هذا هو الفارق بيننا وبينهم، هم يحاربون الإحتكار والسيطرة على السوق، ونحن نسعى إلى دمج الكل في واحد، ونؤكد أن الهدف من ذلك هو افساح المجال أمام المنافسة، كيف ذلك والجميع يمثله واحد؟
أما هم هذه فالمقصود بها الغرب على إتساعه والولايات المتحدة على وجه الخصوص، ونحن هنا تشير إلى أم الدنيا مصر.
أما إذا أردت أن تكون رجلاً أعمالًا ناجحًا، فعليك بإمتلاك سيف ودرع، لحماية هذا الكيان الاقتصادي الذي تمتلكه، ناهيك عن وضعك تحت الأضواء طيلة الوقت، وربما جني بعض الأرباح والمكاسب لو تمكن لك ذلك على الرغم من صعوبته، الدرع والسيف في وقتنا الحالي هو أن تمتلك أو تشارك على أقل تقدير في وسيلة إعلام على اختلاف أنواعها، حيث يمكنها من خلالها توجيه الرأي العام لأفكار أو مبادئ تؤمن بها، كما تؤمن لك منبرًا يتبارى العاملون فيه عن الدفاع عنك أمام أي من كان.
بعد أن كانت إنطلاقة لعدد كبير من القنوات الفضائية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، غطت فضاء مصر والعالم الواسع، حتى أضحت القنوات الجديدة في مقدمة الفضائيات مشاهدة بعد وقت قليل، وبزغ بفضلها نجم ملاكها، فقبل انطلاق " CBC" لم يكن أحدًا يعرف محمد الأمين رئيس القناة أو يكاد، و"النهار" التي زادت من نجومية علاء الكحكي، أما الآن والآن فقط، تغيرت التوجهات والسياسات، حيث أعلنت قناتا "CBC" و"النهار" إندماجهما في كيان اقتصادي واحد، وكان ذلك في مؤتمر صحفي دشنت من خلاله الشراكة الجديدة بين الكيانين ليكونا كيانًا واحدًا.
محمد الأمين، رئيس غرفة صناعة الإعلام، وصاحب مجموعة قنوات "CBC" أرجع خطوة الإندماج إلى الرغبة في صمود صناعة الإعلام بمصر ضد التحديات التى تواجهها، وتصدير المنتج الإعلامي المصري إلى خارج الحدود، وايجاد حالة من الريادة والانتعاش في السوق الإعلامي.
أما الشريك الثاني في عملية الإندماج علاء الكحكي رئيس مجموعة شركات النهار، فقد ساق مبررًا يحمل في طياته أن الاندماج مع "CBC" يضمن تكوين كيان اقتصادي قوي تحت مظلة شركة قابضة من أجل تحقيق حالة من الاستقرار العام لتحسين فرص العمل وإيجاد أخرى جديدة.
أما النقطة التي اتفق عليها طرفا الاتفاق هو أن الاندماج سيساهم أكثر في المنافسة الإعلامية لصالح المشاهد، فيما يؤكد المحللون الاقتصاديون عدم صدق هذه التبريرات، متسائلين عن الكيفية والضمانة التي يمكن من خلالها خلق نوع من التنافس في ظل سيطرة شركة أو عدد قليل على سوق الإعلام.
حالة الاندماج بين مجموعتي قنوات "النهار" و"cbc" كانت فريدة من نوعها على سوق الإعلام المصري، لكنها في الوقت نفسه لم تكن مفاجئة فقد كانت هناك خطوة مهدت لها، وهي بيع الشركة المالكة لقناة "ONTV" المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس إلى شركة "إعلام المصريين" المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، أما اللافت للنظر في الواقعتين سواء صفقة البيع أو الإندماج سالفتي الذكر أن المبرر فيهما كان واحدًا، ففي بيان مجموعة "إعلام المصريين" تأكيد بأن الهدف من استحواذها على كامل أسهم الشركة المالكة لـ "ON TV" هو استعادة "الريادة المصرية" في الإعلام وصناعة التلفزيون والدراما وتقديم إعلام تنموي شامل وهو ما يتطابق أو يكاد مع تلك التي جاءت على لسان ملاك قنوات النهار و"CBC"، وكأن من كتب البيانات لجميع هذه الشركات مستشار إعلامي أو صحفي واحد.
هذا ما تم من صفقات بين الكيانات الاعلامية، في حين تواترات أنباء عن صفقة جديدة لبيع شبكة تلفزيون "الحياة" المملوكة لرئيس حزب الوفد الليبرالي السيد البدوي إلى أحد المستثمرين العرب، حيث قيم خبراء في السوق الإعلامي سعرها بأكثر من بليون جنيه.
أبزر رجال الأعمال الذين يملكون وسائل إعلام
أما أبرز رجال الأعمال الذين يملكون وسائل إعلام فهم "حسن رابت" حيث يمتلك قناة "المحور" وأحمد بهجت "قناة دريم"، والسيد البدوي "شبكة تلفزيون الحياة"، محمد أبو العينين موقع وفضائية "صدى البلد"، محمد الأمين "شبكة قنوات CBC"، علاء الكحكي "شبكة تلفزيون النهار"، أحمد أبو هشيمة يمتلك أسهم من صحيفة "اليوم السابع" و"تلفزيون النهار" وكامل أسهم "ON TV"، وطارق نور مالك مجموعة قنوات "القاهرة والناس"، وسعيد حساسين مالك قناة "العاصمة"
تغير سياسات الإعلام بتبدل ملاكه
صفقات الإعلام المصري البينة، من الطبيعي أن يتبعها تغير ولو غير ملحوظ في سياسات هذه الكيانات الجديدة وفقاً لتوجهات أصحاب رؤوس الأموال والمالكين الجدد، كما يرجح آخرون أن يتم اقصاء بعض الإعلاميين وابعادهم عن منصة الإعلام، كما حدث في السابق مع يسري فودة وريم ماجد، أما أبرز الوجوه المرشحة لقفول نجمها الإعلامي واختفاء صورتها من على الشاشات فهي بحسب مراقبين للشأن الإعلامي المصري يوسف الحسيني وخاصة بعد حلقته حول تيران وصنافير والتي أثارت علامات استفهام كثيرة اضافة إلى خالد تليمة مقدم "صباح أون" و"يليان داود" مقدمة برنامج "الصورة الكاملة"، خاصة بعد تردد اسمها أكثر من مرة على ألسنه مقربين من النظام تتهمها باثارة الفتنة داخل مصر.
علاقة بيع القنوات ودمجها بقانون الإعلام الموحد
أما خريطة التباديل والتوافيق فيما يتعلق بملكية الإعلام المصري التي رسمت ملامحها خلال الأيام القليلة الماضية ربطها البعض بقانون الإعلام الموحد الذي يضع حداً أقصى لتملك رجال الأعمال للمؤسسات الإعلامية، حيث ينص على أنه لن يحق لأي شخص إمتلاك أكثر من 5 بالمئة من قيمة أسهم المؤسسة الواحدة.
أحمد أبو هشيمة.. إمبراطور الإعلام والمال القادم
إمتلاك رجال الأعمال للإعلام مسألة شبه مسلم بها في العالم أجمع، وخاصة في الدول المتقدمة، وهو يفرز نوعًا من التعددية والمنافسة فيما يرتبط الأمر في مصر ارتباطًا مباشرًا بما تحققه هذه المنابر الإعلامية لأصحابها من مكاسب ليست بالضرورة مادية فقط، وهذا الأمر يتضح من خلال متابعة دخول رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة بقوة إلى مجال الإعلام بعد ثورة 25 يناير 201، كنوع من أنواع الحماية لمصالحه الصناعية، حيث استحوذ على عدد من أسهم صحيفة وموقع "اليوم السابع"، ونسبة من أسهم قنوات "النهار"، ومن ثم قام بشراء كامل أسهم "ON TV"
هذه التغيرات في وجوه ملاك وسائل الإعلام المصري، وضخ كل هذه الملايين من الأموال في مجال كثيرًا ما يشكو أصحابه أنه لا يجني أرباحًا بل يسبب خسائر لهم، هذه التغيرات تحمل العديد من التساؤلات التي لا تجد لها إجابات واضحة المعالم، بيد أنها تفتح الباب على مصاريعه أمام الشكل المتوقع للخريطة الإعلامية المصرية خلال الفترة المقبلة.