ads

مفاجآت وضغوط وتناقضات.. لماذا لوحت الكنيسة بورقة التدخل الخارجي؟

البابا تواضروس الثاني

نريد تدخل الرئيس، الرئيس ينتفض، فعلى الرغم من الغموض الذي اكتنف الحادث وغطى ملامحه وأسبابه، ظلت تداعياته جلية وواضحة المعالم.

هذا ما فعلته الكنيسة عندما دعت الرئيس ومؤسسة الرئاسة إلى الدخول على خط المواجهة فيما عرف بأزمة "سيدة الكرم" أو "أبلة سعاد ثابت".

تناقضات في دور رجل الدين

بيد أن القضية والأزمة شابها نوع من التناقضات والتباينات، ففي الوقت الذي دعا البابا تواضروس الثاني إلى غلق الطريق على من يحاولون المتاجرة بالحدث لإشعال الفتنة الطائفية، أكد الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، أنه رفض لقاء وفد بيت العائلة المصرية والبرلمانيين المصريين، مرجعًا ذلك إلى تمسك الكنيسة بحقها في الاحتكام إلى القضاء، فيما كانت مبرراته هو شخصيًا لعدم إستقباله أن الوفد لم يستأذن قبل الحضور، وهو ما عده البعض تناقضًا واضحًا في دور رجل الدين، وخاصة في مثل مثل هذه الأزمات التي تستوجب سرعة التجاوب مع الجميع لإحتواء الأزمة، فيما عده آخرون ورقة تريد بها الكنيسة الضغط على الدولة ربما للحصول على مكاسب أكثر.

أما السبب الثاني الذي أعلنه الأنبا مكاريوس عن عدم مقابلته وفد بيت العائلة المصرية والبرلمانيين على خلفية الأزمة، هو أن حضوره كمفوض من البابا تواضروس لهذه الجلسة قد يوحي بقبول الصلح بدلًا من أن يتصدر القانون المشهد، وكأن النية مبيتة على عدم الصلح ابتداء، أو أنه لا يعني أن تكون هناك شروط بتقديم الجناة إلى المحاكمة العادلة جراء ما فعلوه من فعلة شنعاء، لا يقبل بها أي دين على وجه الأرض.

"أبلة سعاد" سامحت والآخرون يريدون إشعالها

أما التناقض الأغرب في الموضوع هو ما صدر على لسان صاحبة القضية نفسها وضحيتها الأولى والتي عرفت مجازًا "سيدة الكرم" صوتًا وصورة، حينما أكدت أنها سامحت من قام بالإعتداء عليها وآذاها في إشارة واضحة على نيتها الحسنة وطيبة الأم المصرية الصعيدية، في حين يصر البعض على التصعيد، وهو ما كشف عنه الأنبا مكاريوس بأن هناك حكومات أجنبية قامت بالإتصال به من أجل التدخل في أزمة "سيدة الكرم" بل وتصعيدها، لكنه رفض هكذا تدخل، تصريحات عدت بالخطيرة، كونها تكشف محاولات لتصعيد الأزمات واستخدامها في الضغط على الدولة المصرية، وداعية إلى الإجابة على تساؤلات هامة، لعل أبرزها ما هي الأسباب الحقيقة وراء سعي هذه الحكومات لتصعيد أزمة سيدة مصرية، واللعب على وتر الفتنة على الرغم من كون القضية حادثًا جنائيًا يمكن معالجته دخلياً بعيدًا عن الأبعاد الدينية للموضوع، وتأكيدًا على وحدة البلاد من الناحية الاجتماعية والدينية، بيد أن أخطر هذه التساؤلات هو المتعلق بهكذا تصريح، وعلام يدل إعلان الأسقف مكاريوس عنه على الملأ؟ وهل هو رسالة موجهة إلى جهة محددة بعينها؟ وماذا يحمل من إشارات ودلالات؟، وخاصة في ظل تشديده على وجوب إسراع الدولة باتخاذ إجراءات سريعة من أجل التضييق على الخارج وإضاعة فرصة تدخله في الأزمة، وكأن القاعدة في الموضوع هو التدخل الخارجي في أزمات مصر الداخلية، فيما رآه البعض تلويحًا من الكنيسة في وجه الدولة وخاصة مؤسسة الرئاسة بإمكانية لجوء الكنيسة لهذه الورقة، في أي وقت، وحينما تشاء، بينما اعتبره آخرون تدخلًا الدين في السياسة وهو المبدأ الذي طالما نادت وتمسكت به الكنيسة.

تقاعس ومفاجآت

لم يقتصر الأمر في هذه الأزمة على التناقضات فقط بل كانت هناك مفاجآت عدة فجرها عمدة قرية الكرم "عمر راغب" حينما أكد أن أحد المتهمين في القضية شخص متوف منذ عام 2005، ويدعى رفعت محمود، فيما كان متهم آخر يجري عملية جراحية وقت وقوع الحادث، رافضًا ما قيل عن انعدام النخوة لدى رجال القرية، في حين اتهم بعض الأقباط الأمن بالتقاعس عن القيام بدوره في القضية، وتمييع القضية.

سعاد لم تتعرى واتهام من قاموا بسترها بملابسهم

أما التناقض اللافت للنظر والأهم في الموضوع والذي ربما ينسف القضية من أساسها، وهو ما كشفه أيضاً "راغب" عمدة قرية الكرم التي وقعت فيها الواقعة، عندما أكد أن "سعاد ثابت" لم تتعرض للتعرية على الإطلاق، ونفى ما تردد وقيل منذ إثارة الأزمة وحتى الآن، مشيراً إلى أن الأمر لم يتعدى كون ملابس "سيدة الكرم" مزقت بفعل المشاجرة التي وقعت بين طرفي الأزمة، مبينًا أنه رجلاً يدعى "الحاج مجاهد صلاح" وزوجته وآخر يدعى "مجدي زناتي" وزوجته قاموا بإلقاء عباءة على السيدة لستر جسدها على الفور، كما قام أحد الرجال بإدخالها إلى منزله، أما التناقض في هذا الأمر أيضًا وربما الصدمة هو اتهام من قام بستر سيدة الكرم بملابسهم في قضية الإعتداء عليها، بحسب ما جاء على لسان عمدة القرية.

الشائعات والأحداث الجسام

أما السيدة التي قيل أنها السبب الرئيس في إشعال هذه الأزمة، حيث اتهمت بإقامة علاقة غير مشروعة مع نجل سيدة الكرم التي تم الإعتداء عليها، أكدت براءتها من هذه القضية براءة الذئب من دم إبن يعقوب، وطالبت من خلال محضر رسمي عرضها على الطب الشرعي لإثبات براءتها مما نسب إليها من جريرة، ليس لها أي أساس من الصحة، ولفت الزوجة المطعون في شرفها أن السبب الرئيس وراء هذه الإدعاءات هو رغبة زوجها في الهروب من دفع التزاماته المادية المترتبة على طلاقها حيث طالبته أكثر من مرة بالإنفصال عنه لسوء معاملته هو وأهله إياها هي وأسرتها ما دفعها إلى طلب الطلاق منه، مبينة أن أسرة زوجها قامت بمساومتها عبر مطالبتها بالتنازل عن "القايمة" لتطليقها لكنها رفضت الخضوع لذلك، فما كان من أسرة الزوج إلا أن رددوا إشاعات حول علاقة آثمة بين الزوجة والشاب القبطي لإثارة الفتنة ومن ثم الخروج الآمن لهم عبر ذلك الباب فيما يتعلق بحقوقها الشرعية.

ومن الشائعات ما قتل، حروب اندلعت بين دول عدة بسببها، كما أثيرت فتن كثيرة، في الدخل والخارج بسبب شائعة ليس لها أساس من الصحة، في مخالفة صريحة لما دعا إليه ديننا الحنيف، حينما قال الحق سبحانه وتعالي في محكم التنزيل، وتحديدًا في الآية السادسة من سورة الحجرات " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً