"فورين أفيرز": انتصارات الأسد ستؤدي إلى مزيد من الفوضى

كتب : وكالات

نشر موقع "فورين أفيرز"، يوم الأربعاء، مقالا للباحثة في معهد دراسات الحرب جينفر كافاريلا، قالت فيه إن التقدم الذي حققته القوات السورية لن ينهي الحرب، بل سيجعلها أكثر ضراوة.

وأفادت كاتبة المقال جينفر كافاريلا بأن القوات السورية حققت تقدما كبيرا بعد السيطرة على حلب في العام 2016 وحماية العاصمة دمشق في العام 2018، مشيرة إلى أن الانتصارات غيرت مسار الحرب وأضعفت المعارضة المعتدلة.

وقالت الباحثة إن الرئيس السوري بشار الأسد أضعف مما كان عليه نظرا لاعتماده على القوى الأجنبية، مثل روسيا وإيران، وإرهاق الدول التي عارضته مثل الأردن، مبينة أن قراره تدويل الحرب يفتح الباب أمام حروب مستقبلية فيما تهدد الأساليب المعتمدة بولادة حركة تمرد جهادية عالمية، ستعمل على استمرار الحرب لسنوات قادمة.

وأشارت جينفر كافاريلا إلى أنه يجب على الولايات المتحدة أن تقبل أنّ تجاهل سوريا لن يؤدي إلى انتصار نظيف يقيم سلاما مستقرا للرئيس السوري بشار الأسد قدر ما سيؤدي إلى الفوضى.

وبينت كافاريلا أنه ولتفادي الفوضى، ينبغي على الولايات المتحدة أن تستثمر الآن في بناء نفوذ من أجل اتخاذ إجراءات حاسمة في المستقبل من خلال تعزيز القدرات العسكرية وتحسين طرق الحكم لشركائها على الأرض، واستعادة ثقة السكان "المتمردين" في سوريا، وإعادة بناء "قوات المتمردين"، وحرمان الأسد من الشرعية الدولية التي يتطلع إليها.

وأكدت أن الولايات المتحدة لا تزال تملك الخيارات التي يمكن من خلالها تقييد الأسد وداعميه، وأن كل ما تحتاجه هو العزيمة لاستخدامها.

إلى ذلك، أوضحت الباحثة أن انتصارات الأسد في المراحل الأخيرة من الحرب السورية قد اعتمدت بشكل كبير على دعم روسيا وإيران اللتين وفّرتا عشرات الآلاف من القوات البرية والقوة الجوية والمساعدات المالية والغطاء الدبلوماسي، والتي بدونها من المحتمل أن يكون نظامه قد سقط، مضيفة أنه وعلى الرغم من أن هذه التدخلات أدت إلى استقرار نظام الأسد على المدى القصير، إلا أنها تعيد رسم خريطة القوة في الشرق الأوسط بطريقة تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.

وتقول الباحثة إن إيران وروسيا ستستخدمان سوريا كنقطة انطلاق للعمليات الدولية، مشيرة إلى أن هناك أدلة تُظهر أن روسيا بدأت تستخدم قواعدها العسكرية في سوريا لدعم عملياتها في جمهورية إفريقيا الوسطى والسودان، بالإضافة إلى أن قدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نشر القوة من سوريا تساعد في جهوده في إضعاف حلف الناتو، وتقويض النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، بشكل يسمح له باستغلال التباينات بين الولايات المتحدة وحلفائها.

وتابعت بالقول إن إيران أنشأت قواعد عسكرية وخلقت وكلاء لها في سوريا لفتح جبهة ثانية في الحرب ضد إسرائيل، مشيرة إلى أن تل أبيب لن تتسامح مع هذا الأمر، وقد تقوم بعملية برية في جنوب سوريا لمنعها.

وتعتقد الكاتبة أن سياسة دمشق في إفراغ التجمعات السكانية التي وقعت تحت سيطرة المقاتلين تؤثر بالضرورة على استقرار دول الجوار، وتطيل أمد الحرب، حيث يقف الأردن على حافة الانهيار بسبب عدم قدرته على استيعاب الأعداد الكبيرة من اللاجئين، وقد أغلق حدوده أمام 59 ألف لاجئ سوري فروا من العملية الأخيرة للأسد في منتصف عام 2018، وقد تجبر هذه التجمعات على العيش في ظل النظام الذي ثارت ضده، بشكل يخلق مناخا للإرهابيين ليستغلوا الوضع.

وأضافت أن تدفق اللاجئين السوريين كان عاملا محفزا للتصعيد التركي، مستدلة بالاجتياح الذي قامت به القوات التركية عام 2016 في شمال سوريا وكان هدفه المعلن هو وقف تقدم القوات الكردية، بالإضافة إلى تخفيف الضغط من عبء اللاجئين بالقوة.

ولفتت كافاريلا إلى أن تركيا تقوم بإعادة توطين اللاجئين في شمال سوريا، وتقوم بإنشاء قوة وكيلة لحكمها، ومن هنا فإن الاحتفاظ بقوات وسكان معادين للنظام يشير إلى أن الحرب لن تتوقف، بحسب ما نشرته كاتبة المقال.

وعرجت الباحثة بالقول إنه رغم دعم أنقرة لقوات معارضة في سوريا، إلا أنها وعلى المدى القصير تصطف مع القوات السورية المعارضة لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، الشريك الرئيس للولايات المتحدة في الحرب ضد "داعش"، والسبب هو علاقة وحدات حماية الشعب بالجماعات الكردية داخل تركيا، مبينة في السياق أن العمليات الانتقامية التي يفكر فيها أكراد سوريا وتركيا ضد الدولة التركية، تهدد بنقل الحرب إلى الساحة الإقليمية.

كما أشارت في السياق إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بات أكثر اعتمادا على القوميين الأتراك، بعد انتصاره في الانتخابات الشهر الماضي، مضيفة أنهم (القوميون الأتراك) قد يدفعونه للتصعيد.

ورأت كافاريلا أن انسحاب الولايات المتحدة، التي تحتفظ اليوم بـ2000 جندي، قد يخلق فراغا يمكن أن تستغله القوى الداعية للحرب كلها.

وتقول الكاتبة الأمريكية إنه بالإضافة إلى لعبة الشطرنج الجيوسياسية التي تدار في شرق سوريا، فإن المنطقة تعد قاعدة محتملة لتنظيم "داعش" وتنظيم القاعدة العائدين، ومن المحتمل احتفاظ تنظيم القاعدة، الذي كان ينشط في شرق سوريا قبل ظهور تنظيم "داعش" عام 2014، بشبكات له في المنطقة، مضيفة أن الضربات العسكرية أنهكت تنظيم "داعش" لكنه لم يختف أبدا، ويحتفظ بخلايا نائمة في جيوبه المنتشرة داخل البلاد، ويستخدمها لتنفيذ هجمات ضد القوات السورية و"قوات سوريا الديمقراطية".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً