أزمة توريد قصب السكر تهدد أهالي الصعيد.. فلاحون: تبوير الأرض الحل.. و"الزراعة": سعر الطن يرضى الجميع

يعاني مزارعو محافظات الصعيد كل عام من أزمة في سعر توريد محصول قصب السكر، بعد ارتفاع أسعار الأسمدة والعمالة والوقود ومستلزمات زراعة المحصول.

وتهدد مزارع خمس محافظات، هي الأشهر في صعيد مصر من حيث زراعة قصب السكر، بالامتناع عن توريده، وهي"الأقصر، أسوان، قنا، سوهاج، المنيا،" مالم ترفع الحكومة سعر الطن من 620 جنيها، إلى 1000 جنيه ومساندة الفلاح بتوفير الأسمدة اللازمة للزراعة.

ويُعد قصب السكر من المحاصيل الاستراتيجية الهامة والمستخدم في صناعات أخرى، مثل صناعة العسل الأسود، كما تستخدم بقايا المحصول في ما يزيد عن 25 منتجا صناعيا ثانويا مثل الجزء المتبقي من العصر بعد استخلاص السكر من القصب والذي تقوم عليه صناعة الكحول والخل وخميرة البيرة الجافة وسلفات البوتاسيوم والسيتون.

ويستخدم "المصاص"، في صناعة لب الورق والخشب الحبيبي وشمع القصب، ومخلفات الحقل حيث يستخدم القالوح "الجزء المتبقى في الأرض من عيدان القصب بعد جمعها" والأوراق الخضراء الجافة في تغذية المواشي، إلى جانب ما يتخلف في الأرض من رماد حريق الأوراق الجافة، الذي يزيد من خصوبة الأرض كما يمكن استخدام تلك المخلفات في عمل سماد عضوي صناعي.

ويبلغ إنتاج مصر من قصب السكر نحو 16 مليون طن طبقًا لآخر بيانات متاحة عن المحصول على موقع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وقال وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، الدكتور عبد المنعم البنا،، في جلسة البرلمان الشهر الجاري، إن إنتاج مصر من السكر تخطى 2مليون طن خلال هذا العام.

وأضاف إن إجمالي الانتاج المحلي من سكر البنجر بلغ حوالي 1.25 مليون طن، بما يمثل 57% من إجمالي إنتاج السكر، بينما بلغ إجمالي إنتاج سكر القصب حوالي مليون طن.

ووفقًا لدراسة لمركز البحوث الزراعية عام 2010، فإن 4% من قصب السكر يُستخدم في صناعة العسل، في حين يحتفظ بنحو 2% كتقاوي ويستخدم 9% طازجا كعصير.

ناقوس خطر

انتقد رشدي عرنوط نقيب الفلاحين، صمت الحكومة على حال مزارع القصب وما يهدد زراعته في مصر بشكل عام، نتيجة للخسارة الكبيرة التي يتكبدها الفلاح، مشيرًا إلى أن ارتفاع أسعار مستلزمات زراعة قصب السكر لم يعادلها زيادة في أسعار بيع المحصول، وهو ما شَكَّل عبئًا إضافيًا على ارتفاع أسعار المعيشة.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "أهل مصر"، أن محافظات الصعيد تعاني من نقص الأسمدة بعد إحجام السائقين عن نقل الأسمدة بسبب غلاء السولار، لافتًا إلى أن الحكومة كانت قد رفعت سعر طن قصب السكر العام الماضي، من 400 إلى 500 جنيه، وتعتبرها كافية، رغم ما شهدته البلاد من ضرائب وارتفاع أسعار بلغ 100% على كثير من السلع، وقتها كان كيلو السكر بأربعة جنيهات وكانت المعيشة أرخص، والآن ارتفع كيلو السكر إلى 10 جنيهات، وفي الجمعيات الاستهلاكية والمحال التجارية زاد عن 12 جنيها تقريبًا، في حين أن سعر طن قصب السكر لم يزد منذ مايو حتى الآن جنيها واحدا".

وحذَّر من تفاقم أزمة السكر في مصر، حال ما إذا نفّذ أصحاب المزارع تهديدهم بعدم توريد محصول قصب السكر، لخسارتهم، والتي يعد حصاده جزء منها، لما يستلزمه من تأجير عمالة وتوفير "مغسلة" لغسيل قصب السكر- وهي عملية معتادة في تجهيز القصب قبل بيعه، وجرارات لحمله من الحقول إلى الشركات المختصة بشرائه.

مشاكل بالجملة

قال أحمد بيومي من كبار المزارعين بقرية العشي محافظة الأقصر، إن مستلزمات زراعة القصب، من سولار وعمالة ومبيدات وأسمدة وإيجار أرض ارتفع سعرها أضعافًا مضاعفة، وإلى الآن لا توجد مؤشرات على نية الحكومة رفع أسعار محاصيل قصب السكر.

وأضاف بيومي، نجد مشاكل بالجملة في زراعة قصب السكر منها هجرة العمال إلى القاهرة، ما تسبب في زيادة سعر العامل لتصل إلى 100 جنيه، وكذلك ارتفع سعر السولار، وما ترتب عليه من رفع سعر ري الفدان من ثمانين جنيها في المرة الواحدة إلى ما يزيد عن 150 جنيها "نحن متروكون لمطاردة الحشائش بمفردنا، ولا توجد مساعدات حكومية".

وطالب بيومي بتوفير الحكومة لأسمدة جيدة وبأسعار معقولة للفلاحين، وكذلك توفير معدات لغسل قصب السكر قبل الذهاب به إلى المصانع، ورفع سعر طن القصب إلى 1000 جنيه.

اتفق معه نوبي بدر، من كبار المزارعين، حيث قال "إن منذ العام الماضي والبعض يفكر في تبوير أرضه، بسبب تأخر إصدار الحكومة لسعر توريد المحصول بجانب تأخر مصنع أرمنت لقصب السكر، في سداد المبالغ المالية المستحقة للبنك الزراعي، فارتفعت الفوائد من 5 إلى 17%".

واسترسل بيومي "معظم المزارعين لجأوا إلى القروض من بنك الائتمان الزراعي، ووقعوا على شيكات، ونظرًا لتأخر مصنع أرمنت في سداد مستحقاتهم، تأخرنا نحن كذلك في سداد حقوق البنك، فارتفعت الفوائد".

وقال محيي الدين حسني، أمين نقيب الفلاحين مركز أرمنت، إن تكلفة زراعة فدان قصب السكر، تزيد عن 25 ألف جنيه، تتوزع ما بين قيمة إيجار الفدان، ومياه ري، وتقاوي وتجهيز الأرض للزراعة من تجريف وتسوية و"تربيط" أثناء الزراعة حتى لا يسقط أو يتمايل وأسمدة كيميائية مقاومة للحشائش وعمال التنظيف، وغسل القصب وتحميله إلى المصانع.

ويضيف حسني، الحسبة بسيطة ليست كحسبة برما، إذا نظرنا إلى تكلفة زراعة الفدان وأسعار بيعه نرى كيف يخسر الفلاح، حيث أن متوسط إنتاج فدان القصب 40 طنا، يبلغ سعر الطن 620 جنيها، أي أن إنتاج الفدان يساوي تقريبا 24800 جنيه، وهو ما يعني أن الهامش الربحي للفلاح 200 جنيه، كيف له أن يعيش عاما كاملا بهذا المبلغ، هذا في حالة إذا ما كان المحصول 40 طنا، ولكن في حالات كثيرة يأتي بأقل من ذلك، ما يتسبب في خسارة فادحة للفلاح.

ويسترسل حسني، "كل 40 طنا من قصب سكر، ينتج أربعة أطنان من السكر، سعر الكيلو 10 جنيهات، أي ما يعادل 40 ألف جنيه، يكسبهم المصنع، بالإضافة إلى منتجات أخرى يستفيد بها المصنع، منها 11 لتر كحول، و7 أمتار خشب حبيبي سعر المتر حوالي 3 آلاف جنيه، وثلاثة أطنان "مولاس" و77 كيلو خميرة للخبز، و4 لتر خل، و3 أطنان ورق، أين الفلاح من كل تلك المكاسب؟".

الحكومة تناقش الأزمة

قال حامد عبد الدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة، إن المجموعة الاقتصادية في مجلس الوزراء تناقش زيادة المحاصيل الزراعية وعلى رأسها قصب السكر، خاصة بعد تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار المحروقات، ومن المتوقع الإعلان عن تلك الزيادة خلال أيام، مؤكدًا أن تلك الزيادة ستكون مرضية للمزارعين.

وأشاد عبد الدايم بوطنية أهل صعيد مصر، وتحملهم للصعاب التي تمر بها البلد، مؤكدًا أن الدولة ستقوم برفع السعر في القريب العاجل، بجانب القضاء على أزمة نقص الأسمدة التي تفاقم من معاناة الفلاحين.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً