تنتظر كافة الأمهات بلا استثناء ذلك اليوم، التى تلقى فيه حفاوة من كافه أفراد عائلتها، فمنهم من يقدم هدية للتعبيرعن حبه لها ومنهم من يكتفى بوردة أو حتى بأحد بطاقات المعايدة، لكن فى كل الأحوال، اعتادت الأم وجود أبنائها حولها فى ذلك اليوم، إلا أن أم الشهيد تختلف عن الأمهات الأخريات، فمن فقد أمه يصعب عليه الاحتفال به، فما بالك بمن فقدت ولدها كشهيد للوطن؟.
ففى أحد المنازل الريفية البسيطة بقرية قليب آبيار التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، انتقلت كاميرا "أهل مصر"، لتعايد أحد الأمهات المكلومات، ففي مدخل ذلك البيت يعم الصمت والهدوء، وتعلق على جدرانه صور لشاب بالزي العسكرى وتحديداً زي الصاقعة المصرية، واستقبلتنا سيدة فى العقد الخامس من عمرها، تتشح بالسواد من رأسها حتى أخمس قدميها، فتلك السيدة هي "جيهان محمد بسيونى"، والدة شهيد الواجب عريف "أحمد رضا المدبولى"، الذى استتشهد فى العملية الشاملة سيناء "2018"، منذ أقل من شهر.
فتحت باب أحد الغرف المرتبة وجلست على أحد الأسرة الثلاث الموجوده بالغرفة، وقالت: "ده سرير أحمد، لما كان بيرجع أجازه مكنش يرضى أنام فى غرفتى لازم أنام جمبه هو وأخواته"، أحمد كان أحن أولادى، وأقربهم لى، طلب الشهادة ونالها، طالبته أكثر من مره طلب النقل من سيناء لكنه رفض بشده، وقال أنا حبيت المكان هناك أدعيلى يا أمى".
ثم قامت واختفت دقائق وخرجت مرة أخرى حاملة بيدها زيه العسكرى داخل حافظة وبيدها الأخرى علم مصر وبيادة عسكرية، ثم جلست على طرف السرير مرة أخرى، ونظرت لما تحمله قائلة :"تلك البدلة قام بغسلها وكيها وعلقها قبل السفر بساعات، أما ذلك العلم والبيادة هو ما تبقى لى من أحمد"، وانهمرت الدموع من عينيها وهى تحتضن بيادته، قائلة: "اشتم رائحة ابنى وأشعر بوجوده عندما احتضنها".
وأشارت إلى قطعة ملابس بجانبها قائلة: "كان بيحبه اللبس ده، كان أحلى لبس عليه ووعدنى عندما يستلم راتبه بشراء هدية عيد الأم من مدينة طنطا، ووعدنى أيضاً أنها ستكون هدية ليس لها مثيل فى البلد، لم أعلم أنه سيهدينى الشهادة".
وأضافت: "أذكر فى آخر أيام أجازته كان يستمع لنشيد الصاعقة وقال فى نهايته والمدبولى هيحط بصمته، فنهرته على تلك الكلمات لكنه طلب الشهادة ونالها".
واختتمت: "عندما فقدت أحمد قدمت أخيه للأخذ بثائره وثأر أخوانه وتطهير مصر، ولدى ابن ثالث عندما يكبر لن أتهاون فى تقديمه هو الآخر كأخوته للدفاع عن مصر".