9 أعوام مضت على تأسيس «مدرسة الإسكندرية»، التي تثير جدلا عقائديا موسميا، يستفز مجموعات الكنيسة الأصولية أو السلفية كما يطلقون على أنفسهم، المدرسة سلكت طرق حديثة لتفسير أسفار الإنجيل والقصص الدينية مثل إعتبار الهدف من قصة أدم وحواء أسطورة لتوضيح رسائل ربانية لم تحدث في الواقع.
المدرسة اعتبرت الكون هو الله وكل جزء منه هو جزء من الألوهية، وغيرها من أفكار روج لها رهبان دير البرموس ومؤيدي مدرسة الإسكندرية والتي أحدثت شقاق بين أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية، فكان أول المؤيدين لأفكارها الأنبا انجيلوس، الأسقف العام والنائب البابوي بأمريكا.
انجليوس قال: «لم أقل إطلاقا أن الإنجيل به أساطير أما عن رمزية بعض القصص بالعهد القديم فمثلا سفر نشيد الأنشاد هو سفر كامل بالكتاب المقدس وهو سفر رمزي ولا يمكن أن يؤخذ بالمفهوم الحرفي للكلام وأيضا قصة أهولة وأهوليبة بسفر حزقيال هي أيضا قصة رمزية، ويمكن أن تؤخذ حرفيا، فالتفسير الرمزي هو من أساسيات الايمان المسيحي ولا يمكن نقضه وإلا نصطدم بهذه الأسفار والقصص التي تفهم خطأ بالتفسير الحرفي البعض يجتزئونه من حديثي».
وأضاف في تعريقه «إن التشكيك في التفسير الرمزي يضع الإيمان المسيحي في مواجهة أسئلة ليس لها إجابات، فماذا عن الملك الألفي للمسيح، وماذا عن عودة إسرائيل، وماذا عن سفر الرؤيا».
16 كاهنا في مجمع أباء كهنة شيكاغو أعلنوا رفضهم الهجوم على رهبان دير البراموس ومدرسة الإسكندرية، ووقعوا على بيان جاء فيه: «يعلن الأباء الكهنة عن عميق أسفهم بسبب إستمرار قلة من الشباب في الهجوم والتطاول على بعض أباء الكنيسة الموقرين وإتهامهم بالهرطقة، فقد أصبحوا يحترفون أساليب الإصطياد والإجتزاء لبعض الكلمات و إخراجها من سياقها، ومحاولة إظهار أنفسهم كأبطال يحمون الإيمان ويدافعون عن العقيدة وليس لديهم أي مؤهل لاهوتي أو أي تكليف رسمي من الكنيسة للقيام بهذا العمل الهدام الذي لا يخدم سلام الكنيسة أو بنيانها، وبسبب غياب التوجيه الروحي والإرشاد الأمين لفترة طويلة صار إنتمائهم لكيانات مثل "رابطة حماة الإيمان" وغيرها أهم من إنتمائهم لأمهم الكنيسة».
وتابع البيان «بالتالي لا مانع من التجريح والتشويش على سلام الكنيسة وإستخدام أساليب غير أخلاقية في تشوية صورة بعض الخدام والآباء المباركين مما يتسبب في عثرة الكثيرين بلا أي رادع، ويتسبب هذا الوضع غير الصحي في خلق مناخ من الإرهاب الفكري و تكوين حالة من الإستقطاب داخل الكنيسة تتزايد وتحتاج علاج حاسم من قداسة البابا و آباء المجمع المقدس للكنيسة».
ورُغم أن بيان كهنة شيكاغو، إنتقد محاباة أسقفية الشباب وخادماتها لمساندتهم الشباب العلماني المعارض لتعاليم مدرسة الإسكندرية، إلا أن الأنبا موسى، أسقف عام الشباب، إلتزم الصمت، ليحل بديلا عنه الأنبا رافائيل، سكرتير عام المجمع المقدس للكنيسة، قائلا: «يتكلم السيد المسيح عن تاريخية وحقيقة وجود كثير من شخصيات العهد القديم، تأكيدًا لوجود باقي كل شخوص وأحداث العهد القديم، فمثلا يتكلم عن هابيل الصديق، ويوجد اتجاه عند بعض الكنائس الأخرى تعتبر أن الإصحاحات الأولى من سفر التكوين حتى قصة إبراهيم ليست أحداثا تاريخية، والأشخاص المذكورين ليسوا أشخاصا حقيقيين بل مجرد رموز أو أسماء وهمية، لكن أؤكد أن آدم شخصية حقيقية وليس كما يدّعي الملحدون انه مجرد رمز أو أسطورة أو كما يدّعي أصحاب نظرية التطور أن الانسان أصله قرد، الكتاب المقدس يشهد لحقيقة وجود شخص اسمه آدم.
الجدل الدائر بين أساقفة الكنيسة ساده هدوء حذر بعد نقاش دار بين الأنبا رافائيل ونيافة الأنبا انجيلوس، أكد خلاله الأخير تراجعه عن موقفه وتمسكه بالإيمان المسلم من الآباء بكل تفاصيله، موضحا أن ما نشر من مقطع فيديو مسجل لنيافته هو جزء من رد على سؤال موجه من أحد الحاضرين تعليقا على أن الفردوس أسماها موسى النبي رمزيا الجنة، و أنه لا يقصد اطلاقا إلغاء حقيقة وجود الفردوس ولا تاريخية شخص آدم و أحداث سفر التكوين وكل الكتاب المقدس إلا الأجزاء التي لا تحتمل إلا التفسير الرمزي مثل سفر النشيد واهولة واهوليبة في سفر حزقيال وما إليه من النصوص.
أما الأنبا رافائيل فأكد لنظيره أن ما نشره من "بوستات" عبر موقع التواصل الإجتماعي "الفيس بوك"، هدفه تأكيد حقيقة أشخاص وأحداث الكتاب المقدس وصدق الوحي، ولم يكن مقصودا بها الأنبا أنجيلوس، بل المناهج الفكرية الحديثة التي تعلم بها بعض الكنائس في العالم وتأثر بها بعض شباب الاقباط القارئين لهم.
نقلا عن العدد الورقي.