الحب ليس مصطلح او احساس جديد علي مجتمعنا سواء الشرقي أو الغربي فهو امر فطرى لا تتحكم به فحين يدق نقوس الحب في قلبك تبدو وكأنك تغيرت شكلًا علي عقب فالحب وجد منذ خلق الله أدم علي وجه الأرض وإستمر بعهد الجاهلية وعهد الإسلام مرورًا بعهدنا هذا ولذلك حصدت "أهل مصر" أشهر قصة حب في الإسلام وهى قصة حب بنت الرسول وأبو العاص كما سنوضحها في التقرير التالي.
تزوجت زينب بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم من ابن خالتها أبو العاص بن الربيع ابن هالة بنت خويلد أخت السيدة خديجة، في الجاهلية، وقد وافق الرسول صلي الله عليه وسلم علي مصاهرته وتزويجه من ابنته فوق تقدمه لها، وكان أبو العاص نعم الصهر والنسب كما أعلنها رسول الله صلي الله عليه وسلم، ولكن جاءت الرسالة لتكون بداية فراق مرير وطويل بين الزوجين الحبيبين.
كان أبو العاص يتغني بحب زوجته زينب في كل وقت، وكان يؤلف ويردد الشعر فيها حينما يخرج في القوافل التجارية تعبيرًا عن حبه لها، وذات يوم سمع أبو العاص بما يقوله المشركون عن رسولنا الكريم، فذهب إلي زوجته يشكو إليها ضيقه، فإذا بها تعلن له أنها أسلمت! فماذا كان رد فعله ؟ لم يتهمها بالخداع أو الكذب، انما اعتذر لها بلطف ورقة قائلًا:” والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحب إلي من أن أسلك معك يا حبيبة في شعب واحد، ولكني أكره لك أن يقال: إن زوجك خذل قومه وكفر بابائه إرضاء لامرأته فهلا عذرت وقدرت ”.
وبعد ذلك قرر المشركون أن يطلق رجال قريش بنات الرسول صلي الله عليه وسلم، وكان رسول الله حينها له ثلاث بنات متزوجات من رجال قريش، وقد وافق ابني أبي لهب على تطليق زوجاتهم، ولكن أبو العاص كان له موقفا اخر، حيث رفض الزوج المحب المخلص أن يطلق زوجته، حتي إن كانت ابنة من يعادي قومه وقال “لا والله إني لا أفارق صاحبتي وما أحب أني لي بها نساء الدنيا جميعا”.
وكان موقف من اصعب المواقف التي مرا بها معًا عندما خرج أبو العاص مع قريش لمحاربة جيش المسلمين في بدر، فكان موقف شديد وصعب جدًا علي زينب الممتحنة في حبها لزوجها وحبها الأكبر لدينها وأبيها.. كانت زينب رضي الله عنها تدعو الله سبحانه وتعالى أن ينصر والدها على أعداء الله وأن يحفظ زوجها من كل سوء على الرغم من عصيانه لله وشركه به.
وعندما علمت زينب رضي الله عنها بانتصار جيش المسلمين اشتدت لوعتها خوفًا علي زوجها الحبيب أن يكون مات، وربما كان خوفها ليس لفراقه فقط، وإنما علي مقتله علي غير الهدي، ولكنها علمت بعد ذلك أن أبو العاص لم يقتل وإنما وقع أسيرًا في يد المسلمين، فقررت أن تفديه بكل ما تملك، وكانت زينب تملك قلادة اهدتها إليها أمها السيدة خديجة، رضي الله عنها، فأعطاها زينب لأخو زوجها ليذهب بها إلي رسول الله وأصحابه رضي الله عنهم ليطلقوا سراح أبي العاص.
وكان الموقف أكثر تأثيرًا عندما رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم القلادة ورق قلبه وتذكر حبه الكبير إلي السيدة خديجة رضي الله عنه، فما كان منه إلا أن قال لأصحابه برجاء خافت:” إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فعلتم”، فلم يملك الصحابة إلا الموافقة علي رجائة، فأعاد الرسول صلي الله عليه وسلم القلادة إلي أبو العاص وطلب منه ان يوصلها إلي زينت ومعها رسالة تقول “إلا هذه يا زينب.. لا تفرطي فيها مرة أخرى”.