يثير اللون الأبيض فى النفس شئ من الراحة والنقاء، لما له من دلاله على الطيب والصفاء، إلا فى تلك الحالة.. فداخل أقدم دكاكين بيع القماش بمنطقة الصهريج القديم بالمحلة الكبرى والمخصص لبيع أكفان الموتى خصيصاً، تجولت كاميرا "أهل مصر" بين تلك "الأتواب البيضاء"، حيث تكون المشهد من لونين فقط هم أتواب الأكفان البيضاء وسيدات يلتحفن السواد من الرأس حتى أخمس القدم.
بدء المهندس "حسين مغربى" الجالس بأحد الأركان كلماته قائلاً: لا توجد لافته على المكان لان مكانه مشهور ، وتابع مازحاً "صور الجثه بدل اليافطة" ، فأنا بدأت العمل فى بيع القماش وخاصة أكفان الموتى منذ 40 عام ، فتلك مهنه أبى وجدى ، ورثت المكان عن أجدادى ومازال كما هو، وأضاف يأتينى يومياً من 3 إلى 4 زبائن لشراء أكفان لموتاتهم من قماش "الدبلان" المصنوع من القطن الخالص ، والذى كان يستخدم قديماً بكثرة فى تنجيد العرائس .
وتابع قائلاً الأكفان لا تصنع من قماش الدبلان فقط ولكن أيضاً من الحرير الخالص ، ويحدد النوع على حسب مقدرة أهل المتوفى ، فالكفن الحرير يصل إلى ألف جنيه أما الدبلان وصل لـ140 جنية ، أما الأنواع الرديئة الخشنه المخلوطة بالبوليستر فيتراوح سعرها من 80 إلى 100 جنيه على حسب النوع سواء كان رجل أو أمراءاة.
وأشار إلى أن كفن المراءة أكبر من كفن الرجل حيث يصل إلى 8 أمتار ، فالمراءة تكفن بخمس أدراج وهم "خمار وإزار ولفافة من الرأس للقدم وخرقة تربط على الثدى وقميص" ، أما الرجل يكفن بثلاث أدراج وهم "إزار وقميص ولفافة" ، ومن هنا يأتى فرق القماص بين الرجل والمراءة ،وهناك بعض الأضافات التى كان يطلبها "الشرقاوية" كالقطنيه وهى قطعه قماش مصنوعه من الحرير والقطن ، أستخدم هذا النوع قديماً لصناعه الصديرى الفلاحى أما الأن أنتشرت بعض الأقوال عن عدم شرعيته إلا أنها مطلوبه.
أما بالنسبه لمستلزمات تغسيل الميت أو ما يسمى بـ "كيس العطارة" يحتوى على لوفتين من اللوف القديم وكيس قطن و زجاجه مسك وزعفران خام خاليه من الكحول لانه يدنس الكفن ، وأبره وخيط لضم الكفن أذا كان فضفاض وصابونه ، وحفنتين من نبات الشيح المجفف ليوضع فى مياه الغسل وينثر داخل القبر لمنع الزواحف كالعثابين.
وعلى صعيد متصل يقول الشيخ محمد عطية عزام أمام وخطيب الكفن فرض كفاية حتى لو كان ثوباً واحد يستر بدنه ، وما يستوجب فيه أن يمون حسن نظيف ساتر للبدن ، لما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "نإذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه" .
وأضاف "عزام" يستحب فى الكفن أن يكون أبيض ، فلما سؤل النبى صلى الله عليه وسلم قال "ألبسومن ثيابكم البياض فإنها خير ثيابككم وكفنوا فيها موتاكم" ، كما يجبأن يجمر ويبخر ويطيب ثلاث مرات ، أما بالنسبه لشرعيه الحرير فى الكفن فهو جائز للمراءة ومكروه للرجل ، وذلك لانه محلل لبسه للمراءه فى حياتها وغير محلل للرجل لبسه فى حياته.