تشهد الحياة السياسية في مصر حالة من الحراك والتغيرات المتلاحقة علي مدار الأيام الماضية، حيث بدأت تلك الحالة فور إعلان ائتلاف دعم مصر عن رغبته في التحول لحزب سياسي، وذلك ليضمن استمراره في السلطة البرلمانية، والبقاء كأقوي تكتل في الحياة السياسية، ولكن ذلك يتعارض مع الدستور المصري، الذي يمنع تحول صفة النائب المستقل إلي نائب حزبي أو العكس، وفي حالة مخالفة ذلك يتم إسقاط عضويته، وبالرغم من ذلك تأهب ائتلاف دعم مصر كي يواجه هذه العقبة، حيث تم تشكيل لجنة قضائية لبحث كيفية الخروج من تلك العقبة اللعينة، كي يصير الإئتلاف ذو سلطة مستمرة ويضمن بقاؤه بالبرلمان وأيضًا للقدرة علي الدفع بمرشح رئاسي، تابع له في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وبالرغم من أن الدستور المصري يمنع تحويل ائتلاف دعم مصرلحزب سياسي، إلا أن هناك حالة من الرضا السياسية حول تحويله إلي حزب سياسي، فالكل بات يري تزايد قوة وترابط "دعم مصر"، التي لا يوجد لها منافس، ولكن البعض يري أن التحول سيستغرق فترة كبيرة جدًا، نظرًا أن ذلك الأمر يتطلب انتظار حل البرلمان وإجراء انتخابات وأيضًا تغيير الدستور وإستفتاء الشعب عليه، لأن الشعب المصري هو الفاصل الوحيد في الدستور، الذي ينظم حياته السياسية وغيرها من الجوانب، التي لا يمكن تركها لأشخاص لهم آراء وتوجهات فردية.
ولم تهدأ الحياة السياسة عند ذلك الحد، حيث طل الدكتور ياسر الهضيبي، المتحدث باسم حزب الوفد، ليؤكد أن هناك مباحثات ومشاورات داخل الحزب لتشكيل ائتلاف برلماني، من خلال ضم بعض أعضاء مجلس النواب المستقلين للحزب، وذلك بالرغم من مخالفة ذلك الأمر للدستور المصري، لتبرز نفس العقبة التي تقابل ائتلاف دعم مصر، ولكن في حال نجاح حزب الوفد في تشكيل ائتلاف برلماني، سيعود الحزب بقوة للمشهد السياسي مرة أخري، خاصة مع وجود الرئيس الجديد للحزب، المستشار بهاء الدين أبو شقة، رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، الذي أشار مؤخرًا إلي أنه يسعي لتشكيل ائتلاف برلماني يستطيع التواجد به بصورة أقوى داخل البرلمان، مضيفًا أن الوفد فتح باب العضوية أمام جميع المصريين للانضمام إليه، تزامنًا مع احتفالية الوفد بمرور 100 عام على تأسيسه.
في المقابل مايزال حزب المصريين الأحرار، غارقا في الصراعات والانقسامات، بداية من الخلافات التي نشبت بين المهندس نجيب ساويرس مؤسس الحزب، والدكتور عصام خليل، رئيس الحزب، نظرًا لعدم رضا "ساويرس" عن أداء النواب وتوجهاتهم في بعض المواقف تحت قبه البرلمان، مما جعل " خليل" يعقد مؤتمرًا بانعقاد عام برئاسته أنذاك الوقت، لوضع اللائحة الداخلية الجديدة للحزب، والتي ألغت المادة الخاصة بمجلس أمناء الحزب، وتم فصل ساويرس تمامًا من الحزب، ثم تم الإعلان عن الانتخابات التي جرت في مايو الماضي، وأصبح هناك حزب برئيسين.
وتكررت الصراعات داخل الحزب، بين الدكتور عصام خليل، و نصر القفاص، الأمين العام للحزب، والتي انتهت بالإطاحة بالأخير وزوجته من الحزب، وهاهو " خليل" يستكمل مفاجأته للحزب، حيث تم تسريب معلومات عن أحد شركاته تؤكد أنه يقوم بعمليات تلاعب بالاستيراد والتصدير ، وتتم حاليًا الإجراءات القانونية والأمنية اللازمة معه فور اكتشاف تورطه في تلك الجرائم.
وعن فكرة إندماج الأحزاب، يتضح أن «المصريين الأحرار» خاض تجربة الاندماج مع أحزاب أخرى فى وقت سابق، لكن التجربة اثبتت عدم نجاحها، حيث أكد رئيس الحزب أن فكرة اندماج الأحزاب لا يمكن تطبيقها إلا فى ظل مناخ سياسى وثقافة حزبية سياسية صحيحة، وهذا الأمر غيرمتوفر حاليًا.
وبالنسبة لحزب مستقبل وطن فقد أصدر المهندس أشرف رشاد، رئيس الحزب، بيانًا أكد خلاله، أن هناك مقترحات وتصورات حول اندماج الحزب مع جمعية «معا من أجل مصر»، ولكن لم يتم اتخاذ أي قرارات نهائية بشأن الأمر، وبالرغم من ذلك شهد الحزب حالة من الثورة والغضب الشديدين عقب إعلامهم بفكرة الإندماج، حيث رفضوا ذبح شباب الحزب الذين استطاعوا أن يثبتوا وجودهم على مدار الأربع سنوات الماضية، واستطاعوا أن يشغلوا عددًا من المناصب الهامة داخل مجلس النواب، بالإضافة إلي وجودهم القوى على أرض الواقع من خلال هياكل تنظيمية من الشباب فى جميع محافظات مصر.
أما عن باقي الأحزاب فهناك نوع من التخبط الشديد يواجه الأحزاب المصرية، فبعضها يريد التحول إلي أحزاب معارضة للحكومة، ليكون لها دور بارز في الساحة السياسية، وعلي رأس تلك الأحزاب، حزب الغد، التي يقوده موسي مصطفي موسي، كمرشح رئاسي، خلال الإنتخابات الرئاسية التي فاز بها السيسي باكتساح، كما توجد بعض الأحزاب السياسية التي تدعم فكرة الإندماج مع الأحزاب الأخري، والبعض الآخر ينبذ فكرة إندماج الأحزاب، لأنها سوف تجعل السلطة في أيدي أحزاب بعينها عن الأخري.
* لا يوجد برلمان يدار بشكل أحادي الاتجاه
قال ياسر قورة، نائب رئيس حزب الوفد، إن فكرة تشكيل حزب الوفد لإئتلاف برلماني ليست بجديدة، حيث كانت هناك نية منذ دور الإنعقاد الأول للبرلمان، بشأن ذلك الأمر، لأنه يعد أمرا طبيعيا أن يتواجد ائتلاف إلي جانب ائتلاف دعم مصر بالبرلمان، كي يكون هناك رأي ورأي آخر.
وأضاف «قورة»، في تصريح خاص أنه لا يوجد برلمان في العالم يدار بشكل أحادي الاتجاه، لكن يجب أن يكون هناك رأيين لحزب ديمقراطي، وجمهوري، ومعارض، وهكذا، كي تختلف المقاعد ويكون هناك موضوعية، مؤكدًا أنه في حال تحول ائتلاف دعم مصر مصر إلي حزب سياسي، سيتم التعامل معه بمرونة، لأن الوفد عادة يتعامل مع أي كيان سياسي شرعي بشكل راق.
وأشار نائب رئيس حزب الوفد، إلي أن فكرة اندماج الأحزاب لا يوجد لها طرح حتي الآن، ولكن هناك مباحثات ومشاورات، لتقارب البرامج والآراء بين الأحزاب، لأن الإندماج لايحدث بين ليلة وضحاها، بل يحتاج وقت كبير، كي يتم التقارب في الآراء أولًا، ومن ثم يتم دمج الأحزاب في 3 أو 4 أحزاب قوية.
وبالنسبة لضم حملة " من أجل مصر" لـ «مستقبل وطن»، صرح «قورة»، أن أي كيانات قوية وتكتلات داخل الحياة السياسية، ستكون في المصلحة العامة، وستنتج شخصيات قادرة علي حماية حقوق الناس، كما أن الرقابة التشريعية ستكون أقوي وأكثر فاعلية.
*مشاكل قضائية بين جبهتي الحزب تستوجب حلها:
من جهته قال هاني شنودة، عضو الهيئة العليا بحزب المصريين الأحرار، إن الهيئة ستعقد اجتماعًا في 11 مايو الجاري، لمناقشة موقف الحزب من فكرة اندماج الأحزاب، مؤكدًا ان الحزب ليس له علاقة بما أعلنه حزب مستقبل وطن حول موافقته علي فكرة دمج الأحزاب.
وأوضح «شنودة»، في تصريح خاص أن حزب المصريين الأحرار منغمس الآن في مشاكله، حيث توجد مشاكل قضائية بين جبهة نجيب ساويرس وجبهة الدكتور عصام خليل، كما أن الحزب يسعي لحل هذه المشاكل أولًا، ثم يتم التفكير في موضوع إندماج الأحزاب والمشاركة السياسية للحزب، لان أي قرار قبل حل تلك المشاكل، يشكل خطورة علي مصير الحزب وشكله في المستقبل.
*ائتلاف دعم مصر يشبه الحزب الوطني :
أكد عمرو علي، أمين المعلومات ودعم اتخاذ القرار بحزب المصريين الأحرار، أن الحزب لديه نوابا كثر تحت قبة البرلمان، مشيرًا إلي أن حزب الوفد ليس رقم واحد في مصر، بل المصريين الأحرار هو الأول ويليه حزب مستقبل وطن، لذا يبحث الآن الوفد لتشكيل ائتلاف برلماني من نواب مستقلين، لافتا أن الفكرة تكمن في أن البرلمان في آخر فترة له، كما أنه أوشك علي الإنتهاء، فكان يجب علي حزب الوفد أن يتخذ إجراءات تشكيله لإئتلاف برلماني منذ فترة وليس الآن.
وتابع «علي»، أن رئيس حزب الوفد الجديد هو من تسبب في استعجال الوفد لإتخاذ مثل هذا القرار، لأنه يريد تنشيط الحزب وتقويته في المشهد السياسي، لافتًا إلي أن الجميع يستعد للانتخابات البرلمانية والأفضل لحزب الوفد والمصريين الأحرار ومستقبل وطن، هو التفكير في تكوين تحالفات برلمانية قوية خلال الفترة المقبلة، والقانون هوالفاصل بينهم.
*كل واحد ومراته عاملين حزب
من جهة أخري، قال رائف تمراز، عضو مجلس النواب، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحدث أكثر من مرة في موضوع دمج الأحزاب المصرية، كي يصبح عددها حزبين أو ثلاثة فقط.
وأوضح «تمراز» أنه نائب مستقل ولا يعنيه ما يحدث من تغيرات داخل الأحزاب السياسية، مشيرًا إلي أن فكرة الرئيس السيسي ستعمل علي إنشاء حراك سياسي بالشارع المصري، خاصة أن «كل واحد ومراته عاملين لهم حزب لمجرد الوجاهة الإجتماعية»، لكن علي أرض الواقع لا يوجد من يري ويتابع مشاكل المواطنين، ويكون له دور في المشاركة السياسية.
*الدستور يرفض
في نفس السياق، أكد سيد أحمد عيسي، عضو مجلس النواب، أن هناك بندا دستوريا خاصا بالأحزاب لا ينطبق علي ائتلاف دعم مصر، أي أن تحول الإئتلاف إلي حزب سياسي يخالف القانون.
وأضاف «عيسي»، أن تغيير الدستور يتطلب حل مجلس النواب، ثم إجراء إستفتاء علي تعديلات الدستور، ثم بعد ذلك يحتاج ائتلاف دعم مصر لفترة طويلة كي يتخذ كافة الإجراءات اللازمة لتأسيسه حزبا سياسيا، علي عكس جمعية من أجل مصر، التي بحثت عن مخرج آخر لدخول البرلمان، وذلك من خلال الدخول تحت إطار حزب مستقبل وطن.
واستطرد النائب حديثه قائلًا، إن الأحزاب في مصر عددها يتخطي الـ 100 حزب، بالرغم من أن أي دولة متقدمة لا يجب أن يوجد بها أكثر من ثلاثة أحزاب سياسية، كي تكون فاعلة علي أرض الواقع، لذا يجب الإسراع في دمج الأحزاب المصرية.
نقلا عن العدد الورقي.