على بعد خطوات من كنيسة "مارمينا" بحلوان، يستقر منزل عماد عبد الشهيد كزمان، وشقيقته صفاء عبد الشهيد كزمان، أحد ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف الكنيسة، قبل ما يقرب الساعة والنصف من شعائر صلاة الجمعة اليوم، كان المنزل خالي إلا من شقيقتهم الثالثة التي دخلت في حالة صمت لساعات بعد تلقيها خبر وفاة اشقائها، تاركة الدموع الدافئة تجري على وجنتيها، فأخذت تلقيهم بعيدًا بإحدى يديها، بينما يدها الأخرى تقبض على صورة شقيقها "عماد" الذي مر للاطمئنان عليها صباحًا قبل أن يودع إياها ويذهب للصلاة برفقة شقيقته الصغرى بالكنيسة.في تمام العاشرة والنصف من صباح اليوم الجمعة، شارع كنيسة الشهيد "مارمينا" هادئ كعادته إلا من أصوات بائعي "الفول"، بينما تمتلئ الكنيسة بالمصلين في القداس الإلهي، لكن طلقات الرصاص التي وقعت على مسامع المصلين والمارين بالشارع، كانت قادرة على خلق حالة من الفوضى بالداخل والخارج.طلقات رصاص الإرهابيين اخترقت جسد الرقيب رضا عبد الرحمن، بعد أن تبادل إطلاق النار هو وزميله محمد السيد مندوب الشرطة من قوة قسم حلوان مع عناصر الإرهاب المسلحين، ليسقط هو شهيدًا، تاركًا صديقه يتصدى لإرهابيين يحملون أسلحة نارية وقنبلة، مدافعًا بمفرده عن أرواح المتواجدين بالكنيسة، لكن دقائق وتلقى "السيد" إصابات بالغة بجسده، بينما دفع الإرهابي الأول باب الكنيسة رافعًا سلاحه في وجه المتواجدين داخلها، في الوقت الذي أخذ الإرهابي الثاني يمطر المتواجدين بالشارع بوابل من الرصاص.عدة رصاصات خرجت من سلاح الإرهابي الذي اقتحم كنيسة "مارمينا"، لتستقر في جسد عدد من المصلين من بينهم عماد كزمان صاحب الـ45 عامًا، وشقيقته صفاء التي تصغره بعامين، لتصطدم أجساد الآخوين بأرض الكنيسة، بينما أخذت الدماء تسيل منهم إلى أن انقطعت أنفاسهم.كان يوم صفاء عبد الشهيد كزمان، هادئًا، استيقظت في الثامنة صباحًا، وأخذت تعد الطعام لزوجها وأطفالها الثلاثة. نصف ساعة وكانت أسرتها على منضدة الطعام، بينما هي تستعد للذهاب إلى بيت عائلتها، لكن بعد خروجها من المنزل قررت الذهاب للكنيسة أولًا، فتقول شقيقتها الكبري التي تعاني من إعاقة ذهنية، تدفعها للتحدث ببطئ: "مشوفتهاش.. حرام أختي راحت غدر ذنبهم إيه أطفالها يتحرموا من حنانها وأنا أعمل إيه وأنا عندي إعاقة وعمري ما هعرف أرعى أولادها".أصوات الرصاص الذي تصاعد من أمام كنيسة "مارمينا"، كان له صدى بمنزل عائلة "كزمان"، فانتبهت شقيقة صفاء وعماد إلى الضجة التي بدأت تحدث بالخارج، فبدأت برواية ما حدث بينما جسدها يهتز من قوة الارتعاش: "أنا سمعت صوت رصاص وناس بتزعق وتجري قولت تلاقي ناس بتتخانق أو حادثة، لكن أن أخواتي الاثنين يموتوا مرة واحدة كانت صدمة".لم يكن صباح عماد كزمان، أحد شهداء حادث كنيسة "مارمينا" الإرهابي، هادئًا كصباح شقيقته، فاليوم الذكرى الأولى لوفاة نجله الكبير، الذي كان يعاني من "متلازمة داون"، فتقول شقيقته الكبرى: "عماد عنده ابن تاني 20 سنة، ابنه الأول مات السنة اللي فات وهو مقدرش يقعد في البيت وذكرى وفاة ابنه النهاردة فجه يقعد معايا شوية".قرر عماد الذي يقيم مع زوجته ونجله الكبير بدار السلام، أن يؤدي صلاة القداس اليوم الجمعة في كنيسة "مارمينا" ليتوجه فورًا للقدس بعد الجلوس مع شقيقته بمنزل العائلة لدقائق "جه سلم عليا وقالي أنا مخنوق وابني وحشني ونفسي أشوفه، قعدت أهدي فيه لحد ما قال هروح الكنيسة مع صفاء، لكن هو كده ارتاح عشان هيروح عند ابنه.. الله يرحمهم كلهم ويصبرنا ويكون في عون مراته اللي اتحرمت من جوزها وابنها في سنة واحدة".