"لكل امرئ من اسمه نصيب".. قصة "أحلام" الكفيفة التي قاومت إعاقتها.. ذاع صيتها في الإسماعيلية بسبب "التريكو" (فيديو وصور)

لم يمنعها فقدها لبصرها في الرابعة من عمرها، من أن تكون امرأة سوية ناجحة ذات بصيرة أفضل من بعض الأسوياء.الحاجة أحلام ذات الـ59 عاما، تعمل وكيلة مدرسة المكفوفين بالإسماعيلية، ولدت طفلة طبيعية دون إعاقات حتى فقدت بصرها في سن الرابعة، لكنها تغلبت على إعاقتها ولم تلتفت لها حتى تفوقت وحصلت على العديد من الشهادات الجامعية المصرية والأمريكية وأتقنت فن التريكو وصناعة المشغولات من الخرز وحياكة الملابس بالإضافة إلى عدد من اللغات.تسير حياتها اليومية كما لو كانت شخصا سويا لا تكاد تختلف عن الأسوياء في جدهم ومرحهم، الابتسامة وخفة الدم لا تفارق وجهها تداعب بهما كل من حولها تجعلك تشعر وكأنك تعرفها منذ سنوات طوال بنقاء وطيبة قلب غير عادية يسرقك الوقت؛ فتجلس إلى جوارها بالساعات لتستمتع بحديثها ونكاتها ومواقفها الساخره التي قد يغضب منها البعض عند تعرضه للإحراج بسبب موقف محرج أو استغلال إعاقتها من قبل أشخاص في المجتمع إلا أنها تقابلها بصدر رحب وبسخرية وكأنها لم تتعرض لمضايقات نفسية، ترعى أسرتها وأبناء زوجها وتقوم بالأعمال المنزلية وتقف أمام البوتجاز وتطهو الطعام بنفسها تكنس وتمسح وتغسل الملابس، ورغم ذلك لم ترزق بأطفال، ولكنها وجدت حياتها في رعاية أبناء زوجها وأبناء مدرسة النور للمكفوفين وأحفاد شقيقتها الصغار كما لو كانوا أبنائها.لم تستسلم أحلام لظروفها الخاصة .. بل تغلبت عليها وحصلت على ليسانس في الآداب ودبلوم في التربية العامة والتربية الخاصة وأيضا حصلت على شهادة من جامعة جالوديت وأخرى من مدرسة بركنز للمكفوفين بأمريكا.أتقنت التريكو وصنعت منه ملابس مميزه ومتناسقة الألوان كما لو كانت مبصرة وصنعت العديد من المشغولات بالخرز الملون بالإضافة على قدرتها على حياكة الملابس بشكل جيد.وتقول أحلام: "فقدت بصري وأنا طفلة بعمر الـ4 سنوات وألحقني والدي بمدرسة النور للمكفوفين بالقاهرة، في وقتها لم يكن هناك مدارس للمكفوفين بالإسماعيلية، وتعلمت التريكو من إحدى المعلمات التربية العملي والمتخصصة في تعليم المكفوفين".وتابعت: "أتذكر أسمها كانت تدعى فاطمة وكانت من محافظة بني سويف كانت تأتي للمدرسة يوم واحد في الأسبوع وتعلمني وزملائي، تمسك يدي وتعلمني كيفية استخدام خيوط التريكو وعمل الملابس بها". وأضافت أحلام: "كان نفسي أطلع رسامة والموضوع طبعا كان صعب جدا فبدأت أرسم بأيدي وده مكنش بيرضي غروري، أنا عايزة أشوف اللي أنا رسماه فأستثمرت ده في شغل التريكو وبدأت أشتغل الخرز كمان وعلمتني أخت فاضلة شغل الخرز مجانا، وطلبت مني أن أعلمه لزميلاتي من الكفيفات حتى يكون مصدر دخل للبعض منهم. وأشارت إلى إنها صنعت "مازورة" لأخذ المقاسات بسهولة وكان ذلك في سنة 1979، موضحة: "كان نفسي أوي وقتها أتعلم الخياطة ومكنش حد متخيل أني ممكن أنجح فيها، بس فكرت وأختي ساعدتني كتير بقيت أكتبلها الأرقام بطريقة برايل وهي تنفذها على المازورة اللي بيستخدمها المبصرين، فعملتها فعلا وبقت مناسبة للمكفوفين اللي بيعرفوا طريقه برايل ويقدروا يستخدموها كويس".وعن عما يمثله لها والدها، أوضحت: "والدي كان بيجسملي كل شئ في الدنيا حوليا كنت أقوله يعني إيه أنبوبه كان يجيبلي ورقة ويلفها ويقولي دي أنبوبة وهو كان بيشتغل كهربائي كان يمسكني الأنبوبة البلاستيك أو المعدن ويعلمني يعني إيه معدن وأيه الفرق بين البلاستيك والنحاس والألمونيوم والنحاس ويشممني ريحة كل حاجة، وكان دايما بياخدني معاه نتجول في جنينة الملاحة ويخليني ألمس الحشيش والنجيلة الموجود على الأرض ويمسكني الشجر من أول الجزوع وحتى الأوراق، وفي مرة بشوف ورقة لقيت عليها حاجه زي التراب سألته إيه دي قالي دي حبوب اللقاح، وبدأ يشرحلي يعني إيه حبوب اللقاح، لافتة إلى إن والدي كان ينقل لي الدنيا بعينيه لدرجة إني أسمع أي كلمة أقوله دي معناه إيه يقولي كذا".وفي نهايه حديثها، حثت أحلام، أسر المكفوفين على ضرورة دمجهم بالمجتمع والبيئة المحيطة بهم حتى يصبحوا أشخاص أسوياء ومؤثرين في المجتمع بشكل إيجابي، كما أشارت في حديثها علي أن للمكفوفين احتياجات ومتطلبات وحقوق كثيرة أبسطها الزواج وتكوين أسر ناجحة، وأن هذا الأمر لن يتحقق إلا بتعميم دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع، داعية أسر المكفوفين بضرورة الرضا بقضاء ومنح الله.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً