اعلان

أهل "طفل العياط المقتول" بين أوجاع الفقد ومشاعر الخوف.. الجانى قتله ليسرق "التوك توك".. والسكان: "لا نعرف الأمان ولا النوم

كتب : عزة صقر

هُنا، بقرية دبسا بمركز العياط، تسكن المنازل المتهالكة على أطرافها، جميع الطُرق ملتوية، على رأسها أكوام القمامة، وأرضِ يتجوفها الحُفر والطُوب والحجر، لا تستطيع المشى فسيحفر الألم قدمك، وأن تستقل عربة فستقضى لُعبة شيقة وكأنك بـ" الملاهى" تقفزك سماءًا أرضًا ألاف المرات فى الدقيقة الواحدة.تجولت "أهل مصر" بإحدى شوارع القرية، التى يقف على ناصيتها بعض الماشية، وصولا إلى منزل الطفل الضحية "حمدى الصاوى" ابن الخامسة عشر عامًا، والذى قُتل على يد جيرانه طمعًا فى سرقة التوكوتك الذى يملكه.الحُزن يخيم على الوجوه والمارة، الفزع يتملك عيون الأطفال من رؤية خُطا الأقدام تسير نحوهم، فيهرولون سريعًا إلى خلف الأبواب يرمقون المارة بعين واحدة من إحدى ثقوب البوابة الحديدية للمنزل.ببيت بسيط يتكون من طابق واحد، تسكن أسرة الطفل"حمدى" والتى لم تسكن ألامهم بعد، الألم مُعلق على جُدران المنزل قبل ملامح أسرته، التى قابلتنا بجملة واحدة:" اتفضلوا أهلًاا وسهلًا"، فقدمنا العزاء "البقاء لله" ليرد عم الطفل بصوتِ يعانق طياته الصبر:" نحمد الرب على كل حال ".فى صالة لا تتعدى الثلاثة أمتار، يجلس الأطفال بصمتِ يوزعون نظراتهم على أمهاتهم وأبائهم بذًعر يعانق مُقلهم، يستلقى أرضًا الرجال فى ألمِ ينبثر بالوجوه كافة رجلًا رجلًا ليقطع الصمت المُخيم بالمكان عم الطفل الحاج عماد بصوتِ جهورًا بدأ حديثه قائلا: "الواد دا عيل مشافش الدنيا ولا فرح بحياته لسه، ومن قتله هو جارنا اللى واكل معاه ومعانا فى طبق واحد، لاء أنا قلبى مقتول على إبنى".التقط خيط الحديث أحد أقاربه قائلًا: "حمدى اتغيب عن البيت من يوم 2812 اللى فات، لفينا الشوارع والحارات مالهوش أى أثر".

واستكمل:" أبوه راح عمل محضر بالقسم وفضلنا على كدا ساكتين لحد ما جالنا حد قالنا انه شاف التوك توك بتاع حمدى كان راكب فيه جارنا "أيمن" وأخدوه فى مكان مقطوع وقتلوة".وأردف جاره الحديث:" أكتر حاجة وجعتنا إنها من جارنا، كان بيجى يتغدى معانا وبيدور معانا عليه كل يوم جاله قلب يقتله إزاى عمله ايه بس، موضحًا:" دا لحد وقت ما عرفنا الحادثة كانوا العيال الصغيرة بيلعبوا بالدار".وتابع بن عم الطفل "حمدى": "هما 3 أخدوه أيمن ومحمد وعبده وأيمن بيته لازق فينا، وأخدوه فى مكان مقطوع وموتوه بسلك برقبته، خلاص محدش فينا هيطلع عياله على توك توك تانى نفسنا اتسدت وعُمرنا مش هنشتغلها".حاولنا نتواصل مع والدة "الضحية"، ولكنها امتنعت عن الحديث.. تجلس فى إحدى الغرف، ترتدى ثيابًا أسودًا، تضع كف يدها اليمنى على قلبها وتحتضن بصورته الأخرى يده، تنتحب فى البكاء بصمتِ تنظر إلى السماء وكأنها تبحث عن ملامحه بين أمواج سحابها.كان الألم الأكبر يتمثل فى مشهدِ واحد، الجدار الفاصل بين المنزلين "الضحية والقاتل".. الجدار الذى جمعهما حول طبقِ واحد، نفس هذا الجدار فرقهما، بعد أن هدمت كلتا العائلتين، منزل من طابق واحد أيضًا لا يفصله عن منزل الضحية سوى جدار مُشترك بينهما، مشهد تراه بعينك يُشعرك بالألفة والأمان والمودة، ولكن بين هذا الجدار تسلل السكين ليستقر بأنفاس الصغير ويُخلف وراءه حُزنًا بزوايا البيت.وسط مرورنا كانت النساء يقفن على مقدمة أبواب منازلهنْ، تقول الحاجة ناهد:" الحادثة دى صعبة، أوى وعيالى بينامو خايفين، أول مرة القرية تشوف جار يقتل ابن جاره ".تلوح بيدها لصغيرها الذى يبلغ من العُمر اثنى عشر عامًا، "إحنا كنا جايبين توك توك ليه بس خلاص والله ما أطلعه عليه ولا رجله تخطيه، روحنا مكلبش فيها الخوف والرعب".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
في وقت قياسي.. الأمن يعيد هاتف الصحفي الفلسطيني أنس النجار ويضبط خاطفيه بمصر الجديدة