«السعيدية البحرية» إحدى القرى التي امتازت بجودة تربتها الزراعية، لعله كان سبباً لارتباط أحد أبناء الأسرة الحاكمة فى وقت من الزمان بها، أهلها تحمل وجوههم عبق الماضى، فهاهنا كان الأجداد يزرعون لصالح الخديوى . وهنا شهد الآباء انتصارات ثورة يوليو وعودة الأرض لأصحابها . هنا عذبوا.. وهناك انتصروا .
مساحات خضراء .. أشجار ونخيل تروى وتشهد على مأساة أهالى قرية "السعيدية البحرية" تلك القرية التى حملت اسم "سعيد باشا" لفترة من الزمن تجاوزت الخمسون عاماُ ، ظلت محتفظة بهذه الصبغة حتى وقتنا هذا، ولما لا وهى تحمل من القصص التاريخية ما يكفى.
«أهل مصر» تجولت بطرقات وضواحي قرية السعيدية البحرية ، التى تقدر مساحتها 1%10 من مساحة دمياط الإجمالية، وعلى ألسنة المزارعين جرت قصص الماضي والحاضر.
شحاتة على، مزارع، استهل الحديث «احنا نفتخر بأننا عايشين فى القرية دى، لانها تمتلك أرض من أحسن الأراضى فى زراعة الأقطان والمحاصيل الزراعية».
وأضاف شحاتة أن "سعيد باشا" امتلك تلك القرية لوقت طويل، كانت الأراضى بالكامل تابعة له ،وكان أجداده يعملون مقابل أجر ضعيف إذا وجدوه ، أيام عديدة ظل بها العمل بالسخرة حتى جاءت ثورة يوليو بدأنا نمتلك قرارانا
وأرضنا .
الحاج محمد، ابن السبعين عاما أوضح : «حاولنا تغيير اسم القرية ولكن ماعرفناش»، لافتاً إلى أن القرية أنجبت رموزا كثيرة تستحق أن يطلق عليها أسمائهم أمثال الدكتور أحمد أصلان رئيس هيئة مفوضى مجلس الدولة، والدكتور سليمان أبو غزالة أستاذ كلية الهندسة بجامعة الأزهر، وغيرهما من الرموز.
وأكد آخر أنه رغم هجمات التعدى على الأراضى الزراعية، إلا أن القرية مازالت تنتج أفضل الحاصلات الزراعية ، حتى الأن .
ـــ زيارة سعيد باشا الأسبوعية أحد طقوس البلدة
يوم الأحد يمثل ذكرى خاصة لأهالى القرية، ظل هذا اليوم عالقاً فى أذهانهم، فهذا هو الموعد الذى كان يقوم فيه "سعيد باشا" بزيارة البلدة لمتابعة المحصول ، وأحوال الفلاحين، ذكريات مؤلمة ولحظات فرح.
روى مسن أنه شاهد أباه وهو يجلد على يد رجال الخديوى بسبب خطأ اقترفه فى المحصول، بينما أكد آخر أن هناك شجرة كانت دائما تشهد على صلب الفلاحين إذا طالبوا بأجرتهم أو حاولوا الحفاظ على قوتهم ، فى المقابل كانت الهدايا تنهال على الخديوي وغيرهم من الحاشية وبعض الفلاحين الذين اعتبرهم الباشا "رجالته" .
رحلتنا البسيطة قربت على الانتهاء فعند آذان العصر ينصرف الجميع إلى راحتهم ، جلسات المصاطب تستعد لاستقبال "حديث العصارى" . بينما يذهبن النساء إلى مقرات عملهن إما فى جنى المحصول أو الاهتمام بحظائرهم .
وتبقى السعيدية البحرية عنواناً شاهداً على جبروت السادة، فيما تزال محاولات التغيير مستمرة .
نقلا عن العدد الورقي.