هجوم كبير تشهده الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لرفضها المتكرر الصلاة على الموتى من غير الطائفة الأرثوذكسية وتكتفي فقط بقبول طوائف متحدة معها في الإيمان منهم السريان الأرثوذكس بينما ترفض الصلاة على الروم الأرثوذكس، البعض إنتقد النهج، معتبرا أنه بلا جدوى لأن الصلاة لا تفيد المتوفى في شيء، خاصة أن المسيح لم يُصلى عليه بينما هو أمر إجتماعي موروث لاعلاقة له بالمسيحية.
المفكر القبطي كمال زاخر، يؤكد من جهته أن الصلاة على المتوفى هي عادة إجتماعية وموروثا ثقافيا وشعبيا، ليس لها علاقة بعقيدة المسيحية لأن معظم الطقوس التي يتبعها المصريين تعبيرا عن حزنهم على المتوفى أو الطقوس الدينية بشكل عام هي أمور ليس لها علاقة بالأديان السماوية بينما هي ممارسات من الموروث الفرعوني لأن.
زاخر أضاف أن المسيح لم يصل عليه تلاميذه «لكن تحريم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الصلاة على موتى الطوائف المخالفة للإيمان القبطي الأرثوذكسي هو أمر منطقي، نظرا لـن متغييري الطوائف إختاروا بإرادتهم المطلقة الإنفصال عن الكنيسة ودخول كنائس أخرى تخالفها عقائديا، فما الذي دفع هؤلاء للخروج عن الطائفة؟!» منوها حتى إن كان السبب الرئيسي في ذلك هو الحصول على تصريح بالطلاق بين الزوجين لإختلاف الطائفة والملة إلا أن ذلك يعتبر سببا غير كافيا، ويجب معه حل القضية من الجذور وهي تعديل العوار في قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين.
وأكد المفكر القبطي، أن كل الكنائس ترفض الصلاة على المتوفيين على غير عقيدتهم وليس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وحدها، مشيرا أنه منذ القرن الخامس الميلادي كل طائفة تعتبر نفسها "الفرقة الناجية" وتمتلك المسيحية الصحيحة لكن مع قدوم القرن 20، 21 بدأت الطوائف تتقارب نوعا ما، وإن كان التقارب يصطدم بالسلفيين المسيحيين في كل كنيسة، لذا عدم الصلاة الكنيسة على مختلفي الطائفة أمرا يرجع إلى وعي القائم على كل كنيسة بحيث أنه يمكن للأسقف أن يصلي على المتوفي البروتستانت في الكنائس الأرثوذكسية وفي كنائس أخرى يرفض الصلاه عليه، موضحا أنه من المعروف أن الصلاة على الميت لا ترفع عنه الحساب بينما هي رسالة إجتماعية لتعزية أهله.
وأشار أن تلاميذ المسيح كانوا كتلة واحدة حتى القرن الخامس الميلادي وظلت القراءات والرؤى تختلف إلى محاولات مارتن لوثر نشر البروتستانتية، و«منطقيا المتحولون إلى طوائف والأديان الأخرى يجب عليهم الإقتناع بها وليس التلاعب للحصول على قرار الطلاق لانها أخطاء لن تتحملها الكنيسة».
من ناحيته يقول مينا أسعد، مدرس اللاهوت الدفاعي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن طقس الجناز والصلاة على الميت هي صلوات تواجدت في كل الديانات الصحيح منها والوضعي، ولا يمكن أن يطلق عليها «عادة فرعونية» في المطلق، مشيرا بالقول أن هناك ديانات في شرق أسيا تمارس شعائر على أمواتها أيضا، أما الطقس المسيحي القبطي الأرثوذكسي فمصدره الكتاب المقدس والتقليد الرسولي في صلوات مسيحية صرفة.
وأوضح أسعد أن الرسل قد مارسوا «الطقس» ووضعوا ترتيبات للكنيسة وأمروا بها، وشهد تاريخ الكنيسة أن الآباء الأولين استخدموا الطقوس في القرنين الأول والثاني، كما ذكره يوستينوس والعلامة ترتليانوس، وقال القديس ايريانوس تلميذ بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول: "إن الرسل سلموا لنا كل ما يختص بالكنيسة"، وقال اكليمنضس الإسكندري: "إن مؤلفاتي تحتوي علي ما سمعته من أناس حفظوا التقاليد الحقيقية لبطرس ويعقوب ويوحنا وبولس أبًا عن جد"، وقال القديس باسليوس الكبير: تعلمنا رسم الصليب علي جباهنا والاتجاه نحو الشرق وطقس التقديس وطقس المعمودية وباقي الصلوات التي يتلوها الكاهن.
وتابع مدرس اللاهوت: «قبطيا ارثوذكسيا تتنوع أشكال صلوات التجنيز، فمنهم من جهة الوقت فهناك الطقس المستخدم طوال العام وهناك الطقس المخصص لأسبوع الآلام، وأيضا صلاة على شخص الميت "المنتقل" وهو طقس تجنيز الرجال الكبار، وطقس تجنيز النساء الكبار، وطقس تجنيز الأطفال الذكور، وطقس تجنيز البنات، وطقس تجنيز النساء اللواتي ينتقلن عند الولاده، و طقس تجنيز البطاركة والمطارنة والأساقفة، و طقس تجنيز القمامصة والقسوس، و طقس تجنيز الشمامسه،و طقس تجنيز الرهبان، و طقس تجنيز الراهبات، وجميع الطقوس التي تتم والقراءات الدينية هي مأخوذه من الكتاب المقدس.
وانتقد العالم اللاهوتي بشدة البعض ممن لا يلمون بتعاليم غير المسيحية قولهم إن المسيح لم يتم الصلاة عليه، مؤكدا أنه حسب الإيمان المسيحي فهو لم يكن محتاجا للصلاة عليه بخلاف قيامته من الأموات، أما تحجج البعض أن المسيح لم يصلي على الموتى، فالمسيح كان يقيم أو يعيد الحياة لكل ميت يقابله، فكيف يصلي على ميت قائم من الموت، فضلا عن أن الكنيسة لا تصلي لأجل الهالكين، وذلك عملا بقول الرسول عن الخطية التي للموت، «فان مات إنسان منتحرًا، ولم يكن فاقد العقل، لا يصلى عليه، وإن مات أحد أثناء ارتكابه جريمة، لا يصلى عليه، كذلك إن مات وهو في هرطقة أو بدعة أو ارتداد أو إن مات وهو في خطية لم يتب عنها لا تصلي الكنيسة عليه».
نقلا عن العدد الورقي.