.

وكشف موقع "ميدل إيست آي" أن عباس التقى بن سلمان خلال زيارته الأخيرة للرياض، التى بدأت في 8 نوفمبر 2017.

وهناك عرض بن سلمان زيادة الدعم المالي السعودي للسلطة الفلسطينية إلى 3 أضعافه تقريباً، أي من 7.5 مليون دولار شهرياً إلى 20 مليون دولار.

وقال بن سلمان لعباس إن التهديد الإيراني للدول العربية خطير، وذكرت مصادر مطلعة على المحادثات أنَّ السعودية في حاجة ماسة لدعم الولايات المتحدة وإسرائيل؛ لمواجهة «نزاعها الوجودي» مع طهران.

 

شرط فلسطيني واحد

قال مسؤول فلسطيني «يعتقد الرئيس عباس أن الخطة ربما تكون مناسبة، فقط إذا أضفنا إليها عبارة (حدود 1967)، ونحن على استعداد لإعطاء إسرائيل الوقت إذا كانت على استعداد لكي تعطينا الأرض».

 

 

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً