أفاد تقرير أعده موقع (القدس العربي) الإخباري، إن حسابات غير دقيقة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وطاقمه قد تضعهم في مازق خسارة الانتخابات الرئاسية المقبلة مع تحجيم حزب العدالة والتنمية الحاكم داخل البرلمان.
وجاء في التقرير: مع اقتراب التصويت في هذه الانتخابات الحاسمة وغير المسبوقة من حيث الأهمية والحساسية في البلاد تبين أن الكثير من الحسابات والرهانات التي انطلق منها الرئيس أردوغان وحزبه لم تكن دقيقة بل ثبت خطأ الكثير منها، ما ولد خشية بأن يدفع الحزب وأردوغان ثمناً باهظاً لهذه الحسابات غير الدقيقة.
تصفير العتبة الانتخابية
في خطوة أولى استباقية مرر حزب العدالة والتنمية الحاكم تعديلاً على القانون التركي أتاح تشكيل تحالفات انتخابية لأول مرة، كان الهدف الأساسي منها التحايل على ما يعرف في تركيا بـ«العتبة الانتخابية» وهي حاجز الـ10٪ من أصوات الناخبين الواجب على أي حزب تجاوزها من أجل الوصول إلى البرلمان، وهي خطوة كانت تهدف بشكل محدد أكثر إلى مساعدة حزب الحركة القومية حليف أردوغان بالوصول إلى البرلمان نتيجة الشكوك حول قدرته على تجاوز هذه العتبة.
لكن هذا التعديل خدم المعارضة التركية بشكل أكبر من خدمته للحزب الحاكم، حيث وبموجب التحالف المعارض «تحالف الأمة» سيدخل البرلمان المقبل على الأغلب أحزاب الشعب الجمهوري والجيد والسعادة والديمقراطي وهو ما قد يهدد حظوظ تحالف أردوغان بالحصول على الأغلبية البرلمانية، كون اثنين على الأقل من هذه الأحزاب لم يكن يستطيع أبداً الدخول للبرلمان بمفرده.
عول الرئيس التركي الذي كان قد انتهى من تشكيل تحالف مع حزب الحركة القومية باسم «تحالف الجمهور» على إرباك المعارضة ومنعها من تشكيل تحالف انتخابي قوي يستطيع الوقوف في وجه التحالف الذي شكله، من أجل تسهيل حسم الانتخابات.
لكن المعارضة ورغم ضيق الوقت ورغم كل ما تعنيه من تفكك داخلي وبين بعضها البعض اتفقت على مبدأ التحالف ضد أردوغان وتمكنت من تشكيل «تحالف الأمة» الذي ضم أحزاب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة وحزب «الجيد، والسعادة، إلى جانب الحزب الديمقراطي.
مرشح الرئاسة
اعتاد أردوغان على مواجهة منافسين ضعفاء طوال السنوات الماضية، لا سيما كمال كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي فشل في أكثر من 7 جولات انتخابية أمام العدالة والتنمية، وهو ما كان يعول عليه أردوغان بأن يكون كليتشدار أوغلو منافسه في الانتخابات الرئاسية.
لكن وبشكل دراماتيكي تطورت الأمور داخل حزب الشعب الجمهوري الذي رشح أحد نوابه الذي لم يكن مؤثراً في السابق «محرم إنجي» وهو ما قلب الأمور سريعاً عندما أثبت قدرته على مكانته مرشحاً قوياً ومؤثراً أمام أردوغان وأظهر قدرة لافتة على الخطابة والتحدي وجذب أصوات الناخبين الشباب بشكل غير مسبوق.
سعي أردوغان وفي محاولة لإرضاء حليفة دولت بهتشيلي زعيم حزب الحركة القومية من خلال إجراء الانتخابات المبكرة إلى منع مشاركة حزب «الجيد» الذي تتزعمه ميرال أكشينار المنشقة عن الحركة القومية في الانتخابات وذلك بإجراء الانتخابات قبيل اتمام الفترة القانونية للحزب المشكل حديثاً.
ولكن وفي خطوة غير متوقعة دفع حزب الشعب الجمهوري بـ15 من نوابه في البرلمان للانتقال رسمياً إلى حزب «الجيد» الذي تمكن من خلالهم من تشكيل كتلة برلمانية مكنته من التحايل على القانون وتثبيت فرص مشاركته في الانتخابات، حيث ترجح استطلاعات الرأي حصول الحزب على قرابة 10٪ من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية وقرابة 15٪ من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، إلى جانب أن جزء مهم من هذه الأصوات تم استنزافه من القاعدة الشعبية لحزب الحركة القومية حليف أردوغان المتوقع حصوله على نسبة لا تتجاوز الـ7٪ فقط من الأصوات في الانتخابات المقبلة.
بموجب النظام البرلماني السابق كان يحق للرئيس التركي الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة في حال عدم حصول حزبه على الأغلبية البرلمانية وذلك عقب إعاقة تشكيل حكومة إئتلافية، وهو سيناريو سهل طبقه أردوغان في انتخابات 2015 وتمكن من خلاله من استعادة الأغلبية البرلمانية.
لكن بموجب النظام الرئاسي الجديد، والتكهنات الكبيرة حول صعوبة حصول حزب العدالة والتنمية على الأغلبية البرلمانية فيها، لن يتمكن أردوغان من الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة بسهولة، فحسب القانون الجديد يتوجب على الرئيس تشكيل الحكومة من خارج البرلمان الذي سحبت منه صلاحية منحها الثقة، كما أن أي انتخابات مقبلة يجب أن تجري بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن وهو ما يعني أنه في حال توجه أردوغان للدعوة لإعادة الانتخابات البرلمانية فعليه المخاطرة مجدداً وإعادة الانتخابات الرئاسية معها.