بناء مسجد بتبرعات مسيحية بـ"منشأة طاهر" في بني سويف (صور)

شهدت قرية "منشأة طاهر" التابعة لمركز إهناسيا ببني سويف، واقعة حقيقية تجسد الترابط والتجانس بين عنصري الأمة، حين شارك مسيحيو القرية المسلمين في إعادة بناء المسجد الكبير بالقرية، الذي تصل تكلفته لـ3 ملايين جنيه.

قال ربيع خليل، نقيب مأذونين إهناسيا، ابن قرية منشأة طاهر، إن القرية تعدادها يصل إلى 10 آلاف نسمة وبه مجموعات من المسيحيين داخل القرية، مؤكدا أن الجميع اجتمعوا على إنشاء المسجد بتبرعاتهم النقدية والعينية.

وقال الشيخ سعد سعداوى، أحد أهالي القرية، إننا نشأنا جميعًا على أنه لا يوجد فرق بين مسلم أو مسيحي بالقرية، وجدنا أجدادنا وأبانا يتعاملون معًا ويقفون معًا يدًا بيد في السراء والضراء، نتشارك في الأفراح والأحزان، حتى مساعدات الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية لا تفرق بين فقير مسيحي أو مسلم، نشأنا معًا وتربينا وتعلمنا معًا وسنظل بإذن الله إلى آخر العمر.

وأضاف: "منذ بداية التفكير في هدم وبناء المسجد، كان إخواننا المسيحيون معنا يدًا بيد، فقد جمعوا في البداية مبلغًا من المال، مثلهم مثل مسلمي القرية، وفوجئنا بأحدهم يقدم لنا المبلغ تبرعًا منهم للمساهمة في بناء المسجد، فضلًا عن مساهماتهم بمهنهم وحرفهم؛ فمنهم البناء ومنهم النجار والعمال، جميعهم ساهموا في مراحل الهدم والبناء والتشطيب، دون تقاضي أي أجر، تبرعًا منهم لإعادة تجديد مسجد القرية".

وقال بشرى رزق فرج، موظف قبطي من أهالي القرية: "تبرعت بمبالغ مالية لإنشاء مسجد القرية، وهذه لم تكن مفاجآة لمقيم الشعائر بالمسجد أو للعمدة أو لأهل القرية؛ فالمسلمين في قريتنا معنا يدا واحدة، ولذلك عندما بدأت الدعوة لجمع الفلوس لإقامة المسجد ذهبت وتبرعت، ولم أكن القبطي الوحيد الذي تبرع للمسجد، فقد شارك معي كامل عياد ويعمل بناء في إنشاء المسجد بدون أجر".

وتابع: "كما ساهم عم ثابت حنين متبرعًا بكميات من الطوب للمسجد، وكانت مشاعر الأقباط في القرية مثل مشاعر المسلمين في بناء المسجد؛ فالمسجد رمز ديني للمسلمين، ونحن نعيش في القرية مع المسلمين، وكنا نرى المسجد بحالة تحتاج إلى تطوير وتشييد؛ فعندما شرعوا في جمع المبالغ المالية وشراء مواد البناء شاركنا كمسيحيين في القرية في بناء المسجد".

وأكد: أن "الله هو الذى يجمعنا، وأننا شركاء في حب هذا الوطن، وكلنا أبناء وطن واحد، ومثل النسيج الواحد، الذى لا ينفك، وسوف نستمر في هذا الوطن، بالمحبة التى تجمع بين المسلمين والمسيحيين، والتى نشأ عليها هذا المجتمع؛ فمصر منذ مئات السنين لم تعرف أن فلان مسيحى وفلان مسلم، بل تعرف أن الجميع مصريين، وأن الجميع عباد لله، كل خدم للوطن في أي وقت، وفي أي مكان، وإن الكنيسة يحميها المسجد والمسجد تحميه الكنيسة، فمصر بلد واحد، يعيش فيه شعب واحد، مهما تعددت ثقافاته، وأفكاره واتجهاته".

وتابع: "كنت سعيدًا يوم افتتاح المسجد وذهبت للمشاركة، فصلاتنا نحن كمسيحيين في الكنيسة، تشبه صلاة المسلمين في المسجد، لأننا من منبع واحد، وأصلنا واحد، والسماء واحدة والرسالة واحدة والرب واحد، فالمسلمون يتوجهون للقبلة، ونحن نتوجه إلى المذبح، وعلاقتنا كمسلمين ومسيحيين، لها خصوصية وطابع خاص جدا، ولا يوجد أدنى تفرقه بيننا، والمسجد بيت الله".

وقال ثروت أنور عبدالعزيز، موظف بالمعاش بالقرية، إن العلاقة بين مسلمي ومسيحيي القرية ليست مجالًا للمزايدة عليها؛ فنحن شركاء في الوطن والعمل وشركاء في الزراعة والتجارة نتشارك في الأفراح والأحزان، لافتًا إلى أن أعمال تجديد المسجد بدأت منذ عامين، وكنا نقوم بجمع التبرعات من أهل القرية، وشارك المسيحيون معانا في التبرعات بالمال والعمل، وهذا عهدنا بهم".

وفجر ثروت، مفاجأة بقوله: "المسجد بعد بنائه ليس له إمام، وأن الأوقاف ترفض ضم المسجد إلى الآن، كما أن هناك بالمسجد دورات مياه على مستوى عال، وحتى الآن لم تصل المياه ولا الصرف الصحي إلى المسجد"، لافتا إلى إن أهالي القرية يتوضؤون في منازلهم ويأتوا للمسجد للصلاة، مناشدا الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإصدار تعليماته للدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، بضم المسجد إلى الأوقاف، لنتمكن من مده بالمياه والصرف الصحي، ويخصص لنا إمامًا وخطيبا وعمالًا يحافظون على المسجد بعد تطويره.

يُذكر أن المهندس شريف حبيب، محافظ بني سويف، قد أناب اللواء خميس أبو الفضل، السكرتير المساعد، في افتتاح المسجد، الجمعة الماضية، بحضور النائبان على بدر ومحمد كساب، عضوا مجلس النواب عن الدائرة وممدوح عباس، رئيس مركز ومدينة إهناسيا ومحمد عاصي، منسق حملة "كلنا معاك من أجل مصر" وقيادات مديرية الأوقاف وسط حضور لافت من مسلمي ومسيحيي القرية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً