رسائل "علي عبدالعال" بالجلسة الطارئة للاتحاد البرلماني العربي

ألقى الدكتور علي عبدالعال كلمة خلال مشاركته بالجلسة الطارئة للاتحاد البرلمانى العربى التي عقدت اليوم الخميس 14 ديسمبر 2017، فى العاصمة المغربية الرباط، لمناقشة تداعيات القرار الأمريكي الآخير، حول القدس وآليات التصدي له، فيما يلي نصها:

"أود في البداية أن اتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى المملكة المغربية الشقيقة وإلى جلالة الملك محمد السادس والشعب المغربي على حسن الاستقبال وكرم الضيافة.

كما يطيب لي أن أعبر عن خالص تقديري إلى معالي الأخ الحبيب المالكي رئيس الاتحاد البرلماني العربي والسيد الأمين العام للاتحاد على حسن تنظيم هذا الاجتماع الذي ينعقد في هذه اللحظات الدقيقة والصعبة والمأساوية التي يمر بها الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية.

واسمحوا لي أيضا أن أنقل لكم صورة الشعب المصري عشية قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، إن مصر بكافة أطيافها تشعر بالألم والحزن والمرارة، فأكبر دولة في العالم واحد شركاء السلام تستهين بمشاعر ملايين المسلمين والمسيحيين حول العالم والمعلقة قلوبهم بالمسجد الأقصى مسرى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وثالث الحرمين الذى يشد إليه المسلم الرحال بعد الحرم المكي والحرم النبوي في المدينة المنورة.

لقد استهانت الولايات المتحدة بتحذيرات القادة والزعماء العرب الذين رفضوا هذا الإجراء وحذروا من تبعاته ونقلوا لها صوت شعوبهم الرافض ورغم ذلك صمت آذانها عن سماع أصوات الشعوب وانتهكت الحق الفلسطيني وخرقت التعهدات الدولية والقرارات الأممية الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

نحن أمام ظرف تاريخي استثنائي يحتم علينا أن نتحمل مسئولياتنا أمام شعوبنا التي أولتنا ثقتها، لنكون صوتها ولسان حالها، والمعبرين عن مواقفها بكل صدق وأمانة.

وهنا أجد لزامًا على، أن أعلن بكل قوة إدانة الشعب المصرى هذا القرار الأمريكي اللامسئول ورفضه أية تداعيات أو آثار قد تترتب عليه، وتضامنه الكامل مع الشعب والقيادة في فلسطين، ودعمه لكافة المواقف العربية والإسلامية والدولية الرافضة لهذا القرار، والرامية لإبطال مفعول هذا القرار وإلغائه.

كما أدعو منظمة الأمم المتحدة وكافة المنظمات والتجمعات البرلمانية والإقليمية، وبرلمانات العالم الحر للتدخل العاجل والفعال ضد هذا القرار، انتصارًا لقيم الحق والإنسانية، وإعلاء لمبادئ القانون والعدالة، حفاظًا على السلم والأمن الإقليميين والدوليين، وبترا لكافة حجج الإرهابيين الذين يستغلون هذه الظروف للترويج لمنهجهم المتطرف، واستقطاب مؤيدين ومناصرين لهم.

ولسنا فى حاجة اليوم لإعادة تذكير بالقرارات العديدة الصادرة من مجلس الأمن فى هذا الشأن، فالكل يعلمها ويحفظها عن ظهر قلب.

لقد أدانت مصر كل مظاهر تهويد القدس، والانتهاكات غير المسبوقة التي تتم ضد المسجد الأقصى، ومحاولة تغيير الوضع التاريخي الثابت للمقدسات الإسلامية، وهو ما أيدته منظمة اليونيسكو التي اعتبرت أن إسرائيل-السلطة القائمة بالاحتلال - ليس لها أي سيادة قانونية على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، كما قررت لجنة التراث العالمي في اليونسكو تسجيل "مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي الشريف" على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، وشكّل القراران دعمًا كبيرًا من المجتمع الدولي للشعب الفلسطيني في سعيه إلى المحافظة على هويته وتراثه الحضاري أمام الاعتداءات المتكررة ومحاولات الطمس التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي.

لم تقف مصر مع الحق الفلسطيني فحسب، بل دفعت من أرواح أبنائها فى الجيش والشرطة والمدنيين الأبرياء ثمن الإرهاب والتطرف الذى يتغذى على تلك التصرفات العاصفة بقيمة وروح العدالة، فكل الجماعات الإرهابية تتاجر بالقضية، وتجند الشباب تحت زعم تحرير القدس، وهو ما يؤثر على فرص إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

إن مصر ملتزمة بمبادرة السلام العربية كما طُرحت في قمة بيروت عام 2002، وتعتبر أن السلام العادل والشامل خيار إستراتيجي، وأن الشرط المسبق لتحقيقه هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكامل الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتُلت عام 1967، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرّف، بما فيها حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة.

وعلى الولايات المتحدة تحمل مسؤولياتها تجاه أمن وسلامة العالم والتراجع عن ذلك القرار الاستفزازي بما يحفظ استقرار المنطقة وتطبيق الشرعية الدولية فيما يتعلق بوضع القدس.

إن الحدث الخطير الذي نحن بصدده اليوم، يحتم علينا أن ننظر لواقعنا بتأمل وصدق مع النفس، أليس ما تعانيه أمتنا العربية والإسلامية من انتهاكات لحقوقها وسيادتها نتيجة مباشرة لحالة التشرذم والتفسخ الطائفي والمذهبي والسياسي والاقتصادي...إلخ من صنوف الانقسام والتبعثر؟، هل نستفيق ونسترد الوعي قبل فوات الأوان.. قبل أن يندم الجميع يوم لا ينفع فيه الندم؟ ها هي القدس اليوم تتعرض لخطر كبير آخر، لا يقل عن كارثة احتلالها عام 1967، ولم يكن لهذا أن يحدث لو كانت إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن العرب والمسلمين على قلب رجل واحد.

فلعل المحنة الكبيرة التي نواجهها اليوم تكون بداية لمرحلة جديدة من تاريخ أمتنا، نسترد فيها الوعي والوحدة، ومعهما الكرامة والسيادة.

وفي ختام كلمتي، أنقل رسالة الشعب المصري لحضراتكم ولإخوانهم في فلسطين وخاصة القدس الشريف:

"رغم كل الظروف، وكل ما يحدث من انتهاكات بحق الشعب الفلسطيني الشقيق، ستظل القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين والشرفاء الأولى، ولن يغير هذا القرار أو غيره من حقيقة أن القدس عاصمة فلسطين، وهي أرض محتلة يجب أن تعود إلى سيادة أصحابها الفلسطينيين مهما طال الزمن.. نحن معكم، ندعم صمودكم وثباتكم، أنتم حُماةِ المدينة المقدسة، وشعاع الأمل وضمانة الانتصار، ومهما بلغ حجم المحاولات والمخططات، ستبقى القدس عربية القلب والوجدان والروح واللسان".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الحكومة تكشف حقيقة خصم 2% من قيمة المعاشات بدءا من نوفمبر 2024