في الوقت الذي تتقدم فيه الإمارات صفوف دول المقاطعة التي تطالب قطر بقطع العلاقات مع إيران، يتضح انها أول الدول التي تحتفظ بعلاقات قوية مع طهران، في علاقات أشبه بالعشق الممنوع.
الإمارات ابتعدت تماما منذ 1971 عن التصعيد مع إيران، بل احتفظت بعلاقات قوية معها، رغم الأهمية الإستراتيجية للجزر الأماراتية الواقعة في مضيق هرمز، عند مدخل الخليج وما تمنحه من مميزات لمن يسيطر عليها بالتحكم في الخليج كممر مائي وملاحي مهم، وكما أن في هذه الجزر ثروات نفطية ومعدنية يمكن أن تضيف ميزة تنافسية اقتصادية للإمارات.
خدمة إيران
تلعب الإمارات دورا غير واضحا في سوريا، حيث إن كل تحركاتها تصب بشكل كبير في صالح إيران، فأبوظبي فضلت حماية العلاقات الاقتصادية الإماراتية مع نظام بشار الأسد، حليف إيران، والتي تصل إلى 10 مليارات دولار، على وقف نزيف الدم السوري، ودفعت الإمارات إلى تقديم دعم لوجستي وعسكري، وتسجيلات لرموز المعارضة السورية، إلى الأسد من أجل الحفاظ عليه، وهو أمر صب في صالح حليفته طهران.
وفي اليمن لا يختلف الحال كثيرا، خاصة أن هناك توافقا في الإرادة السياسية بين البلدين في حرب اليمن، وهو تقسيمها إلى شمال وجنوب، رغم أن الظاهر هو دخولهما متضادين في حرب واحدة.
ورغم مشاركة الإمارات في التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية وتمكين الرئيس عبد ربه منصور هادي من استعادة سيطرته على البلاد، بعد الانقلاب الذي قاده الحوثيون المدعومون من إيران، إلا أن دلائل عدة تثبت دورا نشطًا لعبته أبوظبي على الأرض لتقسيم اليمن صب في مصلحة الانقلاب هناك.
وتدعم الإمارات انفصال الجنوب عن الشمال، وتعمل جاهدة للسيطرة على عدن، حتى تتمكن من السيطرة على خليج عدن، رغبة في تعزيز مصالحها الاقتصادية.
كما أنه فيما يبدو، فإن المشاركة الإماراتية في اليمن لا تلقي بظلال كثيفة على علاقات إيران مع الإمارات، ربما لأن إيران تلمس بشكل واضح الخلاف السعودي الإماراتي داخل اليمن، ولأنها ربما لا تملك مصالح جوهرية داخل اليمن، قد تكون مهددة من قبل التحالف السعودي الإماراتي.
علاقات اقتصادية ضخمة
وفيما يخص العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تحرص الإمارات على الاستفادة من علاقتها الاقتصادية مع إيران، وتوظيفها للتبادل التجاري بين البلدين في تحقيق ازدهار اقتصادي، حتى باتت الإمارات أبرز الشركاء التجاريين لإيران ومن أهم وجهات الصادرات والواردات الإيرانية. وتستحوذ الإمارات على 80% من التبادلات التجارية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، فيما تعد طهران رابع شريك تجاري للإمارات، وفق أرقام رسمية، وحسب تصريحات إماراتية رسمية، فإن التجارة بين البلدين وصلت إلى أكثر من 23 مليار دولار العام الماضي
وبفضل الإمارات، ظلت مبيعات إيران من المكثفات خلال سنوات العقوبات تحقق لها أكبر دخل بعد النفط الخام والمنتجات المكررة؛ حيث كانت دبي هي أكبر مشترٍ يليها مشترون من آسيا منهم الصين الحليف السياسي المهم لإيران.
كما تبدي الإمارات رغبة في رفع مستوى التعاون مع إيران في مجال الطيران المدني؛ حيث توجد 200 رحلة طيران أسبوعيًا بين البلدين، تلعب دورًا في تعزيز التبادل التجاري والتعاون بين مجتمع الأعمال، إضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به في المجال السياحي.
منفذ للصادرات والواردات
مع تضييق الخناق دولياً على إيران تماشياً مع العقوبات التي جرى تشديدها في 2012، قبل أن يتم العدول عنها في 2015، تحولت دبي إلى منفذ رئيس لتجارة إيران الخارجية سواء الواردات أو الصادرات، بفضل ميناء جبل علي.
ومن حيث تحتسب، صبّت العقوبات على إيران في مصلحة دبي التي تعتمد في بنيتها التحتية التجارية على تقديم خدمات الترانزيت والخدمات النقدية والنقلية، وتلعب دور وسيط في تصدير السلع لأنحاء العالم، حيث أصبحت إيران في وضع لا يمكنها أن تكون منفتحة بشكل طبيعي مع دول العالم، ولذلك استفادت دبي أكثر مما استفادت إيران، بل استقر كثير من الرأسمال الإيراني خلال فترة العقوبات في دبي بغرض الاستثمار، ما رفع عدد الشركات الإيرانية في الإمارات من 8 آلاف شركة عام 2013، إلى نحو 10 آلاف شركة العام الماضي 2016.
وكثيراً ما أشارت تقارير رسمية أميركية، إلى أن كثير من الشركات العاملة في تجارة إعادة التصدير في دبي، كانت ممراً رئيسياً لعبور بعض المكونات ثنائية الاستخدام المدني-العسكري التي أسهمت في تمكين إيران من مواصلة تطوير برنامجها النووي، في تلميحات صريحة على أن التعاون بين الإمارات وإيران تجاوز في بعض مراحله الحدود التجارية.
نقلا عن العدد الورقي.