في أسفل الأرض، قطعت إسرائيل شوطاً كبيراً في تنفيذ أخطر مخططاتها التهويدية لمدينة القدس المحتلة، وما بات يعرف باسم «القدس 2020»؛ إذ تمكنت في خلال السنوات الثماني الماضية من فرض الكثير من الوقائع على الأرض، التي باتت تهدد مكانة ووجود المدينة المقدسة بأكملها.
ثلاث سنوات متبقية فقط ويكتمل الحلم الإسرائيلي الكبير، بعد تنفيذ مخططات خطرة بدأت بتوسيع الحدود البلدية للقدس باتجاه الضفة الغربية المحتلة، مروراً بسياسة تهجير الفلسطينيين من مدينتهم ومنازلهم، وصولاً للقرارات العنصرية التي تصب جلها في صالح المخطط الإسرائيلي للاستيلاء على المدينة المقدسة.
ما هو مشروع «القدس 2020»؟
هو حلم الإسرائيليين بإعلان المدينة عاصمة للشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم، ويعد الأخطر على القدس وسكانها من الفلسطينيين، ويهدف إلى تخفيض النسبة السكانية العربية لما بين 10 و12%، وتهجير المواطنين المسلمين والمسيحيين.
وفي حال إتمام الخطة، ستعادل مساحة «القدس الكبرى» 10% من مساحة الضفة الغربية، أي نحو 600 كيلومتر مربع، وبذلك سيتم شطب الحدود الدولية للمدينة، وطمس شرق القدس التي بلغت مساحتها عند احتلالها عام 1967 نحو 72 كيلومتراً، وستقتصر المساحة المتبقية للفلسطينيين على 9.5 كيلومتر مربع.
ومن المتوقع أن يسكن «القدس الكبرى» قرابة المليون يهودي، بينما سيقتصر الوجود الفلسطيني على مئة ألف نسمة، سيتم تجميعهم ضمن «كانتونات» وفق خطط الاحتلال.
ولتثبيت مخطط «عاصمة الشعب اليهودي» فإن الحكومة ماضية في مشروع شبكة المواصلات والطرقات لربط القدس ليس بأواسط إسرائيل والساحل وإنما الضفة والمستوطنات.
الشيخ محمد حسين، مفتي القدس والديار الفلسطينية، وصف هذا المشروع بأنه «اخطبوط» إسرائيلي كبير وخطير يسير نحو مدينة القدس المحتلة لتهويدها ونزع الطابع الإسلامي عنها، وتغليفها بطابع يهودي متطرف جديد.
وأكدت صحيفة الاندبندت البريطانية أن مشروع «القدس 2020»، من أخطر المشاريع التهويدية الإسرائيلية، التي باتت الآن تُحيط بمدينة القدس بأكملها، وسنوات قليلة وقد ينتهي الاحتلال من هذا المشروع ويفرض سياسة الأمر الواقع على المدينة المقدسة.
وأوضحت أن الاحتلال يعمل ليل نهار وداخل الغرف المظلمة من أجل استكمال «الحلم الإسرائيلي» الكبير بالسيطرة على القدس بكافة معالمها الإسلامية والمسيحية، وهذا الحلم إن تحقق ستكون له ردات فعل خطيرة وستقلب المنطقة وتشعلها بشكل كامل.
وذكرت الصحيفة أن مفتي القدس والديار الفلسطينية قال ان الفلسطينيين بكل مؤسساتهم وفصائلهم وانتماءاتهم لن يسمحوا للاحتلال بتنفيذ هذا المشروع الأخطر على مدينة القدس، وسيقاومون بكل قوة وشراسة من أجل الدفاع عن المقدسات الإسلامية داخل الأراضي الفلسطينية.
وتساءلت «هل القدس للفلسطينيين وحدهم فقط؟»، مناشداً الدول العربية والإسلامية «حكاماً وشعوباً» بالتحرك قبل فوات الأوان وسرقة الاحتلال لمدينة القدس، وأخذ كل السبل والطرق لمنع الاحتلال من تنفيذ هذا المشروع الخطير.
ضياع القدس وسرقة أراضيها
انتهت الخطوات الأولى للمشروع التهويدي قبل سنوات حين شرع الاحتلال بتشييد جدار فاصل حول شرق القدس لضم ما مساحته قرابة 230 كيلومتراً مربعاً يسكنه 150 ألف مستوطن، وبالتالي عزل نحو 250 ألف مقدسي عن المدينة.
وضمن توسيع نفوذ القدس، أنجزت الحكومة الإسرائيلية مخططات لبناء نحو ستين ألف وحدة استيطانية، نحو 85% منها ستبنى في شرق القدس لتضاف إلى عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية التي أقيمت بالمدينة منذ الاحتلال، لتكون بيئة جذابة لليهود الذين شيدوا سبعين بؤرة استيطانية بقلب الأحياء السكنية الفلسطينية.
ومن المتوقع أن يصل تعداد الوحدات الاستيطانية بالقدس الشرقية بحلول عام 2020 إلى نحو 130 ألف وحدة سكنية، علماً بأن الفلسطينيين يتملكون اليوم أربعين ألف وحدة سكنية، ثلثها يقطنه مئة ألف نسمة، وصدر بحقها أوامر هدم وإخلاء بذريعة البناء دون تراخيص.
وتقتصر مساحة الأرض المتبقية للمقدسيين لأغراض البناء على قرابة 13% من مساحة المدينة الشرقية، التي ضمت بعد الاحتلال، بينما وُظفت 33% من مساحة أراضيها للمشروع الاستيطاني.
ولضمان نجاح المخطط، دأبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تفريغ القدس من سكانها الفلسطينيين بسحب الإقامة من حوالي 15 ألف عائلة، قوام أفرادها يبلغ 50 ألفاً، بينما أتى مشروع الجدار الفاصل ليسلخ نحو 150 ألفاً، وكذلك المعابر العسكرية التي تسببت بعزل 70 ألف مقدسي عن المدينة.
وأضافت في مخططها خلال السنوات الأخيرة تكثيف أعمال تجريف وبناء للمستوطنات وجدار الفصل العنصري وتهجير المقدسيين من منازلهم، وبناء الكنس ومراكز التوراتية في البلدة القديمة، حاول الاحتلال طمس الهوية الفلسطينية والإسلامية للمدينة، وتزييف كل آثارها ومعالمها التاريخية ليعطيها الطابع اليهودي.
والهدف الإسرائيلي الثالث يكمن في السيطرة الكاملة على مدينة القدس المحتلة مما يشجع على فتح باب المشاريع الاقتصادية والتطورية للاحتلال.
نقلا عن العدد الورقي.