"هنا الدويقة".. حشرات وكلاب ضالة وسط مياه راكدة.. آلاف الأسر يعيشون في الظلمات.. والأهالي يصرخون: "البلطجية بيتحرشوا بعيالنا وعاوزين يمشونا ومالناش بيوت" (فيديو)

"مالناش مكان نروح فيه الحشرات عششت في المكان، والكلاب بتنهش في عيالنا بنص الليل، التلج أكل جسمنا والحكومة بتهد ديارنا وتمشي"، هكذا صرخت عجوز لا يتعدى عُمرها الخامسة والستين عامًا أمام كاميرا "أهل مصر" تشكو حالهم ومعاناتهم داخل منطقة الدعوة في الدويقة.

فتحت كاميرا "أهل مصر" عدساتها على المنطقة لتجد أمامها جُدران أكلها الزمن بالية، يتوسطها مياه مُتعفنة تتساقط بها بقايا القمامة، يلهو بها الأطفال ويلعبون وسط ابتسامات وصراخات طفولية تداعب ملامحهم البريئة.

الحياة هناك مُظلمة ولو ذهبت بوضح النهار، كل شيء هُناك يحل به صمت القبور، الأهالي بمجرد أن تخطو أقدامهم على أول شارع "الدعوة" يهرولون مسرعين إلى أبواب منازلهم المتهالكة، يهربون خلفها ويغلقون على أنفسهم خوفًا ورعبًا من أن يتبع خطواتهم "البلطجية وقطاع الطرق".

المنازل لا يحاوطها سوى الفراغ المفزع، بقايا أشجار أماتها البوار وقلة المياه، أكوام القمامة تحاوط البيوت جميعها من كل حدب وصوب، الأحجار والطوب يتعثر بها المارة والصغار فيسقط ما بين حين لأخر- لكثرتها- أحد المارة ينجو من حدتها تارة وتصيبة بجروح تارة.

في تلك المساحات المهجورة تنطلق الكلاب الضالة تحاوط المنازل تبحث عن طعام يواجه ألم جوعها، وسط المياه الراكدة والتراب والرمال تحيا الحشرات و"العِرس" التى تختبأ بين التراب وبقايا الأعشاب.

بهذا المكان، لا يرى السكان أدنى الخدمات الآدمية، لا يرون النور سوى بالنهار فقط، ينتظرون نور السماء يوزع عليهم نوره، نظرًا لعدم وجود عمدان إنارة، وإن وُجد ترمى إليهم النور في الشهر لا يتعدى الثلاث مرات.

أما عن المياه فهى تنقطع بشكل مُستمر مما تجعلهم في معاناة مستمرة في ملء "جراكن" وزجاجات وتخزينها، ويبقى هذا عادة يومية مُجبرين عليها.

ما بين تلك المنازل العديد من البيوت التي هُدمت، يفترش أصحابها الطريق ويجلسون فوق الطُوب والأحجار- وحسب أحاديث الأهالي- قد تم منح بعض الأسر شقق بديلة بحى الأسمرات والبعض الأخر مَرد دون مأوى.

تقول "أم جمال" لـ"أهل مصر": "إحنا بقالنا 25 سنة هنا مالناش مطرح يضلل علينا تاني، عاوزين يمشونا ومفيش سكن بديل وفى ناس هدوا بيوتهم وقاعدين بالشارع ليل نهار".

واستكملت: "نروح فين إحنا مش لاقيين ناكل عشان نرجع الصعيد، أكل عيشنا هنا ومش هنمشى، وقبل ما يخرجونا يعرفونا نروح فين".

وأردفت: "الحشرات والعِرس والكلاب بكل حته، بنخاف نسيب عيالنا ليجرالهم حاجة".

جسدها النحيل يغرق في عباءة "مهلهلة"، تمسك بطبق مُعبأ بـ"الملابس المبللة" تسترق منه قطعة قطعة وتمر وسط الطوب والمياه؛ لتصعد وسط "خرابة" حيث تُعلق حبلين في مسافة ما بين بقايا سور متهدم ولوح خشب مُثبت أرضًا، تحاول أن تثبت توازنها بقدميها على الأحجار الحادة ترمى الملابس على الحبل، تصرخ بوجه الكلاب التي تقترب من الملابس، لتُمتم بعدها: "يا رب يفكها علينا من عنده بقا".

تسكن الحاجة زينب ذلك المكان، منذ 20 عام، تعانى بناتها من اعتراض البلطجية وبعض الشباب ليلًا طريقهن، ويقوموا بالتحرش بهن فيصرخن فتنهض "زينب" مسرعة تسبهم وتصرخ بوجوههم فيمضون بعيدًا ويعودون هكذا كل ليلة.

وتقول الحاجة زينب: "إحنا تعبانين ومحدش عالم بحالنا، بخاف أخرج بناتى برا عتبة البيت، الشباب بيشربوا مخدرات وبيجوا عاوزين يتحرشوا بيهم، عاوزين يمشونا طيب نروح في؟ يجيبوا لينا مكان وإحنا نمشى".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً