اعلان

الأذان الموحد.. تجربة تحاول "الأوقاف" تطبيقها منذ 9 سنوات.. وكيل كلية الدراسات الإسلامية: يجب التعاون مع علماء الفلك.. وخطيب بأوقاف الجيزة: تجربة فاشلة والإمام مظلوم

كشف الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، منذ أيام عن عودة الأذان الموحد أثناء حديثه على إحدى القنوات الفضائية، وتشهد المرحلة الحالية على دراسة عدة أمور تقنية وفنية لتطبيق التجربة في مناطق محددة بالقاهرة الكبري ومن ثم التوسع على نطاق محافظات الجمهورية، حرصًا على تلاشي الأخطاء التي أطاحت بالتجربة على مدار الـ8 أعوام الماضية.

لم تكن تجربة الأذان الموحد التي تحدث عنها وزير الأوقاف الحالي، هي الأولى من نوعها، فالأمر بدأ مع وزير الأوقاف الأسبق محمود حمدي زقزوق بنهاية عام 2009، من خلال إذاعة القاهرة الكبرى، على أن يشمل 4آلاف مسجد فقط في البداية، وذلك تنفيذًا لفتوى صادرة عن مجمع البحوث الإسلامية.

الأذان الموحد كان يستهدف القضاء على الأصوات النشاذ الصادرة عن بعض المؤذنين، لكنه لاقى العديد من الأراء المعارضة داخل المؤسسات الأزهرية واللجنة الدينية بالبرلمان، مؤكدين أن الرسول " ﷺ" حث على التسايق لأداء الأذان، والمؤذنين لهم أجر كبير في الآخرة، لكن وزير الأوقاف رد حينها بأن توحيد الأذان ليس بدعة بل هو أمر جائز شرعًا.

تجارب وزارة الأوقاف مع الهيئة الوطنية للتصنيع، لم تخلو من ظهور عدة مشاكل متعلقة بضبط توقيت بث البرامج المذاعة قبل وبعد الأذان في عدة مناطق بالقاهرة في مقدمتهم مصر الجديدة ومدينة نصر، ليتوقف قرار تطبيق الأذان الموحد على نطاق واسع لعدة سنوات، خاصة في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وصرح جابر طايع، رئيس القطاع الديني، حينها أن الأجهزة والمعدات الإلكترونية المجهزة لتوسيع فكرة الأذان الموحد تمت سرقتها.

لم تغيب فكرة تطبيق الأذان الموحد عن وزارة الأوقاف إلا 3 سنوات، ليحل عام 2014 وتطلب الوزارة من شركات الاتصالات تشغيل شبكة لربط أجهزة الأذان بكافة أنحاء الجمهورية، أما عن العيوب الفنية التي ظهرت سابقًا، فقامت الوزارة عام 2016، بالتجارب الفنية للمنظومة كاملة، للتأكد من نجاح التجربة.

وتستعرض "أهل مصر" في السطور التالية أراء إمام وخطيب بمديرية أوقاف الجيزة، ووكيل كلية الدراسات الإسلامية حول عودة الأذان الموحد وإمكانية تطبيقه..

من جانبه قال إبراهيم محمود عبدالراضي، إمام وخطيب بمديرية أوقاف الجيزة، إن الأذان الموحد تجربة فشلت سابقًا، نظرًا لانقطاع الإشارة في منتصف الأذان أو نهايته، في الوقت الذي كان الأذان معطل في عدد من المساجد، رغم الأموال التي انفقتها وزارة الأوقاف لإنجاح التجربة.

وأضاف في تصريح خاص لـ"أهل مصر" أن الأذان شعيرة يجب أن تقام في كل بلد وكل مسجد، وإن لم تقم في بلدة فقد آثم أهلها، موضحًا أن من يودي الأذان يجب أن يكون أنبل الناس صوتًا، مستشهدًا بقول النبي " ﷺ": " ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتًا".

وتابع: "أن تكون الشعيرة قاصرة على شخص أو اثنين من الناس دون غيرهم فهذا هو الذل، والنبي " ﷺ" قال: " المؤذِّنُونَ أَطوَلُ النّاسِ أَعنَاقًا يومَ القِيامة )، وقال أيضًا: ( قَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا".. فكيف نحرم الناس من ذلك الفضل)".

وأكد أن وزارة الأوقاف تبذل جهدًا في اختيار أفضل الأصوات من خلال مسابقة المؤذنيين، لكن تطبيق مسألة الأذان الموحد، سيحول الأذان من شعيرة إلى عمل روتيني لا قيمة له ولا أحساس به، مضيفًا: "أنا كنت في مسجد من المساجد التي يقام بها الأذان الموحد، فكان الأذان أحيانًا يبدأ من المنتصف وأحيانًا نفقد الأرسال ولذلك المسألة كانت عشوائية وغير منظمة".

وتسائل كيف يقشعر بدن الشيوخ من الأذان ولا يقشعر من الأغاني الصاخبة ومبكرات الأصوات في الأفراح المنتشرة بكافة بقاع الجمهورية!، متابعًا: "لن يزيد الأذان للواقع الذي نعيشه مرارة أكثر من التي نشعر بها، نحن نعلم قيمة تلك الشعيرة التي لا يتنشر في بلدة إلا وجلبت الخير والناس يحسدونا على مثل هذا الروح الدينية والشعب المصري شعب متدين بطبعه".

وأوضح أن مساجد الأوقاف بحاجة إلى نظرة لحال الدعاة وإقامة الشعيرة، وعدم إلقاء كافة المسئوليات من متابعة النظافة والإدارة المالية للمسجد وإصلاح التلفيات، وإلقاء الخطب والدروس على عاتق الإمام بمفرده، مطالبًا بتعيين الوزارة مدير لإدارة مال الوقف ورعاية المسجد، متابعًا: "الإمام حاليًا بيتابع عداد الكهرباء ويصلح دورات المياه وغيرها من الأشياء".

وتابع: "الأوقاف لازم تنظر للخطيب والإمام أنه شخص مسئول ومش أي حد عنده نفوذ يروح يشتم في الإمام فالإدارة تعاقبه، الإمام لا بد أن يكون له حصانة وقيمة اعتبار، ويجب أن يتم مراعاة حال الإمام، ولذلك يجب تجديد حياته من خلال منحه الأدوات العصرية التي تأهله للتعامل مع الأجيال الحالية من خلال الوسائل الالكترونية كالتابلت وغيرها من الأجهزة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم لتلقين المعلم كيف يصل إلى الطلب".

وأوضح أن راتب الإمام لا يكفي نفقات وسائل المواصلات ومسئولياته المنزلية، متسائلًا عن سبب عدم منح وزارة الأوقاف للأئمة الطرق المناسبة للإطلاع على الكتب الدينية الحديثة، وتعليمهم اللغات المختلفة، في الوقت الذي لا يتعدى فيه عدد الأئمة 60 ألف إمام، مشيرًا إلى أن الأوقاف تقصر تعليم اللغات والأدوات العصرية في الدعوة على عدد معين من الأئمة دون غيرهم.

وطالب "عبدالراضي" وزارة الأوقاف بمراعاة حال الإمام قبل مطالبته بتجديد الخطاب الديني، موضحًا أن الإمام لم يحصل على الحد الأدنى للأجور، بالرغم من أن الدولة أقرته منذ سنوات، وفي حالة مطالبة إمام بزيادة الراتب يكون الرد أن هذه المهنة هي زهد في الحياة، متابعًا: "رغم كل ذلك لم يتخاذل إمام عن عمله فكم منا مات في المسجد وكام منا خطف وأكبر دليل ما تعرض له إمام مسجد الروضة شمال سيناء".

ومن جانبه، قال الدكتور عوض إسماعيل، وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية، إن الأذان الموحد كان مطبق منذ فترة لكنه توقف، نظرًا لصعوبة وجود توقيت موحد في كافة المحافظات، موضحًا أن توقيت القاهرة لا يتفق مع الإسكندرية وأسوان وغيرها من المحافظات، ولذلك يصعب تطبيق الأذان الموحد على نطاق واسع.

وأضاف في تصريح خاص لـ"أهل مصر" أنه لا يوجد مانع من تطبيق الأذان الموحد في الأماكن التي تتشابه في التوقيت، مضيفًا أن تطبيقه لا يخالف الشرع، ويجوز إقامته بشرط أن يكون الزمان موحد.

وأوضح أنه في حالة تطبيق الأذان الموحد مع اختلاف التوقيت، فأن ذلك يخالف قول الله تعالى في سورة النساء: " إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا"، متابعًا: "مينفعش يكون الأذان موحد على الجمهورية كلها لأن هناك فرق في توقيت المحافظات وأحيانًا في القاهرة نفسها التوقيت يختلف على سبيل المثال توقيت مدينة العبور يختلف عن مدينة الشروق".

وأكد أن وزارة الأوقاف يجب أن تتواصل مع علماء الفلك والأرصاد لاتباع النظم العلمية والتقنية التي تتيح تطبيق الأذان الموحد بشكل لا يخالف الشرع ويسمح بإقامة الأذان في التوقيت الصحيح.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً