تطورات متسارعة مر بها اليمن، خلال الأسبوعين الأخيرين، انتهت باغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبدالـله صالح، والرقم الأهم في المعادلة اليمنية المعقدة بفعل تداخل الأطراف.
وبينما ينقلب المشهد في اليمن من النقيض للنقيض، يبدو الصمت السعودي غريباً، والأكثر إثارة هو مواصلة المملكة التي توافقت مع الإمارات في مواقف سابقة اختلفت معها في اليمن.
وفي السياق، كشفت مجلة فورين بوليسي، عن تقرير سري للجنة الخبراء في مجلس الأمن الدولي عن التحركات الإماراتية في اليمن، وأكد أن أبوظبي تمزق جهود السعودية، وتدعم ميليشيات سلفية تحت قيادة أبوالعباس في تعز، الذي رفض وضع قواته تحت قيادة الأركان اليمنية، وفقا للصحيفة.
وأضافت المجلة أنه في الوقت نفسه، مولت الإمارات ودربت العديد من قوات الأمن المحلية، بما في ذلك قوات الحزام الأمني وقوة النخبة الحضرمية، التي أنشئت لتتحدى تنظيم القاعدة في اليمن.
وأكدت المجلة أن سلطة الحكومة الشرعية تواجه تحديًا بسبب انتشار جماعات الميليشيات التي يتلقى كثير منها تمويلا مباشرا ومساعدات من الامارات، مضيفةً أن «استخدام قوات وكيلة، تعمل خارج هيكل هرمي حكومي، يخلق فجوة في المساءلة عن الانتهاكات الكبيرة».
ماذا تريد الإمارات؟
وفيما يتعلق بالإمارات، تبدو هي الطرف الوحيد الذي يعرف ما يريد تحديدا في اليمن، ولديها تعريف دقيق للعدو والصديق والحليف.
ويمكن تحديد مصالحها في اليمن فيما يلي:
أولا: ضمان بقاء ثابت ومستدام للنفوذ الإماراتي على باب المندب، الممر المائي الاستراتيجي.
وهو هدف عسكري واقتصادي واسع وشديد الجدية، ولن تساوم عليه أبوظبي، خاصة في ظل التنسيق الواضح مع مصر والضوء الأخضر الأمريكي، وهو يتطلب العمل على جانبي المضيق في اليمن وفي القرن الإفريقي.
وفي اليمن سيكون على الإمارات ضمان أن أية سلطة مستقبلية في الجنوب ستكون موالية لها، كما أنها ستسعى لتعزيز تواجدها في جزيرتي سقطرى وميون اليمنيتين، اللتين تتحكمان في مضيق باب المندب.
وفي هذا السياق، يجب الإشارة إلى أن الإمارات تضع القرصنة البحرية ضمن التهديدات المحتملة لأمن البلاد، وهو أحد أسباب حرص آل نهيان على أمن باب المندب، بالإضافة إلى طموح أبوظبي في بناء نفوذ إقليمي، يفوق في حقيقة الأمر قدراتها الجيوسياسية، مستغلة غفلة وارتباك السعودية، وانشغالا مصريا أكثر داخليا.
ثانيا: مواجهة النفوذ الإيراني ومنع أن تتحول اليمن لقاعدة خلفية لإيران تهدد أمن الإمارات، كما أن ذلك يتصل بالعامل الأول حيث لن تكون الإمارات مطمئنة لأي نفوذ إيراني على باب المندب.
ثالثا: ضمان عدم وجود دور مستقبلي مؤثر لحزب "التجمع اليمني للإصلاح"، وذلك ضمن التقدير الإماراتي العام لخطورة عودة "جماعة الإخوان" إقليميا لممارسة دور في توجيه السياسة بالمنطقة.
رابعاً: القضاء على تنظيم «القاعدة» في اليمن كونه أيضا يمثل تهديدا مباشرا من وجهة النظر الإماراتية
نقلا عن العدد الورقي.