من أحد الأعياد التي يحتفل بيها الصينيون هو عيد «قوارب التنين». وهو من أهم الأعياد الشعبية في الصين، يرجع تاريخه لأكثر من 2000 سنة. وتستمر طقوس الاحتفال به لمدة 3 أيام، وهي عبارة عن السباق بقوارب التنين وتناول لفائف «تسونغتسي»، وهي عبارة عن نوع من الأرز اللزج المطبوخ المحشو بالحلوي أو اللحم والملفوف بأوراق القصب أو البامبو.
ويقال أن عيد قوارب التنين أو ما يسمى بالصينية بعيد "دوان وو" يرجع إلى إحياء ذكرى «تشيو يوان»، وهو الشاعر الوطني العظيم في الصين القديمة، والذي يعتبره الصينيون مناسبة للحماية من الشرور والأمراض لبقية العام ولهذا فإن من مظاهره المعروفة تعليق أكياس العطر في رقاب الأطفال وتعليق أكياس تحتوى على مجموعة من الأعشاب الطبية على أبواب المنازل وشرب المشروبات المفيدة والمغذية.
وفي اللغة الصينية، يعني (دوان) مطلع الشهر، كما يسمى الشهر الخامس في التقويم القمري الصيني بشهر (وو)؛ فيعني دوان وو اليوم الخامس من شهر الخامس للعام القمرى الصيني، وهذا العيد يطلق عليه أيضا عيد دوان يانغ أوعيد الخمسة المزدوجة.
ويعتقد الكثير من الصينيين أنه خلال هذا العيد يستطيع الشخص أن يحصل على الحظ السعيد لمدة عام إذا نجح في أن يوقف بيضة عموديا في الساعة الثانية عشر ظهرا.
وكما يقال أن الشاعر «تشيو يوان» الذي ترتبط قصته بهذا العيد، أنه عاش منذ أكثر من ألفي عام في عصر الدويلات السبع المتحاربة: (تشي، تشو، يان، هان، تشاو، وي، وتشين)، ثم أرادت مملكة تشين، التي كانت الأقوى بين تلك الدويلات، ضم الدويلات الست الأخرى.
وكان «يوان» رجل ذكي واسع الأفق والمعرفة، وكان مسؤولا رفيع المستوى ذا كفاءة عالية في دويلة تشو، وكان يدعو إلى الإصلاح السياسي في دويلته والتحالف مع الدويلات الأخرى للوقوف فى وجه مملكة تشين، كما قدم للملك الكثير من الخطط والمقترحات حول إدارة الشؤون الداخلية والخارجية للمملكة.
ولكن هذه المقترحات والأفكار كانت دائما ما تحظى برفض ومعارضة المسؤولين المحافظين في الحكومة، الذين نددوا به وشهروا بسمعته باستمرار أمام الملك لكي لا يقربه منه ولا يستعين به حتى وصل الأمر في النهاية إلى أن تم عزله ونفيه.
على أثرها حزن «يوان» حزنا شديدا ولم يقبل حقيقة الاستبعاد والعزل، فكتب الكثير من الأشعار الجميلة التي لا تزال محفوظة حتى اليوم، والتي عبر فيها عن تطلعاته الوطنية والمشاعر الغاضبة الحزينة التي تجيش في نفسه.
وحسب السجلات التاريخية، إن «يوان» تم نفيه من بلاده إلى منطقة نهر مي لوه بمقاطعة هونان قبل وفاته، حيث وجد احتراما بالغا من قبل المحليين هناك.
وبعد مدة، انهزمت مملكة تشو خلال معاركها مع جيش مملكة تشين مما أدى إلى زوالها في النهاية، وعندما سمع تشيو يوان بهذا الخبر شعر بيأس كبير وأصيب بحالة من الحزن الشديد، ولم يقبل تلك الحقيقة، فألقى نفسه في نهر مي لو منتحرا في اليوم الخامس من الشهر الخامس حسب التقويم القمري الصيني في عام 278 ق م.
وما إن سمع الناس هذا الخبر، حتى هرعوا إلى جانب النهر وأبحر بعضهم بالقوارب لانتشال جثمان «يوان»، وبعضهم قام برمي قطع الخيزران المحشوة بالأرز في النهر باستمرار رغبة في إبعاد الأسماك والحيوانات المائية خشية أن تأكل جثمانه.
ومنذ ذلك الحين، كلما يحل هذا اليوم يأتي الناس إلى جانب النهر أو يجدفون القوارب إلى قلب النهر لرمى قطع الخيزران المحشوة بالأرز فى المياه لإحياء ذكرى هذا الشاعر الوطني ولإذكاء أخلاقه الحميدة.. ومع مرور الأيام، تغيرت قطع الخيزران المحشوة بالأرز إلى طعام " تسونغتسي" وأصبح تجديف قوارب التنين في الأنهار والبحيرات وإقامة سباقات لتلك القوارب تقليدا شعبيا.