كثيرا من الشباب يلجأ لكسب لقمة عيشه بالحلال مهما كانت الظروف، يتحمل الصعاب من أجل توفير المال له ولأسرته، عكس بعض الشباب الذي يتراخى ويريد ألا يتحمل المسئولية مطالباً الدولة بتوفير فرص عمل له في القطاع الحكومي.
التقيتهما صدفه على شاطئ الكيلانى بطور سيناء، السواد من الشمس المحرقة ظاهر على وجههما وساعديهما، يرمى الشباك بمساعدة صديقة، ملابسهم بسيطة وكل ما لديهم شبك لا يتعد طوله 20 مترا مصنوع بطريقة حديثة، يلقوه في المياه من على الشاطئ منتظرين الرزق من الله.
محمود عنتر "صياد" عمره 18 عاما، ولد وتربى في مدينة الطور بجنوب سيناء، والده يعمل في مجال دهان "دوكو" السيارات، لديه أربع أشقاء ولدين وبنتين، يقيم في المنطقة الصناعية، جل حلمه أن يساعد أسرته، ويؤدى خدمته العسكرية في الجيش.
يقول محمود في حديث على الشاطئ، "أنه يحب الصيد منذ نعومة أظفاره، بالرغم من أن والده لا يعمل في مجال الصيد، وتعلم الصيد بالصدفة، فقد اصطحبه صديقه "كرولس" لرحلة صيد على الشاطئ بمدينة الطور، واستطاع صيد سوبيا "السبيط" كبيرة الحجم ، وكان ثمنها آنذاك 50 جنيه, صديقه اقتسم المبلغ معه وذهب لصرف ما اقتسمه في شراء الطعام و الشراب، أما محمود فذهب لمحل يبيع معدات الصيد واشتري أدوات، من هنا بدأت رحلته للصيد التي استمرت ما يقرب من 8 سنوات".
أضاف محمود أنه لم يحب مهنة أبيه، وحاول والده أن يساعده في مهنة دهان السيارات، فأبى لأنه يحب البحر و الصيد، وقال "أنا أساسا بأحرس المراكب اللي في الميناء وربنا بيرزقنى في مواسم الصيد من صحابها، وباشتغل غطاس كمان على الشاطيء، وابتكرت طريقة جديدة للصيد بالشباك، الناس كانت بتضحك عليا في الأول وبتقول دا مجنون، ولما شافوا الرزق من طريقتي قلدوني، والحمد لله باكسب بالحلال ومعايا صاحبي عبد الله بنساعد بعض وربنا بيكرم الحمد لله".
وأكد الشاب الصغير أنه يصنع الشباب بنفسه وتكلفه ما يقرب من 1000 جنيه في الوقت الحالي، تتكون الشبكة من غزل ورصاص وفل وخيط، ويستغرق صناعي الشباك بارتفاع متر وبطور 10 أمتار نحو يومين وفقا لتصريحات محمود عنتر.
"ما باشربش شاي أو سجاير أو قهوة أو نسكافيه أمي علمتني إن ده غلط واى فلوس أكسبها بأيديها لأمي" كلمات من القلب لشاب مصر أصيل يبيت ليال على البحر للصيد وكسب الرزق الحلال".
ويحكي محمود عن موقف لن ينساه طيلة حياته، حيث اقترب موعد عيد الأم في شهر مارس الماضي وليس معه أى مبالغ لشراء هديه لأمه، يقول "توكلت على الله و أخدت الموتسيكل وروحت الشاطئ، وانأ بارمي الشبك ربنا كرمني بحتة سوبيا وزنها 8 كيلو لقيتها على الشاطئ، وبعتها ب 800 جنيه وروحت لأمي وعطيتها كل الفلوس الباقية بعد ما اشتريت هديتها".
عبد الله السيد 20 عاما الشاب الثاني في القصة يقول "انأ صياد ابن صياد، واتعلمت البحر من أبويا ولينا مركب بس واقفة عشان منع الصيد، وانأ خلاص هادخل الجيش عشان كده باروح مع محمود نصطاد ونجيب مصاريفنا عشان ما نكونش عاله على أهلنا".
عبد الله لا يحب الظهور في الإعلام، وكانت كلماته بسيطة وفى نهاية حديثة قال "أصعب موقف تعرضت له في الصيد كان سمك قرش حاول التهام قدمي، لكن بفضل الله نجيت من عضه القرش"، وتمنى الشاب العشريني أن يكون هناك نقابة حقيقية للصيادين و أن يتم التأمين عليهم ولهم معاش، لأن الشباب حالياً يتجه للوظائف الحكومية فقط لأن لها معاش وتأمين صحي.