في الذكرى الـ60 للوحدة بين مصر وسوريا.. القاهرة تتدخل لإنقاذ الغوطة الشرقية من الانقضاض التركي.. ماهي آلياتها لحل الأزمة ومستقبل دورها لإنهاء الحرب الأهلية؟

كتب : سها صلاح

فوجئ الوفد المصري الذي سافر سوريا اليوم في ذكري الوحدة بين مصر وسوريا في بالحب الجارف لدي السوريين تجاه مصر، وحنينهم إلى أيام الوحدة بين البلدين، التي استمرت 3 سنوات فقط في عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، خصوصًا وأن العام الحالي هو الـ 60 في ميلاد تلك الوحدة.

وعقب تدخل مصر في عمل هدنة في عدة مدن لوقف إطلاق النار في دمشق وحمص وحلب، زاد ذلك من صمود الجيش السوري للانتصار علي داعش العام الماضي، وهذا الإنجاز أدى إلى تدخل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بقواته، في عدوان صريح على عفرين، والغوطة الشرقية، وجهز نظيره الأمريكي، ترامب، ورقته الأخرى، بمقترح وضع تشكيل من 30 ألف مقاتل من داعش على الحدود، بحجة حماية الوضع وعدم تفاقمه.

ولم يكن الدخول التركي السافر في الغوطة الشرقية و قبلها في عفرين بغرض القضاء الأكراد أن المخطط حاول استغلال أكراد سوريا، كورقة ضغط ضد سوريا، رغم أن الأكراد هم جزء أصيل من الشعب السوري، وأن من تعاونوا مع الصهاينة والأمريكان منهم لا يمثلون الأكراد السوريين.

ولأن روسيا تريد فرض عضلاتها بعد ضرب قاعدة حميميم الأسابيع الماضية بصورايخ الدرونز التي استخدمتها المعارضة السورية، فإنها توافق تركيا تلك المرة على ضرب الغوطة الشرقية،والدليل على ذلك ما تناولته بعض الصحف الألمانية عن المجازر التي تقام في الغوطة بموافقة بوتين تحت شعار" المصالح تتصالح":

-صحيفة "هاندلسبلات"

قتلت تركيا بموافقة روسيا في ليلة واحدة 100 مدني، في الوقت نفسه عُلم أن دمشق تتعاون الآن مع وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من قبل امريكا للتحرك ضد الهجوم العسكري التركي في شمال البلاد، تُرى هل يتحمل الوضع عبثية أكبر؟ فالغرب يحارب نفسه بنفسه، الحرب في سوريا تحولت إلى تبادل ضربات سياسية و ليست عسكرية، كل واحد يريد أن يقول كلمته، والتحالفات تتغير دائما وبسرعة.

صحيفة "دي فيلت"

قالت نظرا للاستيلاء علي الغوطة الشرقية من قبل وحدات تركية، تريد وحدات حماية الشعب الكردية على ما يبدو التحالف مع أي شخص لصد الأتراك،في الحقيقة إن من مهام واشنطن حماية الحلفاء الأكراد. والأمريكيون حاولوا أيضا عدة مرات صرف تركيا عن الدخول في هذه المغامرة، لكن بدون نجاح.

ولأول مرة تعارض روسيا مصر في ايقاف مجازر تركيا أوغيرها بشكل مؤقت لإظهار العين الحمراء للمعارضة السورية التي عقدت معهم هدنة العام الماضي و تري أنهم بضرب القاعدة قد خلفوا الهدنة، ولكن هل ستسمح مصر بتلك الإبادة في الغوطة؟

خرجت الصحف السورية اليوم لتكشف أن مصر حليف قوي لسوريا وأنها ستتدخل في الوقت الملائم كما اعتاد الاشقاء عليها، حيث أكد تيار الغد السوري أن مصر تقوم باتصالات من أجل إيقاف الهجوم على الغوطة الشرقية.

وقالت مصادر موالية لنظام الاسد، اليوم الأربعاء، إن الوسيط المصري في دمشق يحاول حل أزمة الغوطة الشرقية دون عملية برية من قبل قوات الأسد.

وبحسب ما أوضحت مصادر اعلامية، تدورر المفاوضات حول الغوطة بين رئيس تيار الغد، أحمد الجربا، ورئيس المكتب السياسي لفصيل "جيش الإسلام"، محمد علوش، برعاية مصرية من جهة، والجانب الروسي من جهة ثانية.

ورأت الصحف السورية أن روسيا ليس أمامها سوى الاستجابة لمطالب سوريا ومصر حيث انها لا تريد أن تخسر حليف قوي كمصر في مقابل لاشئ.

والدليل على ذلك بحثت روسيا مع تركيا إمكانية إجلاء نحو 500 سوري محاصرين في الغوطة الشرقية في دمشق.

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه يعمل مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، من أجل تخفيف معاناة المدنيين الذين تحارصهم القوات الحكومية السورية في الغوطة الشرقية، وإجلائهم منها.

وأضاف: "نحو 500 شخص، بينهم 170 طفلا وامرأة بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة".

مستقبل الدور المصري في سوريا

يبدو أن الوساطة المصرية في سوريا تتجه إلى المزيد من النجاح ومحاولة الجمع بين فصائل المعارضة السلمية والنظام للدخول في مفاوضات جادة وهذا يرجع إلى:

1ـ مقاطعة الدول العربية لقطر أثر على دورها بسوريا وجعلها تنكفئ ذاتيا وتحاول التنصل من الجماعات المسلحة التي تدعمها ما يضعف هذه الفصائل وإجبارها على الرضوخ للحل السلمي.

2ـ تخلي السعودية عن مطلبها بإسقاط نظام الأسد عسكريا وقبولها بالحل السلمي، وتمثل ذلك في حل “جيش الإسلام” المدعوم من الرياض، إلى جانب ذلك قبلت السعودية الوساطة المصرية في الغوطة الشرقية ودعمتها في إطار إنهاء الأزمة.

3ـ تراجع تنظيم داعش في العراق وسوريا وبدء الترتيبات السياسية لمرحلة ما بعد داعش، فقد كان التنظيم أكبر عائق لعمليات المصالحة وإنهاء الاشتباكات المسلحة.

4ـ تخلي الولايات المتحدة عن دعم جماعات المعارضة المعتدلة وعلى رأسها “الجيش السوري الحر”، وتوافقها مع روسيا لحل الأزمة.

ومن المرجح أن سيدعم دور مصر في سوريا رغم الرفض التركي،لأن الدعم العربي إلى جانب الروسي والإيراني مع التراجع الأمريكي سيجبر أنقرة على القبول بمصر كوسيط لحل الأزمة لأنها لم تنخرط في النزاع منذ بدايته أو تتورط في دعم في دعم فصائل مسلحة، وسيساعد الدور المصري الإمارات من خلال الرافعة المالية ومعهما الكويت وذلك في مشروعات إعادة الإعمار ودعم اللاجئين.

وسيقتصر الدور المصري حالياً على الوساطة فمن المستبعد مشاركة مصر عسكريا الآن لمنع خروقات وقف إطلاق النار، فقد نفت المعارضة السورية مشاركة قوات مصرية في ضمان تنفيذ وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية بعد ورود أنباء عن مشاركة قوات مصرية في هذا الشأن، لكن قد تشارك مصر مستقبلا بقوات حفظ سلام حال زادت التفاهمات بين القوى الكبرى في سوريا إلى جانب نزع سلاح التنظيمات الإرهابية وتعاون القوى الإقليمية والدول الكبرى مع مصر داخل سوريا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً