هل فكرت يوما كيف يفكر الشيطان؟
سؤال عميق.. "ولا عميق ولا حاجة" فقط أنت لم تفكر فيه من قبل.
الشيطان فقد صوابه وأصابته الغيرة ودب في قلبه الحقد والحسد لما خلق الله سيدنا آدم واصطفاه وفضله، ظانًّا أن تركيبتَه، وطبيعته الخَلقية، أعلى من تركيبة وطبيعة سيدنا آدم، {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]، ومن ساعتها أقسم الشيطان أنه سيكرس نفسه لإغواء آدم وبنيه إلى أن تقوم الساعة { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ } [ص: 82،83]، طالبًا من الله العزيز القدير أن يكون من المنظرين {قال أنظرني إلى يوم يبعثون} [الأعراف: 14].
من هنا يبدأ حديثي، هل الشيطان قادر على الأنسان؟ بالطبع لا.. أخلص لله ولن يستطيع الشيطان أن يقترب منك.
واعلم أن الشيطان لا يوالي من يواليه، بل يتبرأ منه، هذا هو ما سيعمله الشيطان مع من سيتبعه، { كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ } [الحشر: 16]، فيطمعهم الشيطان فى ملك من ملكوت الله، ويغويهم ويزين لهم المعطية كما فعل ما آدم وحواء { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِين } [الأعراف: 21]، فيعتقدون أن بإمكانه أن يعطيهم، ويغيب عنهم أنه نفسه لا يقدر على أن يعطى نفسَه شيئًا، بل لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
إن أول من يتخلى عنهم الشيطان هو أتباعه، حتى يتمكن من خداع غيرهم، وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من الشيطان حتى لا ينخدع بكيده منخدع، وأخبرنا عن حقيقة الشيطان ومصير من أطاعوه، وندمهم هذا بعد فوات الأوان { ألَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يبَنِى ءادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشَّيطَـانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [يس: 60]. ولكن انتصحنا من هذا التحذير الرباني؟
وأخيرا أترككم الآن مع خطبة الشيطان بعد أن أحاطت به نار جهنم يوم اللقاء العظيم، ليفهم كل من أطاع الشيطان من هو ومن هؤلاء، ووحتى يتعظ كل من كان في غفلة من هذا الحديث من علم الغيب الذى كرم الله به بنى آدم {وَقَالَ الشَّيْطَان لَمَّا قُضِيَ الْأَمْر إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ وَعْد الْحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِى عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَان إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْت بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْل إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم} [إبراهيم: 22].
تحياتى لحضراتكم، ونتمنى لكل من يتبع الشيطان أن يفهم كيف يفكر هذا الغوي المبين، حتى يتمكن من إنقاذ نفسه قبل فوات الأوان.