اعلان

ننشر حيثيات براءة ضابطي الأمن الوطني من تعذيب "محامي المطرية"

قضت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة اليوم، برئاسة المستشار سيد التوني ، ببراءة ضابطي الشرطة عمر محمود عمر حماد ومحمد الأنور بجهاز الأمن الوطني، في ختام إعادة محاكمتهما بقضية اتهامهما بالاعتداء على مواطن (المحامي كريم حمدي) بالضرب وتعذيبه على نحو أدى إلى وفاته داخل قسم شرطة المطرية.

اقرأ أيضا :ننشر الملاحظات الكاملة لقسم التشريع على لائحة التأمين الصحي

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، إنه لما كان الجزاء الجنائي هو أخطر الجزاءات جميعها تصيب الناس في أرواحهم وأشخاصهم وأموالهم وكياناهم الأدبي ومن ثمة فقط وجب الحرص الشديد والتحقق الكامل والوصول إلى اليقين القضائي الأكيد قبل إصدار الحكم بإدانة الإنسان ويترتب على هذا الأصل أنه يضع عبأ الإثبات الاتهام الجنائي على عاتق سلطة الاتهام فإذا لم يقم الدليل على ارتكاب المتهم الوقائع المادية الاجرامية وكان ما قدمت سلطة الاتهام غير كافل فان المتهم لا يكفل تقديم دليل براءته كما أنه من أصول المحاكمات الجنائية أيضا أن الاحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والفروض أو الاعتبارات المجردة.

وأكملت الحيثيات: كانت المحكمة لما لها من دور إيجابي من تحقيق الدليل في الدعوى الجنائية واتخاذ الإجراءات التي توصلها للحقيقة وصولا للاقتناع الذاتي في اطار من الشرعية القانونية قد تداولت الدعوى الماثلة بجلسات عدة استدعت فيها شهود الاثبات الرئيسين وناقشتهم في مضمون شهادتهم واتاحت ذلك للخصوم في الدعوى وصولا لليقين القضائي فإنها بعد أن محصت الدعوى واحاطت بظروفها وأدلة الاثبات التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازن بينها وبين ادلة النفي قد داخلها الشك والريبة في عناصر الاثبات وترجح عندها دفاع المتهمين وترى ان الواقعة صورة أخرى غير تلك التي حملتها عناصر الاتهام والتي كان عمادها دلائل وقرائن مستمدة من اقوال شهود الاثبات والتقارير الطبية وتقرير الصفة التشريحية.

وأوضحت أن شهادة شاهد الاثبات الرئيسي في الدعوى عبد الغنى إبراهيم شعبان قد أصابها التناقض والتعارض وران عليها الوهن والتهافت اذ بينما خلت شهادته عند سؤاله لأول مرة بتحقيقات النيابة العامة مساء يوم الواقعة 24 فبراير 2015 من اتهام لاى من المتهمين الماثلين أو غيرهما بتعذيب المجنى عليه او التعدي عليه وانه فقط لاحظ عليه علامات الاعياء الشديد عقب عودتهما من سراى نيابة المطرية بعد التحقيق معهما في الجناية رقم 3763 لسنه 2015 المطرية وكذلك فجر اليوم التالي حال احتجازهما بوحد ة مباحث قسم شرطة المطرية الا انه حال إعادة سؤاله بيوم 26 فبراير من ذات العام قال فور عودته هو والمجنى عليه في الثامنة ونصف مساء يوم 24 فبراير قام ضباط وحدة مباحث القسم بعصب اعيناهم وتكبيل ايدهاما بالأصفاد الحديدية واخبرهما بان ضباط الامن الوطني سوف يحضرون لاستجوابهما.

وأشارت: احتجز الشاهد والمجني عليه كلا على انفراد داخل احدى الحجرات لاستجوابهما واثناء ذلك سمع أصوات كثيرة من أشخاص داخل تلك الحجرة لم يسطع ان يميزهم وانه كان يتم التعدي عليهم بالضرب بالأيدي وحال وجوده خارج غرفة التحقيق سمع صوت المجني عليهم بداخلها يتأوه ويقول "اه اه خلاص هعترف ياباشا " الا انه لم يشاهد به ثمة إصابات عقب ذلك وان كان في حالة اعياء شديد واحساس بالبرودة.

وقال الحيثيات ان هذه الشهادة التي أدلى بها الشاهد على تلك الصورة واتخذت منها النيابة العامة القرينة الرئيسية على نسبة الاتهام للمتهمين الماثلين فضلا عن انها لا تكفى بذاتها لحمل الاتهام فقد ران عليها التناقض والتهافت حيث نفى الشاهد لدى سؤاله بجلسات المحاكمة عن اى من المتهمين قيامه بتعذيب المجنى عليه أو التعدي عليه بالضرب وقال ان من قام بذلك هم ضباط مباحث قسم شرطة عين شمس والمطرية لحملهما على الاعتراف والإرشاد عن متهمين اخرين وذلك منذ لحظة القبض عليهما وحتى صباح يوم وفاه المجنى عليه وانه كان مدفوعا بشهادته في تحقيقات النيابة العامة بالخوف من التهديد والوعيد ضباط مباحث القسم فان في ذلك كله ما يلقى بظلال كثيفة من الشك والريبة على تلك الشهادة لتناقضها على نحو يستعصى على المؤائمة والتوفير بين صورها المتناقضة ومن ثمه تستبعدها المحكمة ولا تعول عليها كدليل اثبات معتبر.

وتابعت الحيثيات: باقي شهود الاثبات اللذين ورد ذكرهم بقائمة ادلة الثبوت لم يشهد اى منهم سواء بطريقة مباشرة او بطريق الاستدلال بقيام المتهمين بالتعدي عليه وتعذيبه حال مناقشته فقد كان البعض منهم غير موجود على مسرح الحادث بينما شهد البعض الاخر انه لم يشاهد ثمة إصابات ظاهرة بالمجني عليه سواء قبل حضور المتهمين بديوان القسم أو بعد انصرافهما منه عقب الانتهاء من مناقشة المجني عليه كما لم يتناهى الى سمعهم أو بصرهم قيام المتهمين بتعذيب المجني عليه او التعدي عليه بالضرب.

ونوهت المحكمة إلى انه وان كان من الأصول المقررة أن الأحكام هي عنوان الحقيقة فان جوهر الحقيقة لأعلمه الا الله وحدة الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور وان كلمة القضاة وحقيقة الامر ليست تعبيرا عن كلمة الله وهم مطالبون عن تطبيق القوانين وكشف الحقيقة لا عن طريق وحي إلهي، وإنما عن طريق العقل، والمنطق الذي يتخذ من أوراق القضية المعروض عليهم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً