في الصباح الباكر تجدهم يملاؤن الشوارع والأزقة، ينطلقون في رحلتهم اليومية للبحث عن الرزق، مشاق كثيرة وأعباء تحيط بهم، ولكن سرعان ما تنتهى فور وصولهم مقر العمل.
يودع "الصنايعية" أعبائهم تلك بمنتهى حديثهم مع النفس، ويبدأ حديثهم مع الخشب، عند وجودك بينهم لن تشعر أبدا أنك أمام عمالة عادية، فهم اختاروا مهنة لن يقبل عليها سوى أصحاب الذوق الرفيع حتى لقب اربابها بالفنانون.
قامت ''اهل مصر'' برحلة داخل إحدى ورش النجارة بدمياط ، حاولنا خلالها اكتشاف سرا جديدا من أسرار أبناء دمياط ، وفى السطور القادمة نتعرف سويا على سر ''الاويمجى'' أو "نحات الخشب".
قطع معدنية ذات أيدى خشبية .. منضدة خشبية .. وجدران صغيرة، هي أدوات ''الأويمجى''، داخل حجرته الصغيرة يقف محمد أبو النجا، شاب فى العقد الثالث من العمر، ليبدأ حواره الأول مع الخشب.
"أنا وارث المهنة دى من والدي واختارتها عشان فيها فن"، بهذه العبارة بدأ حديثه معنا، واصفا مهنة ''الاويمجى'' بـ"روح الأثاث الدمياطى".
استقطع حديثه للحظات، وراح فيها يدقق النظر لقطعته الخشبية، ثم عاد إلينا مرة آخر مستكملا حديثه قائلا: "رغم اللى بتشوفه من تعب بس احنا بنحس أننا عملنا حاجه كويسة لما الناس بتشكرنا"، وأضاف قائلا : "الشغل درجات واحنا بنعمل كل المستويات، والحالة الاقتصادية أثرت على الشغل كتير وعلى المستوى والذوق".
لم يطل الحديث معنا إذ كان انتباهه منصرفا إلى ما يقوم به، أمسك بقطعته المعدنية وأخذ يبدأ حديثه الثانى، وأثناء عمله قال: "احنا بتقدر نرسم كل الأشكال على الخشب، والمهنة دى سر كبير من أسرار صناعة الأثاث مافيش دولة قدرت تعرفه رغم محاولاتهم".
توقف "أبو النجا" قليلا عن العمل يبدو أنه انتهى مما يقوم به، وظهرت لنا صور لوردة خشبية، لوح إليها قائلا : "الصين تعرف تعمل كده، احنا مش ضد التطور رغم أن ماكينات الاويما وقفت حالنا، إنما برضه سر الصنعة عندنا واحنا الأصل، ولو فيه حد يرعانا ننافس دول العالم وده مش جديد علينا".
أنهى الشاب حديثه قائلا: "انا عايز أقول رسالة إلى بيحاولوا يخترعوا حاجات تحل محلنا، سر الاويمجى فى دمياط بس وصنايعية دمياط أيديهم تتلف فى حرير".