أرسلت كوريا الشمالية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل القمة المقررة الشهر المقبل، رسالة تضمنت:" إذا كنت جاداً بشأن السلام، ونزع السلاح النووي، فلا تنصت إلى مستشار الأمن القومي الجديد المتطرف جون بولتون".
-تصريحات "بولتون" تغضب "كيم":
وتقول صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أن مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون" عندما ينظر إلى كوريا الشمالية يرى ليبيا، ولكن تلك ليست طريقة مثالية لكيفية التخلص السلمي من البرنامج النووي فنزع السلاح النووي الليبي منذ 15 عاماً لا يشبه نزعه من دولة كوريا الشمالية.
وأضافت الصحيفة أن "بولتون" عقد تلك المقارنة لخدمته في عهد الرئيس جورج بوش بين عامي 2003 و2004 خلال فترة نزع السلاح الليبي، حينها وافق الرئيس معمر القذافي على نقل معداته النووية إلى منشأة "تينيسي".
وبصرف النظر عن التدريبات الجارية بين القوات الجوية الأمريكية وكوريا الجنوبية ، يبدو أن كوريا الشمالية مستاءة بشكل خاص من اقتراحات جون بولتون ، مستشار الأمن القومي الأمريكي ، بأن الحل في نزع سلاحها النووي يمكن أن يكون على غرار ليبيا.
وتساءل تقرير الصحيفة هل كان العقيد القذافي ليتخلى عن برنامج الأسلحة النووية إذا كان يعرف ما سيحدث لاحقًا؟ وجاءت الإجابة إنه كان من غير المحتمل أن يتخلى عن برنامج الأسلحة النووية إذا كان يعرف ما سيحدث لاحقًا.
وهنا تكمن الصعوبة مع كوريا الشمالية، حيث قام كيم ووالده ببناء ترسانة نووية لضمان أمن دولتهم ضد هذا النوع من التدخل الذي حدث في ليبيا، وهذا هو السبب في أن كوريا الشمالية أصرت على أن تتعهد امريكا بعدم الغزو كجزء من أي صفقة.
-كوريا الشمالية ليست ليبيا:
وقال زعيم كوريا الشمالية "كيم كونج أون" عقب تصريحات "بولتون" : أن بلادنا ليست ليبيا، ولن يستطيع أحد شنقي أو قتلي مثلما فعله في تلك الدولة، هنا لن تقوم ثورات.
وكشفت الصحيفة أن كوريا الشمالية قد رفضت بالفعل نظام التحقق القائم على نموذج ليبيا قبل 10 سنوات، في عام 2008 ، وكانت الولايات المتحدة قد اقترحت عملية تحقق لبيونج يانج تستند إلى عمليات التفتيش التي كانت تستخدم سابقاً في ليبيا، لكن كوريا الشمالية اعترضت على عنصرين رئيسيين في هذه الخطة: أخذ عينات وزيارات لمرافق غير معلن عنها.
-كيف أقنعت امريكا "القذافي" التخلي عن النووي:
لكن بغض النظر عما إذا كانت ليبيا يمكن أن تكون نموذجا لكوريا الشمالية ، كيف أقنعت الولايات المتحدة القذافي في عامي 2003 و 2004 بالتخلي عن برنامجه للأسلحة النووية في مرحلة مبكرة؟
قالت الصحيفة أن إدراة الرئيس الأمريكي جورج بوش وضعت خطوتها في ليبيا كنتيجة مباشرة للغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وعمليات الاستخبارات التي قطعت طرق تسليم برنامج الأسلحة النووية الليبي، وفي مقابلة مع "سي إن إن" ، أشار القذافي نفسه إلى أن إسقاط نظام صدام حسين في العراق ربما أثر على قراره بتطبيق البرنامج.
لكن المحللين عبروا عن انتقاداتهم للعلاقة بين العراق وليبيا في ذلك الوقت وقالوا أن "بوش" يحاول استغلال النجاح في ليبيا للدفاع عن إرثه في العراق، وكانت تنازلات القذافي، التي كتبها مارتن إنديك ، محلل السياسة الخارجية في معهد بروكنجز في أوائل عام 2004 ، مرتبطة في الغالب بالأزمة الاقتصادية الليبية بعد سنوات من العقوبات وسوء الإدارة.
وقال "أنديك": أن كوريا الشمالية لديها اقتصاد قوي وتستطيع الاعتماد على الصين لفترة طويلة، ولن يؤثر عدم تقاربها مع أمريكا على اقتصادها، لكن الولايات المتحدة لم تترك خيارات كثيرة للقذافي،وهذا ما دفعه للبحث عن الحلفاء وعندما تخلى عنه الجميع اضطر إلى توجيه نبرة مصالحة مع أمريكا.
وعندما عرض "القذافي" التخلي عن البرنامج النووي في مقابل تخفيف العقوبات لم يكن كافيًا، فبحث الزعيم الليبي عن طرق لتسوية نزاعه مع بريطانيا حول تفجير طائرة بانام الرحلة 103 في عام 1988، وكان هذا من شروط أمريكا للمصالحة معه لإجراء أي محادثات أخرىـ لفك الحصار الاقتصادي.
ولتسوية النزاع مع بريطانيا ، وافقت ليبيا على دفع 5 ملايين دولار على الأقل لعائلات كل من الضحايا الـ 270، ومهدت التسوية الطريق لإنهاء برنامج الأسلحة النووية الليبي والتحقق من قبل المفتشين الدوليين.
وبعد مرور أربع سنوات على التخلي عن برنامجه السري ، بدأ القذافي في كسب حلفاء جدد كان أهمهم "نيكولا ساركوزي" خلال زيارته لباريس التي استغرقت 5 ايام.
ولكن أتضح أن هؤلاء "حلفاء من ورق" فعندما بدأ الربيع العربي في عام 2011 ، كان "ساركوزي" من أوائل القادة الذين تدخلوا عسكرياً في ليبيا مما ساعد على الإطاحة بالـ"قذافي".