أكد البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن مصر تخوض معركة كبرى ضد الإرهاب ومعركة أخرى من أجل البناء والتنمية، وأنه يؤمن بأن الله قادر على رفع كل الشرور عن العباد وعن البلاد، وأنه يشكر الله على سلامة المسئولين الذين تواجدوا أثناء وقوع الحادث الإرهابى الذى استهدف مطار العريش أمس، متمنيا لهم دوام الصحة والتوفيق فيما فيه صالح بلادنا.
جاء ذلك خلال العظة الأسبوعية للبابا تواضروس الثانى مساء اليوم الأربعاء، بحضور مجموعة من أساقفة المجمع المقدس والكهنة، وذلك بكنيسة رئيس الملائكة الجليل ميخائيل والأنبا بيشوى ببيت الكرمة بكينج مريوط بالإسكندرية.
وقرأ البابا تواضروس - فى بداية كلمته - جزاء من الرسالة الأولى للقديس بولس الرسول لأهل تسالونيكي، موضحا أن هذه الرسالة تخص الحياة بشكل عام وتخاطب كافة الأعمار مقدمة 15 فضيلة يجب أن يتحلى بها الإنسان، وهى تشبع عقد اللؤلؤ، وأن هذه الفضائل تبدأ بالسلام.
وأضاف أن الرسالة تركز أيضا على ضرورة الامتناع عن كل"شبه شر"، لافتا إلى أن مسيرة التكامل فى حياة الإنسان تتميز بالسمو فى طلب الوصول إلى الفضائل الروحية، وأن المطالبة بالبعد عن "شبه الشر" يقى الإنسان من الوقوع فى الخطأ.
وقال البابا تواضروس إن من السمات الروحية للإنسان عدم التردد فى اتخاذ القرارات خاصة لو كان فى موقع المسئولية، وعكس ذلك الإنسان الثابت الذى يدرس الأمور من كافة الجوانب حتى يرتكز فى اتخاذ قراره على أمور عقلية ومنطقية، منوها إلى أن التردد هو شكل من أشكال "شبه الشر" لأنه قد يقود الإنسان إلى الكسل فى الحياة الروحية.
وأشار بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية إلى أن من الصور الأخرى لـ"شبه الشر"، هو الإهدار، خاصة فيما يتعلق بالوقت، فالوقت هو عطية إلهية لا تتوالد ولا تتمدد وهو أيضًا عطية لا تتوقف ولا ترجع إلى الوراء، إلاً فى ذهن الإنسان، مطالبا الجميع أن يهتموا بوقتهم وفى كل التفاصيل، وأن يكون الإنسان حريصًا على ألاً يضيع وقته فيما لا يفيد، وأنه على الإنسان أن يقدر هذه النعمة التى منحها الله للجميع فى إفادة نفسه وكل من حوله.
وتابع قائلا: إن إهدار المال أيضا من أشكال "شبه الشر" التى يجب أن يبتعد عنها الإنسان، لافتًا إلى أن المال منحة وعطية من عند الله يختبر بها معدن الإنسان، وأن استخدام المال بصورة حسنة أمر هام، والوفرة لا تعنى التبذير ولكن يجب أن يتحلى الشخص بالحكمة عند إنفاق أمواله.
وأكد البابا تواضروس أن من أشكال "شبه الشر" أيضا "إهدار نعم الله" مثل المياه والمأكولات، وأن بعض بلدان العالم لا يوجد بها أنهار ومياه ويضطرون إلى استيرادها من الخارج، مشددا على أن إهدار المياه بأى شكل أمر بالغ الخطورة ويجب أن نعلم أولادنا ضرورة عدم إهدار المياه، وأنه يوجد مليار إنسان على وجه الأرض لا يجدون كوب ماء للشرب، وكذلك يوجد العديد من البشر يصرفون فى استخدام الطعام فى الوقت الذى يأكل البعض فيه من صناديق القمامة، بينما تعانى بعض الدول من المجاعات، وأن "إهدار الطاقة" من الأمور التى يجب أن نكون حريصين على قيمتها، وأن الإهدار يؤدى إلى شر وإلى مجاعة وإلى انحراف وإلى أمور سيئة بشكل عام.
ونوه البابا إلى أن "الإهمال" أيضا من أشكال "شبه الشر"، فيجب على كل إنسان أن يكون مدقق فى عمله، وفى تربية أبنائه، وفى كل ما يمتد إليه يد الإنسان، وكذلك إهمال العلاقات الاجتماعية، إلى جانب إهمال تقدير الآخرين، وعدم زيارة المرضى، ويطلق على الإهمال هو "آفة الحياة الروحية"، كذلك إهمال النظافة فى الشارع والمنزل والعمل وكل مكان نستخدمه، فنظافة المكان تجعل الإنسان يشعر بالراحة.
وتابع قائلا: إن الانشغال الزائد من ضمن صور "شبه الشر"، مؤكدا أن هناك بعض الأشخاص الذين يعملون أكثر من اللازم، حتى أن بعض البلدان فى الخارج أصبحوا يطلقون على شخص ما أنه "مدمن عمل"، وهذه المشكلة تجعل الإنسان يهمل أسرته وأبنائه وحياته الروحية وحتى حياة الشخصية فلا يجد وقت للتنزه أو التأمل أو أى شئ آخر، فالانشغال الزائد أحيانا يكون مقدمة لشرور أخرى، موضحًا أن "العشوائية" من صور "شبه الشر"، وأن حياة النظام تمنح الإنسان النجاح.