كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عن كواليس قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي أعلنه في خطاب تلفزيوني يوم الأربعاء، وقال فيه إن بلاده اعترفت رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل وأنه سيتم نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس.
وقالت الصحيفة إن ترامب استشار أستاذ القانون الشهير، آلان ديرشويتز، خلال لقاء جمعهما في منتجع مارالاجو، مارس الماضي، حول تداعيات نقل السفارة إلي القدس ، حيث نقل ديرشويتز عن ترامب قوله حينها "سأقوم بنقل السفارة، جميع الرؤساء من قبلي تعهدوا بهذا الأمر وخلفوا بوعودهم، أعرف أنني سأواجه انتقادات عنيفة حول هذا القرار، لكني أنوى الالتزام بوعودي".
ووفقاً للصحيفة فقد استعان "ترامب"بمشورة أبرز المؤيدين لتلك الخطوة، مثل نائبه، مايك بينس، وأحد كبار داعميه في حملته الانتخابية، وهو شيلدون أديلسون، إضافة إلى صهره، جاريد كوشنر.
ورغم توقعات الطاقم السياسي الأمني المصغر للرئيس ترامب، والذي عقد جلسة قبل أكثر من أسبوع من إعلان ترامب لمناقشة الموعد النهئي لتجديد الأمر الرئاسي لتأجيل نقل السفارة، بأن ترامب سيوقع على التأجيل مدة ستة شهور، إلا أنه فاجأ بالتصريح برفضه التأجيل، ونيته إصدار أمر بالبدء بعملية نقل السفارة، التي يعلم بطبيعة الحال أنها عملية تستغرق سنوات.
وفي سياق متصل قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن إسرائيل مارست في السنة الأخيرة ضغوطاً شديدة على الإدارة الأميركية للاعتراف بالقدس، ونقل السفارة الأميركية إليها، إلا أن ضغوط منظمات الإنجيليين، التي ينتمي نائب الرئيس، مايكل بنس، إلى صفوفها، قد ساهمت بشكل كبير في قرار ترامب.
وقال "يديعوت" إنه نتنياهو حث ترامب على إعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، من خلال ثلاث محادثات هاتفية بينهما، شدد نتنياهو فيها على "الأهمية التاريخية" لإعلان كهذا، زاعما أن الوضع القائم في القدس لن يتغير.
ووفقاً للصحيفة فإن الضغوط على ترامب شملت حملة قادتها منظمة "My Faith Votes"، التي يترأسها مايك هاكبي، حاكم ولاية أركانسو السابق، ووالد المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة هاكبي ساندرز، وقد طلبت هذه المنظمة من أتباعها إجراء اتصالات مع البيت الأبيض، والضغط عليه للاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
كما أرسلت منظمة إنجيلية أخرى تدعى " American Christian Leaders for Israel " رسالة إلى ترامب تحثه فيها على نقل السفارة.
من جهة أخرى فإن التوقيت جاء في أوج عمل المحقق الخاص، روبرت مولر، الذي يحقق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث أن مستشار ترامب السابق للأمن القومي، مايكل فلين، قد اعترف بأنه كذب على "FBI" بشأن علاقاته مع روسيا. وبالنتيجة فإن الإعلام الأميركي انشغل بقضية القدس وليس بعلاقات ترامب مع الكرملين.
وتابع تقرير "يديعوت أحرونوت" أنه بالرغم من أن ترامب وقع على أمر يؤجل نقل السفارة إلى القدس، ولكن بالنسبة له فإن الإعلان عن الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل هو خطوة أكثر أهمية من نقل السفارة.
وأضاف التقرير أن "أكثر ما كان يهمهم هو إبقاء الأسرة المالكة في السعودية في الصورة. وعليه، فقد توجه مستشار وصهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، قبل نحو أسبوعين إلى السعودية، وتحدث لساعات طويلة مع ولي العهد، محمد بن سلمان.
وتلاقي المصالح ولعبة القوى بين واشنطن والرياض، أتاحت لترامب الحفاظ على هدوء نسبي في هذه الجبهة. ورغم أن الردود الرسمية في السعودية كانت ضد الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، إلا أنها لم تتجاوز الحدود، وفقاً لقول الصحيفة.
وأشار التقرير إلى أن واشنطن كانت تأمل أن تتمكن الرياض من تخفيف غضب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وإعطاء الفلسطينيين بارقة أمل، ولذلك فإن بن سلمان عرض، قبل أسبوعين، على عباس، الخطوط العريضة لخطة السلام الأميركية لحل الصراع، بيد أنه ليس من الواضح ما إذا كان عباس قد اقتنع بجدية نوايا ترامب.
ويتضح أن السعودية لم تكن وحدها في الصورة، حيث أنه وفقاً لمسؤول كبير في واشنطن، فقد تم إطلاع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على خطة ترامب قبل عشرة أيام، والتي تضمنت التوقيع على أمر تأجيل نقل السفارة لمدة ستة شهور أخرى، والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.
وأشار التقرير، نقلا عن مسؤول في واشنطن مطلع على التفاصيل، إلى أنه في الأيام الثلاثة الأخيرة التي سبقت الإعلان، وصلت رسائل عاجلة إلى البيت الأبيض من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا في وفي العالم العربي، حيث حاولت هذه الدولة "التأثير على ترامب لكي يدخل إلى خطابه فقرات تمنح الفلسطينيين الأمل".
وجاء أنهم طلبوا من ترامب أن "يشدد في خطابه على أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية، أو أن يعرض خطته لاتفاق سلام، ويعلن بشكل صارم نيته الدفع بحل الدولتين".