بنبرة هادئة، فقط نريد أن نعرف حقيقة وملابسات القضية، لا نتهم حكومتكم بقتله، لكننا نتعرض لضغوط شديدة... هكذا ردت الخارجية الإيطالية على الوفد الشعبي المصري الذي يزور حالياً روما والفاتيكان، لتحسين العلاقات بين البلدين خاصة بعد تعرضها لهزة كادت أن تعصف بها على خلفية مقتل الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني" على الأراضي المصرية.
رد الخارجية الإيطالية هذا جاء على لسان "جوزيبي بيروني" نائب وزيرها لشؤون الشرق الأوسط، مشددًا على أن العلاقات بين البلدين تتسم بالقوة.
الخارجية الإيطالية: سيتم تخطي الأزمة الحالية مع مصر
أما التصريح الذي يجب الوقوف أمامه طويلاً هو تأكيدات بيروني بأن الأزمة الحالية بين مصر وإيطاليا سيتم تخطيها كما يحدث مع جميع الأزمات التي يتعرض لها الأصدقاء.
تغير جذري في مسار الأزمة بين البلدين
التصريحات الإيطالية للوفد الشعبي المصري تحمل الكثير من الدلالات والإشارات الإيجابية وهو ما يعكس تغيرًا جذرياً في إتجاهها الذي بدأت به من تصعيد في مواجهة القاهرة، والمتمثل في مطالبة روما الاتحاد الأوروبي بفتح تحقيق دولي فيما يتعلق بمقتل مواطنها ريجيني في مصر.
إيطاليا تبرر تراجع تصعيدها ضد مصر إلى التقارير الحقوقية المغلوطة
أما شكل ومضمون التغيير في اللهجة الإيطالية التي تخاطب بها مصر استندت فيه على أنها كانت قد تلقت تقارير من منظمات حقوقية عالمية حول الأوضاع في مصر وعدد السجناء بها بنت عليها مبرراتها في التصعيد ضد القاهرة.
أما على صعيد التعاون الفعلي بين البلدين على الأرض فقد تم الإتفاق بين وفد الدبلوماسية الشعبية وعدد من الدبلوماسيين الإيطاليين والوزراء السابقين ومعهد ايزاميدا الإيطالي لشؤون أسيرا والبحر المتوسط على إنشاء لجنة حكماء مصرية إيطالية غير رسمية، للعمل على دفع العلاقات الثنائية وتخطي أزمة مقتل الطالب "جوليو ريجيني" وتداعياتها السياسية على الأوضاع في مصر.
إيطاليا ضغطت بورقة ريجيني ومصر لوحت بنفوذها لدى ليبيا
الملفت في هذا الموضوع كما يراه كثير من المحللين هو نجاح الدبلوماسية الشعبية في تحقيق مالم تتمكن الرسمية من الوصول إليه، وهو ما يعني بحسب رأيهم أن إيطاليا خططت لذلك حتى يمكنها التنصل من أي اتفاق مع الوفد الشعبي كونه ليس جهة رسمية تمثل الدولة المصرية، وذلك من أجل تحقيق هدفين أولهما الضغط على القاهرة للتعاون مع روما في الخروج الآمن من ليبيا وفق رؤيتها ولتحقيق مزيد من الاستقرار والدعم للحكومة الليبية الجديدة التي تحظى بتأييد الأمم المتحدة حتى تهنأ إيطاليا بنوم هادئ من خلال القضاء على أزمة المهاجرين غير الشرعيين عبر السواحل الليبية، ومن ثم تأمين إمدادات النفط والغاز الليبي إليها، ناهيك عن الحصول على مساعدة مصرية في التخلص من كابوس داعش في ليبيا، وأخيراً تكون قد تخلصت من ضغوط أسرة الباحث "جيلو ريجيني" والرأي العام هناك عبر طريقة تكون مرضية لهم بالكشف عن ملابسات الحادث ومنفذيه، لتكون إيطاليا قد لعبت بجميع أوراقها مستفيدة بقضية ريجيني، فيما استطاعت القاهرة الاستفادة والضغط بقوة عبر ورقة نفوذها القوي بليبيا في مواجهة إيطاليا، لتثبت نظرية تمكنها من مد أذرعها في أي وقت وحين لدى دول الجوار القريب والبعيد.