تخشى تركيا أن تتيح الظروف تحقيق المشروع الكردي في ظل دعم واشنطن للأكراد في سوريا، ويصبح الأمر واقعًا على الأرض رغمًا عنها.
وتتجه الأنظار نحو الشمال السوري في ترقب للعملية العسكرية التي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انطلاقها في "أي لحظة" في عفرين.
وقد أضفت تركيا طابع السرية على موعد بدء وانتهاء العملية العسكرية المرتقبة في ، وقالت إنها ستبدأ بين ليلة وضحاها، من دون سابق إنذار.
وقال الناطق باسم الحكومة التركية، بكر بوزداج، عقب اجتماع ترأسه أردوغان، إن صبر بلاده نفد بخصوص تسليح واشنطن للأكراد، وأنها مصرة على اتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الشأن.
وانتقد الناطق باسم الحكومة واشنطن، قائلاً "هناك تناقض كبير جداً بين ما تتحدث عنه الولايات المتحدة معنا بشأن التطورات في سوريا، وبين ما تقوم به على الأرض”، وطالب بجمع كل الأسلحة التي وُزعت على مقاتلين أكراد في سوريا بلا تأخير.
من جهة أخري، أعلن مجلس الأمن القومي التركي، بعد اجتماع ترأسه أردوغان قبل اجتماع الحكومة، أن أنقرة لن تسمح بتشكيل حزام إرهابي على حدود البلاد، مشدداً على أنه سيتم اتخاذ كافة التدابير اللازمة في هذا الصدد.
على صعيد متصل نفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" نيتها تشكيل "جيش كردي" أو حرس حدود في شمال سوريا، وقالت أن القوات التي تدربها واشنطن تهدف إلى توفير الحماية للاجئين.
وقال البنتاجون في بيان: "تستمر واشنطن في تدريب قوات الأمن المحلية في سوريا، وهي لا تمثل جيشا جديدا، أو قوات حرس حدود تقليدية، بل الهدف من تدريبها تعزيز أمن وسلامة اللاجئين وحماية سبل عودتهم إلى مدنهم المدمرة".
وكان ناطق باسم التحالف الدولي لمحاربة داعش كشف عن التعاون مع فصائل كوردية سورية بقيادة "قوات سوريا الديمقراطية" على تشكيل قوة حدودية جديدة قوامها 30 ألف عنصرا شمال شرق سوريا.
وكشفت صحيفة زمان التركية أن امريكا أعطت قبل عدة أيام إشارات تدل على أنها لن تتدخل في اشتباكات بين القوات التركية وعناصر كردية في مدينة عفرين معلنةً أنها لا تقوم بأي عملية في هذه المدينة.
وقالت الصحيفة أن تركيا تأخذ الأكراد حُجة للسيطرة على أحد المواقع في سوريا، حيث أن مدينة عفرين لا تحتوي على أهمية إستراتيجية بالنسبة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري الذي يعتبر امتدادًا لحزب العمال الكردستاني في سوريا، علي عكس مدينة "منبج" التي يسيطر عليها الأكراد والتي تعتبر أهمية كبيرة بالنسبة للحزب الكردي، ولا توجد أنباء عن تخطيط تركيا لتنفيذ عملية في هذه المدينة.
كما أكدت الصحيفة أن وحدات حماية الشعب الكردي ستبدي مقاومة شكلية في الدفاع عن مدينة عفرين لتظهر نفسها أنها لم تتخل عن أكراد هذه المنطقة، سعيًا للحفاظ على سمعتها، ثم استدرك.
كما أن امريكا ستتدخل عندها بعمق، وذلك نظراً لأن هذه المدينة مهمة للغاية بسبب أنها بوابة المنفذ البحري الكردي المؤدي إلى البحر الأبيض المتوسط.
وأضافت المعلن لتركيا من العملية العسكرية في عفرين هو الحيلولة دون إنشاء معبر أو منفذ كردي يبدأ من القامشلي التي تقع في جهة الشمال الشرقي على الحدود مع تركيا وعلى مقربة من سفح جبال طوروس بمحاذاة مدينة نصيبين التركية ويمتد إلى البحر الأبيض.
بمعنى أن وصول المنفذ الكردي من عفرين إلى البحر الأبيض غير ممكن بدون المرور من جنوب مدينة هاتاي المتاخمة لمدينة اللاذقية السورية، وهذه الحقيقة تجعل مدينة منبج استراتيجية بالنسبة للأكراد بدلاً من عفرين.
وقالت الصحيفة إن المنفذ الكردي سيتحقق على يد روسيا والنظام السوري لا الولايات المتحدة، وإن المساومة الحقيقية تجري بين تركيا وروسيا، مشيرًا إلى أن الهدف الإستراتيجي لروسيا هو اختطاف تركيا من الحاضنة أو المظلة الأطلسية (الناتو)، وهذا يدفعها إلى السكوت على رغبة تركيا في الدخول إلى عفرين، لكنها لا تقدم لها موافقة صريحة في الوقت الراهن، في مسعىً للحصول على تنازلات من تركيا.
ويشير بعض المراقبين إلى أن تركيا لن تكسب شيئًا من هذه العملية العسكرية سوى انتصار نفسي مؤقت، إلا أنها ستسفر عن نتائج سلبية مستديمة، ويعبرون عن مخاوفهم من أن تكون هناك مساومة سرية بين الأطراف اللاعبة في سوريا، بما فيها أنقرة، حول تسليم المناطق السورية الواقعة في جنوب تركيا التي تسيطر عليها قوات الجيش السوري الحر إلى النظام السوري، كما حدث لمدينة حلب عقب عملية درع الفرات، وينبهون إلى أن المنفذ البحري الكردي سيتحقق بإذن من النظام السوري وروسيا مقابل استمرار بشار الأسد في الحكم وحفاظه على المناطق التي يسيطر عليها في الوقت الراهن.