قبلات وأحضان تشوه المزار.. "كورنيش الإسكندرية" يصرخ أمام "الجنايات" (صور)

تحوّل كورنيش الإسكندرية الذي يعتبر مزارا سكندريا في حد ذاته، إذ يكثر عليه الناس صيفًا وشتاءً من أهالي الثغر والزوار للتمتع بمناظر البحر الأبيض المتوسط الساحرة، إلى ساحة لممارسة الأعمال المنافية للآداب في وضح النهار، في غياب تام للأجهزة الأمنية.

فما أن تذهب إلى الكورنيش، خاصة في وقت الظهيرة، إلا وتشاهد الشباب في أوضاع مخلة يجعلونك تشعر بأنك في غرفة نوم مغلقة لا ينقصها سوى اللمبة الحمراء، في مشهد مؤسف منافي للآداب والقيم المجتمعية والأخلاقية.

ولم تقتصر ظاهرة العشاق والحبيبة علي كبار الشباب والعاطلين، بل طالت أيضا الشباب الصغير وطلاب المدارس، خاصةً بشواطئ العجمي والمنتزه والمعمورة والعصافرة وسيدي بشر ومحطة الرمل وبحري.

"أهل مصر" رصدت شبابا يمارسون الأعمال المنافية على شاطئ الكورنيش، وبالتحديد أمام محكمة جنايات الإسكندرية بمنطقة المنشية، وسط المدينة، أمام أعين أجهزة الأمن، متخذين من الصخور مخبأ لهم ليتواروا عن الأنظار؛ ليتمكن كل منهما من إشباع رغبته الحيوانية التي جاء من أجلها.

محمود مرشدي، أحد سكان منطقة المندرة، يقول إن ظاهرة العشاق والحبيبة انتشرت بشكل كبير على كورنيش الإسكندرية وكذلك المقاهي والكافيتريات خاصة في المناطق القريبة من مجمع الكليات مثل المنشية ومحطة الرمل والأزاريطة.

وأضاف أحد سكان المندرة، أن المقاهي والكافيتريات تشهد انتشار الشباب برفقة الفتيات، خاصة في الفترة الصباحية، بعد تسربهم من الكليات وتغبهم عن محاضراتهم دون علم أسرهم، ويجلسون يدخنون "السجائر والشيشية" ويلعبون "الطاولة والدومينو"، كما تذهب الفتيات إلى الكورنيش مع أصدقائهن وأصحاب النفوس الضعيفة من الشباب الذين يُحرضون الطلاب والقُصّر، ويقعون بعد ذلك في الرذيلة، مما يؤدي إلى انتشار ظاهرة الزواج العرفي وحمل الطالبات.

وأرجع مرشدي، سبب انتشار الظاهرة إلى عدم وجود وازع ديني حيث يعاني الشباب من فراغ ديني و"يُتْم معنوي" نتيجة غياب دور الأسرة؛ فالأم مشغولة دائما في أعمال المنزل والأب مشغول في العمل الأساسي وعمل إضافي ولا يعلم شيئا عن أبنائه، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في انتشار تلك الظاهرة.

وشدد على أنه لا بد من عودة دور المدرسة ودور المسجد المفتقر حاليا، مطالبا وزارة الأوقاف والأزهر توعية الشباب من خلال ما يسمى بتجديد الخطاب الديني، والتوعية الدينية من خلال المنابر في خطبة الجمعة.

وقال محمد توفيق، المنسق العام للمركز القومي لمكافحة الفساد والإرهاب بالإسكندرية، إن كورنيش الإسكندرية تحوّل إلى مأوى علني رخيص للعشاق، في صور مرفوضة للمجتمع المصري المحافظ بطبعه، وأصبح الكورنيش مأوي وملاذ للعديد من الشباب والشابات وطلبة المدارس من مختلف المراحل التعليمية الهاربين، وذلك دون رقابة من جانب أولياء الأمور أو الجهات الأمنية، حتى تمادوا في ارتكابهم الأفعال الفاضحة في الطريق العام دون رقيب أو حسيب.

وأشار توفيق، في تصريحات لـ"أهل مصر"، إلى أن ذلك ظهر جليا مؤخرا من خلال البلاغات المتكررة للجهات الأمنية من جانب الأسر لتغيب بناتهم عن المنزل بدعوى تعرضهن للاختطاف، وقد كشفت الأجهزة الأمنية الغطاء عن الحقيقة واتضح أن السبب الرئيسي هو هروبهن مع عشاقهن، مضيفا أن الخطورة الحقيقية تكمن في مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار صفحات لحسابات مجهولة تحاول استقطاب الفتيات وإيقاعهن في شباك الأعمال المنافية للآداب العامة بعيدا عن أعين أسرهن.

وتابع توفيق، أنه علي الأسر المتابعة الدائمة لأولادهم، ويجب على مسؤولي التربية والتعليم إرسال إخطار لأولياء الأمور في حالة تغيب أولادهم عن الحضور بالمدارس، وكذا على الجهات الأمنية تكثيف الحملات بشكل مستمر على هذه الأماكن للحد من تلك الظاهرة المخيفة التي تهدد بضياع جيل المستقبل.

وفي السياق ذاته، أوضح الشيخ محمد العجمي، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية، أن أساس أي بلية في المجتمع هو البعد عن الأجواء الإيمانية، مطالبا بالسعى لتربية الأبناء تربية صحيحة كما كان النبي - صلي الله عليه وسلم - يعلم الصحابة، فقد قال لعبد الله بن عباس وهو لم يزل صغيرا لم يتجاوز الحادية عشر من عمره "ياغلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك".

وأضاف العجمي، في تصريحات لـ"أهل مصر"، أنه على يقين بأن هذا الشاب أو الفتاة التي تقوم بأفعال خارجة عن إطار الحياء والالتزام هي لم تعلم أن الله مطلع عليها، فلو أنها تعلم يقينا أن الله مطلع عليها لاستحيت من الله تعالي أن يراها علي معصية، مشددا على ضرورة العودة الجادة إلى تربية الأبناء تربية صحيحة والرجوع إلى حديث النبي - صلي الله عليه وسلم - الذي أخبر به سيدنا علي بن أبي طالب "أدّبوا أولادكم على 3 خصال، على حب نبيكم، وعلى حب آل بيت نبيكم، وعلى تلاوة القرآن".

واستطرد العجمي، أنه لا بد لكل إنسان صاحب سلوك قويم أن يغرس في أبنائه مراقبة الله جل وعلا؛ لأن مراقبة الله هي التي تصنع المجتمعات، ولأن حين ما ينتشر البلاء في المجتمعات تغيب القدوة، فالأب مشغول بأعماله خارج المنزل، والأم مشغولة بأعمال المنزل، والأولاد يُتركون يُتربَون بالجلوس علي "الشات" بالساعات الطويلة وينسون الصلاة وقراءة القرآن وبالتالي لا بد أن الشيطان سيجعل لهم سبيلا وسوف يقودهم كما قال الله تعالي: "ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا" فليس المقصود بالكفر الكفر بالله تعالي وإنما كفران النعمة مثل نعمة البصر واللسان وغيره.

وحول دور الأوقاف، قال العجمي، إن مديرية الأوقاف أنشأت مدرسة "المسجد الجامع" وكان لها نشاط كبير في الإسكندرية، وبلغ عدد المترددين عليها خلال الإجازة الصيفية الماضية حوالي 1200 طالب وطالبة، مضيفا: حاليا لدينا "المدرسة المتخصصة" وهناك إقبال كبير عليها من جانب الشباب والفتيات، وسوف تكون بارقة أمل بالإسكندرية.

من جانبه، أشار اللواء أحمد حجازي، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، إلى إن الرقابة علي كورنيش الإسكندرية من اختصاص الإدارة العامة لمباحث الآداب بمديرية أمن الإسكندرية، ولا يملك أي موظف بالإدارة المركزية السلطة الضبطية لمنع هؤلاء الشباب والفتيات إن وُجدوا في أوضاع مُخلة علي الكورنيش.

وأوضح حجازي، في تصريحات لـ"أهل مصر"، أن الإدارة المركزية مسؤولة عن ما يتم داخل الشواطئ الرملية، وهناك تعليمات مشددة واشتراطات علي مستأجري الشواطئ لمنع حدوث أي أعمال مخلة للآداب، وفي حالة ضبط حالة يُسأل عن ذلك المُستأجر ويتم فسخ تعاقده فورا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً