"اللي عايز يتعلم مفيش حاجة هتمنعه"..طفل يستكمل "مذاكرته" فى الشارع

في أحد الشوارع الجانبية "ميدان التحرير"، خلف وأمام أعين أعضاء مجلس النواب، بينما وأنا أسير مسرعة لفت انتباهي "طفلًا" يرتدي زيًا مدرسيًا، يجلس في الشارع على كرسي، مركزًا نظره في كتابه الذي وضعه على ركبتيه لآداء واجباته المدرسية، كان ذلك قبيل المغرب في البرد القارس.

هذا المشهد العجيب، جعلني أتوقف برهة من الوقت ناظرًة بإعجاب إلى هذا الطفل، وتقدمت إليه بينما هو مستمرًا في الإنكباب على وجهه لحين الإنتهاء من واجباته المدرسية، سألته ما إسمك؟، فخطفني نظرة سريعة إلي ابتسامة البريئة، وردد قائلًا: "محمد" الذي لا يتجاوز عمره 7 سنوات بالصف الأول الإبتدائي، ثم عاد ثانية للنظر في الكتاب لاستكمال واجباته الدراسية، وإلى جانب "محمد"ـ تتواجد ترابيزة خشبية عليها عدد كبير من "كبايات الشاي"، وعلى الأرض يوجد "بابور نار" تقوم سيدة بغلي المياه عليه لعمل الشاي للمارة.

والدة "محمد" قدمت له في مدرسة عابدين، بالقرب من مكان مصدر رزقها، فعندما ينتهي يوم الدراسة يأتي إلى والدته ويقوم وحده بمذاكرة دروسه في الشارع بينما تقُدم والدته الشاي للمارة.

"أم محمد" قاربت على الانتهاء من عقدها الرابع، لديها 4 من الأولاد في مختلف المراحل التعليمية، وتستأجر شقة بمبلغ 600 جنيه شهريًا، في منطقة المطرية بمحافظة الجيزة، وزوجها يعمل مندوب للشرطة في الإسماعيلية، وتقوم بمساعدته في زيادة الدخل للقدرة على تلبية متطلبات أبنائها، لذلك تفترش الشارع وتعمل الشاي للمارة، قائلة: "شغلانتي دي مش بتجيب ثمن الإيجار".

27 عامًا مرت على "أم محمد"، وهي في هذا المكان وتمارس هذا العمل، ولا تحبذ أن يترك أولادها التعليم من أجل مساعدتها في مصاريف البيت، بل أن لديها أولاد في الثانوية العامة ويأخذون دروسًا خصوصية بأسعار باهظة، ورغم هذا تعيش "أم محمد"، راضية بما قسمه الله لها، لكن البلدية تلاحقها كل يومين لمصادرة "عدة الشغل"، فتسرع هي في شراء غيرها حتى لا يتوقف عملها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً