قال الاقتصادي المصري "محمد العريان" في مقال على موقع "بروجيكت ساينديكيت" إن المستثمرين قبل البدء في كتابة قائمة أمنياتهم للعام الجديد يجب أن يفكروا في المخاطر طويلة الآجل المتعلقة بفصل الأسواق المالية عن أساسيات السياسة والاقتصاد.
كما أنهم يجب أن يتساءلوا عن استمرارية المزج غير العادي للعوامل التي تحكمت في أداء الأسواق في 2017.
وأضاف العريان أن المكاسب في 2017 ظهرت في تقلبات منخفضة للغاية بالأسواق قابلها ارتفاع حاد في قيم الأصول المالية، وتقليل المخاوف المتعلقة بمخاطر المحفظة الاستثمارية، بالإضافة فرص جديدة واعدة مثل البيتكوين.
ويتجه العام الجارى لأن يكون على درجة عالية من الأداء الجيد، مستشهدًا على ذلك بأداء مؤشر "ستاندرد آند بورز" الذي ارتفع بنحو 20%، والتقلبات القليلة بالأسواق، "فالولايات المتحدة في 2017 شهدت أقل معدل للخسائر اليومية في تاريخها".
وعلى الرغم أن هناك نظرية تنادي بأن عوائد الأسهم القوية دائمًا ما يقابلها أسعار أقل للسندات الحكومية والذي يُعرف بالعلاقة العكسية بين الأصول الخطرة والآمنة، "إلا أن ذلك لم يحدث في 2017".
وتابع العريان أن الأداء المبهر بسوق الأسهم قابله في الوقت نفسه ارتفاع كبير في سندات الخزانة الأمريكية وذلك بالنظر لأدائها في بداية العام وبداية ديسمبر.
كما أن عملة "البيتكوين" التي شهدت ارتفاعات كبيرة "من ألف دولار إلى 16 ألف دولار ثم 19 ألف دولار" كانت إحدى العلامات المميزة في العام الجاري، مشيرًا إلى أن حيازة البيتكوين أدى إلى (اختلاف شكل المحفظة الاستثمارية).
حدد العريان5 عوامل أدت إلى ارتفاع الأسواق في 2017 موضحا أن السبب الأول للوضع "غير الاعتيادي" للأسواق العالمية في العام الجاري يكمن في مواصلة النمو الاقتصادي العالمي.
أما السبب الثاني فكان التطور في الولايات المتحدة والمتمثل في السياسات الدعامة للنمو، فيما كان السبب الثالث هو الاتجاه المستمر نحو تطبيع السياسة النقدية في بنك الاحتياطي الفيدرالي.
بينما السبب الرابع فهو المنتجات الاستثمارية التي لا تشهد نشاطا تجاريًا كبيرًا (عمليات بيع وشراء محدودة) التي تجذب تدفقات أكبر، وأخيرًا استمرار التيسير الكمي من جانب 3 بنوك مركزية عالمية كبرى وهي المركزي الأوروبي وبنك اليابان والمركزي الصيني.
وتابع أن سياسة التيسير الكمي خدمت تكاليف التمويل المنخفضة للأسر والشركات.
لكن بدون استمرار تحسن السياسات الاقتصادية التي كانت وراء الطفرة التي حققها المستثمرون في العام الجاري، فإن الأمر مهدد بحدوث أداء عكسي، خاصة مع حقيقة أن الأداء القوي في 2017 تلقى دعما كبيرًا من عوائد "مقترضة" من السنوات المقبلة.
وأشار العريان إلى أن الزيادة في مستويات أسعار السندات الحكومية تركت مساحة قليلة للأصول الآمنة التقليدية لتعوض أي تراجع محتمل في أسعار الأسهم بهدف تخفيف مخاطر المحفظة الاستثمارية
وبالنسبة لعملة "البيتكوين" يقول العريان إن ارتفاعها المرتبط بنمو اهتمام المؤسسات الاستثمارية يشير إلى إنها في طريقها تجاه تحقيق قبول واسع، لكن في الوقت نفسه قد يتضح أنها مجرد فقاعة قد تتسبب في أضرار جسيمة عند انهيارها.
وأشار العريان إلى أن الأمنية الأهم أمام المستثمرين في العام الجديد هي تطوير الأساسات الاقتصادية والسياسية حتى تصل إلى مستوى تصبح فيه أفضل تبريرًا لأسعار الأصول المرتفعة، مع إرساء القواعد لتحقيق مكاسب أفضل مع مرور الوقت.
وشدد العريان على تنفيذ ذلك من خلال توسيع القواعد المؤيدة للنمو في الولايات المتحدة والتي تم إعلانها مؤخرًا من جانب إدارة الرئيس الأمريكي، وما يتطلب إضافة خطة للبنية التحتية تترافق مع جهود حالية لتقليص المعايير التنظيمية وخطة الإصلاح الضريبي.
ونوه العريان إلى أهمية وجود ضغط يمارس مزيد من التركيز على الوسائل الداعمة للنمو على الصعيد الوطني، مع دعم جهود إقليمية أقوى، والتي يتم تسهيلها من جانب القيادات الفرنسية والألمانية ذات التوجه الإصلاحي، إلى جانب البريكست المنظم نسبيًا.
أكد العريان ايجابية فكرة الإصلاحات الداعمة للنمو في اليابان بعد أن فاز "شينزو آبي" رئيس الوزراء بأغلبية في الانتخابات المبكرة التي عقدت في أكتوبر الماضي والتي تدعم استقرار النمو، مشيرًا إلى أن جميع البنوك المركزية الهامة في العالم ستكون بحاجة إلى مواصلة تنسيق استراتيجياتها بهدف ضمان تناسق مواقف السياسة النقدية.