ads

تعرف على ورقة الضغط المستخدمة من إيطاليا ضد مصر

جوليو ريجيني

لا تسير على وتيرة واحدة، في البدء كان تصعيد ووعيد وتهديدات، وصل إلى حد المطالبة بفتح تحقيق دولي في الحادث بعد أن قامت بسحب السفير، وبفعل المصالح المشتركة هدأت تلك الوتيرة للتأكيد على أن علاقة الدولتين تاريخية ولن تتأثر بحوادث فردية، وأن موقفها اتخذته تحت وطأة معلومات مغلوطة، هذا يلخص أو يكاد ردود فعل الدولة الإيطالية في مواجهة المصرية حيال قضية مقتل الباحث "جوليو ريجيني" في القاهرة قبل احتفالات الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير بيوم واحد.

اتصالات سرية جرت بين محققي إيطاليا في الحادث والسلطات المصرية بشأن القضية، دارت مجملها حول مطالب جديدة قديمة مقدمة من روما إلى القاهرة بضرورة تزويد الأولى بمزيد من الوثائق والتقارير والمعلومات تساعد في الوصول إلى الجناة.

روما استندت في مطالبها إلى أن المعلومات التي قدمها الجانب المصري بهذا الشأن غير كافية لكشف غموض الحادث ومن يقف وراءه، وركزت المطالب الايطالية على سجلات المكالمات الهاتفية التي جرت بين مواطنين مصريين في مناطق عدة لعل أبرزها الدقي حيث اختفى ريجيني، وطريق مصر الأسكندرية الصحراوي حيث وجدت جثته ملاقاة بعد قتله، ناهيك عن أوقات أقدم للمكالمات التي قدمتها القاهرة.

أما مبررات إيطاليا في مطالبها الجديدة هي الصعوبة التي وجدتها روما في ترجمة التقارير التي أرسلتها مصر، فضلًا على كونها مكتوبة بخط اليوم، ما دفع القاهرة إلى إعادة صياغتها مرة أخرى.

محللون كثر أرجعوا التصعيد الشديد من جانب إيطاليا في مواجهة مصر والتي وصلت في بعض مراحلها إلى التهديد بتدويل القضية، والتي ترجمتها روما بطلب من البرلمان الأوروبي بفتح تحقيق دولي في مقتل ريجيني على غرار ما حدث في قضية مقتل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ومن ثم التراجع بل التراخي والمهادنة الإيطالية مع مصر – أرجعوها – إلى رغبة روما الأكيدة في دعم القاهرة لسياساتها في ليبيا، لما لها من نفوذ ووجود فعلي على الأرض في دولة الجوار الليبي.

الرغبة الإيطالية في كسب التأييد المصري لسياساتها في ليبيا تعود بالأساس لشعور الإيطاليين أكثر من غيرهم بالخطر الذي تمثله الحالة التي تعيشها ليبيا على الأمن القومي الإيطالي.

روما متورطة منذ البداية في المأزق الليبي خاصة بعد سقوط النظام السابق برئاسة معمر القذافي، وتحتاج التحالف المصري معها للخروج الآمن من هذه الأزمة عبر تأييد الحكومة الليبية الجديدة برئاسة فايز السراج، خاصة في ذلك القلق الذي تعيشه إيطاليا جراء الدعم المصري الذي أعلنته صراحة لخليفة حفتر شرقي ليبيا، وهو ما يبرر استراتيجية إيطاليا تجاه مصر والتي اتضحت جلية عبر الضغط بورقة مقتل الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني".

القارئ المدقق في الواقع الحالي يكتشف وجود ثلاث مصالح رئيسة لإيطاليا داخل الحدود الليبية، أولاها بالطبع حماية أصول شركاتها العاملة في مجال النفط والغاز هناك، وثانيها هو حرص روما على استعادة الاستقرار السياسي في ليبيا كضمانة فعلية لإيقاف التدفق الهائل للمهاجرين غير الشرعيين عبر السواحل الليبية التي تعد الأقرب إلى الحدود الإيطالية أما ثالث هذه المصالح الإستراتيجية والأخيرة فهو محاولة التخلص من تنامي وتمدد خطر تنظيم داعش في ليبيا خشية انتقاله إلى الدولة الإيطالية.

بهذه المعادلة حاولت خلق أوراق ضغط لها على القاهرة عبر قضية مقتل ريجيني لتعظيم إستفادتها منها، من أجل انصياع مصر لمطالبها في ليبيا عبر رفع يديها عن دعم خليفة حفتر ومباركة تشكيل الحكومة الجديدة هناك برئاسة فايز السراج، فكثير من المراقبين للعلاقات المصرية الإيطالية أكدوا أن حادث مقتل ريجيني لو وقع في زمن تبعد ليبيا فيه عن شبح الفوضي وتنعم باستقرار ووحدة الدولة، لما استخدمت روما ورقة مقتل ريجيني بهذه الطريقة حيث سيكون التعاطي معها أقل وطأة وحدة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً