ننشر حيثيات قرار الإدارية العليا بإلزام شركات السياحة بتحمل 75% من خسائر القطاع بعد 25 يناير

أصدرت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار يحيى خضرى نوبى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين ناصر رضا عبد القادر ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبد النبى زاهر نواب رئيس مجلس الدولة، حكمًا تاريخيًا بمشاركة أصحاب رؤوس الأموال للدولة فى تحمل أعباء خسائر ثورة 25 يناير التى انهكت اقتصاد الدولة فى مجال تعطل التدفق السياحى والانفلات الامنى وتأثيرها على عقود الدولة مع رؤوس الأموال فى الانشطة السياحية والفندقية تحقيقًا للمسئولية الاجتماعية.

وأكدت المحكمة، على ضرورة أن يتحمل اصحاب رؤوس الأموال نسبة 75% من الخسائر وتحمل الدولة 25% منها حتى يتعافى الاقتصاد المصرى ولتحقيق معادلة التوازن بين الحق والمسئولية باعتبار أن التنمية شراكة بين الدولة والمواطنين وأنه لا يجوز تحمل الدولة وحدها بتلك الأعباء بكاملها.

وأضافت المحكمة أن الأحداث منذ ثورة 25 يناير حتى ثورة 30 يونيه ظروف طارئة تقتضى المشاركة وإعادة التوزان بين رؤوس الأموال والدولة فى تحمل الخسائر، مشيره إلي أن الثورة ليست قوة قاهرة تسقط الالتزامات التعاقدية عن أصحاب رؤوس الأموال لتلقيها على عاتق الدولة.

وقضت برفض طلب إحدى القرى السياحية بمحافظة البحر الأحمر بإعفائها كاملًا من الايجار السنوى من ثورة يناير حتى ثورة يونيه وإلزامها بأن تتحمل وتتشارك مع الدولة مقدار الخسائر بالنسب المشار إليها ودون الاستجابة لطلب الجهة الإدارية بغرامات التأخير للظروف الطارئة التى تتأبى بطبيعتها على فرض غرامات التأخير

عرضت المحكمة تسلسل الأحداث وتأثير الثورة على عقود الدولة مع رؤوس الأموال وأكدت أن صحوة الشعب فى 30 يونيه أضاءت الطريق واوقفت نزيف الانهيار وبددت اَمال جماعة الظلام ليعيد مصر لدورها الحضارى والسياحى وأن الثورة انهكت التدفق السياحى وساءت أحوال البلاد بسبب خلط الدين بالسياسة واستغلال الدين أداة للوصول إلى مقاليد السلطة فى البلاد.

وأكدت أن المواجهة غير الاَمنة بين جماعة استخدمت العنف وبين باقى طوائف الشعب المصرى تسبب فى هجرة السائحين فأجدبت الأرض بمعابدها واَثارها التاريخية من زوارها الأجانب، وأن الأحداث اللاحقة لثورة يناير شاهدة على فترات الركود والوهن، شاخصة على اهانة قيمة الأثر والحط من معنى التراث، والأهرامات الشامخة لم تتبدل ولم تتغير من مكانها وأكدت كذلك أن السياحة عادت تدريجيًا بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد فوضه المصريون ضد الارهاب داعمين له لرفعة البلاد وعلو شأنها.

وقد أعربت دوائر اقتصادية وقانونية أن هذا الحكم أبرز حكمة بالغة في تفسير التعامل بين رؤوس الأموال في مواجهة الأزمات والتحديات وحقق معادلة توازن ونقطة تعادل بين الحق والمسئولية جعل التنمية شراكة بين الدولة والمواطن كعقد اجتماعى بينهما.وأضاقت تلك الدوائر أن الحكم حرص على صالح الأطراف معًا بما لا يحمل حزانة الدولة مليارات الجنيهات نتيجة العقود الإدارية في مجال الأداء الاستثمارى التى واجهت التدهور بعد ثورة 25 يناير.

وقالت المحكمة إن ثورة 25 يناير 2011 وظروفها وما أفرزته من اضطرابات اجتماعية واحتجاجات وقطع للطرق وتعطيل للمصالح متأثرة بحالة الانفلات الأمنى والتظاهرات والاعتصامات التى عمت ربوع مصر، وما إلى ذلك من ظواهر أدت لتعطيل حركة العمل بالمشروعات المتعاقد عليها قبل الثورة، ومن هذا المنظور فإن الثورة تعد من قبيل الظروف الطارئة، فلا يمكن اجتنابها ولا توقعها ولا يستطيع الإنسان دفعها وهي خارجة عنه، وقد انهكت الحكام وفاجأتهم فناهيك عن عموم المتعاقدين، وهي إن نشأت لا دخل للمتعاقد فيها ولا خطأ سابق للجهة المتعاقدة تسبب في اندلاعها، فإنها ولا شك ظروف طارئة تقتضى المشاركة بين الدولة ومتعاقديها على أساس المسئولية الاجتماعية لهما بلا خطأ.

وذكرت المحكمة أنه يتعبين التفرقة بين القوة القاهرة التى تجعل التنفيذ مستحيلًا استحالة مطلقة وبين الظروف الطارئة التى تجعل التنفيذ مرهقًا لا مستحيلًا، بأن تطرأ خلال مده تنفيذ العقد الإدارى حوادث أو ظروف طبيعية أو اقتصادية أو من عمل جهة إدارية غير الجهة المتعاقدة أو من عمل أى إنسان أخر لم يكن فى حسبان المتعاقد عند إبرام العقد ولا يملك لها دفعًا من شأنها أن تنزل به خسائر فادحة تختل معه اقتصاديات العقد اختلالًا جسيمًا ،فإذا ما توافرت هذه الشروط التزمت جهة الإدارة المتعاقدة بمشاركة المتعاقد معها فى تحمل نصيب من الخسارة لتنفيذ العقد على نحو يكف حسن سير المرفق العام بانتظام، على أن هذا التعويض لا يشمل الخسارة كلها ولا يغطى إلا جزء من الأضرار التى تصيب المتعاقد وليس له أن يطالب بالتعويض بدعوى أن أرباحه قد نقصت أو لفوات كسب ضاع.

وأوضحت المحكمة أنه عن طلب الشركة الإعفاء الكلى من القيمة الإيجارية بحجة الاستناد إلى البند الثانى عشر من العقد من أنه "فى حالة حدوث قوة قاهرة أو كوارث طبيعية أو بيئية أو الحروب والأعمال العسكرية المؤثرة على التدفق السياحى فى مصر التى تؤثر على ذلك أو أى أحداث أو ظروف قهرية تؤثر على التدفق السياحى إلى مصر بصفة خاصة وصدور قرارات سيادية بذلك يحق للطرف الثانى الإعفاء من سداد القيمة الإيجارية عن كامل تلك الفترة " فوفقًا لصراحة هذا الشرط فإن إرادة الطرفين قد تلاقت حول صدور قرارات سيادية بما تقدم وهو الأمر الذى أجدبت عنه الأوراق فهذا الالتزام التعاقدى معلق على شرط واقف فإن تحقق قام الالتزام العقدى وإن لم يتحقق – كما هو الشأن فى الحالة الماثلة – لم ينشأ الإلتزام بالإعفاء الكلى أصلًا.

وأضافت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن إحدى الشركات لإدارة الفنادق العائمة قد رسى عليها المزايدة بقيمة (13 مليون جنيه) سنويًا على أن تزاد هذه القيمة بواقع 5% عن كل عام ابتداءً من 172013 ولمدة عشرون عامًا لعقد استغلال منشاَت إحدى القرى السياحية مع محافظة البحر الأحمر، ولما اندلعت ثورة 25 يناير 2011 فى البلاد أثناء التنفيذ العقد محل النزاع ،وأعقب نشوبها شلل بكل مرافق الدولة وانفلات أمنى فى كل أرجاء البلاد مما كان له أثار سيئة على حركة سياحة لأهم مصادر الدخل القومى وانهكت الاقتصاد المصرى وعطلت التدفق السياحى وبدا عدم قدرة المنشاَت السياحية والفندقية على الوفاء بالتزاماتها تجاه جهة الإدارة أو حتى السائحين متلقى الخدمة، وظل الانفلات الأمنى وأعمال البلطجة وغياب الدور الرئيسى للدولة جاسمًا على جسد مصر حتى 3062012 بانتخاب رئيس مدنى منتخب للبلاد، وظن الجميع أن النشاط السياحى سيعود أفضل مما كان أو على الأقل مثلما كان قبل نشوب ثورة 25 يناير 2011،إلا أن الأمور تدهورت وصُدم ما كان يحلم به الشعب المصرى وساءت أحوال البلاد أكثر مما كان ونشبت الخلافات بين جميع طوائف الشعب المصرى وداخل الأسرة المصرية المتماسكة عبر التاريخ.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً