سادت حالة من التذمر لدى المواطنين والصيادلة، خلال الشهر الأخير وتحديدا منذ يوم 16 مايو الماضى، بعد صدور قرار زيادة أسعار الدواء الذى يقل سعره عن 30 جنيها بنسبة 20% بحد أدنى جنيهين، والذى استغلته بعض شركات الدواء لرفع الأسعار بنسبة أكبر من 200% لبعض الأنواع، بينما لا توجد هناك آليات وضبط للأسواق تطبق الزيادة، ما أحدث تخبطا كبيرا طوال الفترة الماضية، بينما ما زال هناك نقص شديد فى الأصناف الدوائية التى زادت أسعارها بحجة أنها خاسرة.
ومنذ اللحظات الأولى لصدور القرار، أعلنت النقابة العامة للصيادلة تشكيل غرفة طوارئ برئاسة النقيب، لمتابعة تنفيذ قرار تحريك أسعار الأدوية الأقل من 30 جنيهًا، وشن حملات تنشيطية على كافة مخازن الأدوية لبحث شكاوى الصيدليات من نقص الدواء، لتعطيش السوق وبيعه بالسعر الجديد، وإحالة المخالفين للنيابة.
وحمل الدكتور مصطفى الوكيل - وكيل نقابة الصيادلة - وزير الصحة الدكتور أحمد عماد مسؤولية التخبط والارتباك الحادث فى سوق الدواء نتيجة عدم تطبيق الوزارة لقرار رئيس مجلس الوزراء الخاص برفع أسعار الدواء إضافة إلى فشل الوزارة فى إجبار الشركات على تطبيق قرار 499، وأن عددًا من الشركات تلاعبت بأسعار الأدوية استغلالًا لحالة الفشل الإدارى من قبل المسؤولين بوزارة الصحة، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة أصدرت ثلاث تسعيرات مختلفة وتم بيع الأدوية للصيدليات بأسعار متباينة: "أخطاء وزارة الصحة المتكررة وفشلها فى تطبيق القرارات، تسبب فى إدخال الصيادلة فى مواجهة مع المرضى".
وشدد على رفض النقابة قيام أى جهة بالتفتيش على الصيدليات خلاف التفتيش الصيدلى، مؤكدا أنه كان على الرقابة الإدارية التوجه لمحاسبة المسؤولين بوزارة الصحة بدلًا من شن هجوم على الصيدليات وتحميلهم مسؤولية التخبط فى قطاع الدواء التى سببها سوء إدارة وزارة الصحة وعدم تطبيق القرارات الوزارية وهو ما يؤدى إلى إهدار هيبة الدولة.
ولفت إلى أن ضبط أسعار الأدوية لن يتم الإ بعد المراقبة والتفتيش على شركات الأدوية فهى الأساس إضافة إلى قيام وزارة الصحة بدورها المنوط بها بشأن تسعير الأدوية وتطبيق القرارات الوزارية.
وأكدت الدكتورة ياسمين فاروق عضو الهيئة الاستشارية لنقيب الصيادلة، أن صيادلة مصر تحملوا على مدى عدة أسابيع، تداعيات ارتباك الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية فى تسعير الأدوية، وقيام المسؤولين بوزارة الصحة بنشر عدة تسعيرات خاطئة، ما أدى إلى تعرض الصيادلة للتشكيك من قبل المرضى واتهامهم بالتلاعب فى أسعار الدواء لحسابهم.
وطالبت بمحاسبة المتسبب فى هذه العشوائية فى السوق الدوائى، والتحرك السريع لنشر تسعيرة رسمية صحيحة، ووقْف الحملة الإعلامية التى أساءت للصيدلى المصرى، لافتة إلى أن قبول الصيادلة لتحريك أسعار الدواء، كان يهدف فى الأساس لتوفير النواقص من الأدوية المهمة، حرصا على صحة المريض المصرى وتشجيعا للصناعة الوطنية واستمرارها.
عمومية الصيادلة
وعقدت النقابة جمعية عمومية يوم 4 يونيو تضمنت عدد من القضايا، منها تطبيق القرار الوزارى رقم 499 لسنة 2012 والذى ينص على زيادة الخصم المقدم من الشركات للصيدليات بحيث يحقق هامش ربح للصيدلى بنسبة 25% على الدواء المحلى و18% للمستورد.
وأقرت الجمعية العمومية العادية عددًا من القرارات التى تلزم الشركات بتطبيق هامش الربح الذى يرتضيه الصيدلى وكذلك مقاطعة أصناف الشركات التى تتزعم معارضة حصول الصيادلة على حقهم فى تطبيق القرار الوزراى 499، وأعلنت أنها حالة انعقاد دائم حتى ضمان حق الصيدلى فى هامش الربح، وتفويض مجلس النقابة العامة باتخاذ الإجراءات المناسبة فيما يخص العمل على تطبيق القرار الوزارى 499 وباقى القرارات الوزارية المتعلقة بتحديد هامش ربح الصيدلى واتخاذ ما يلزم من قرارات تصعيدية.
كما أقرت الجمعية العمومية، إرجاع كافة الأدوية التى وصلت للصيدليات وقل خصمها عن 25% للمحلى و18% للمستورد طبقا لمواد القرار الوزارى 499، ومقاطعة وعدم التعامل مع بعض منتجات الأدوية الخاصة ببعض الشركات التى تسعى إلى إهدار حق الصيدلى وتقليل خصمه والتى لا تطبق مواد القرار الوزارى 499 وهم شركة إيفا (فيركتا – أورلى – كروماكس)، وشركة جلوبال (نابى فيت – امبيزيم – نابيزول كبسول)، وشركة إيبيكو (سيفوتاكس – برونكوفين – فلوموكس)، وشركة فايزر (يوناسين – فلدين – فياجرا)، وشركة مالتى إيبكس (أبيدوكس – مالتى ريلاكس – K1 Apex)، وشركة سانوفى أفنتس (فلاجيل – بريمبيران – باى بروفينيد)، وشركة توزيع مالتى فارم.
كما بدأت نقابة الصيادلة فى إجراءاتها ضد الشركات الممتنعة عن بيع الأدوية للصيدليات وتم تحرير عدة محاضر فى قسم ثان المنصورة ضد شركات الأدوية والمخازن الممتنعة عن بيع البيع، وتضمن المحضر رقم 4500 لسنة 2016 اتهام الشركة المصرية بالتربح وتفضيل مصالح شخصية عن المصلحة العامة وحفظ الأمن الدوائى القومى وتعريض صحة المواطنين للخطر والقتل العمد وكل هذه الجرائم جنائية يعاقب عليها القانون المصرى.
وأوضحت النقابة، أنه سيتم استدعاء الدكتورة أمل مدير الشركة المصرية للتحقيق معها، مؤكدًا أن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدى أمام أى تلاعب بصحة المرضى واى مخالفة بقرار رئيس مجلس الوزراء الذى صدر بالأمس، كما حذرت الصيادلة، شركات الأدوية والمخازن من الامتناع عن بيع الأدوية للصيدليات لتعطيش السوق وبيعها بالسعر الجديد وإضافة الزيادة، وأكدت النقابة أن ذلك يعد مخالفة للقانون.
وأكدت النقابة، أن امتناع الشركات ومخازن الأدوية عن البيع يعد مخالفة لقانون حماية المستهلك وجريمة امتناع عن البيع أو تأدية الخدمة للمواطن، وكذلك مخالفة لنص المادة 9 من القانون رقم 163 لسنة 1950 بشان قانون التسعير الجبرى وتحديد الأرباح المعدل بالقانون رقم 128 لسنة 1982 والذى يقضى بالحبس مدة من سنة حتى 5 سنوات.
البرلمان يتضامن مع محدودي الدخل
قال النائب محمد بدوى دسوقى، عضو مجلس النواب، إن قرار الحكومة بزيادة أسعار الأدوية الأقل من 30 جنيها بنسبة 20% ضربة موجعة على رأس الغلابة ومحدودى الدخل فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، قائلًا ”القرار كأنه صدر من حكومة كوكب آخر مش عارفة إن الناس بقت بتموت”.
وأوضح دسوقى، أن القرار له محورين أولهما اتخاذ القرار فى هذا التوقيت وفى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة إنما يأتى على عاتق محدودى الدخل فقط وإرضاءًا لشركات الأدوية وكبار مصنعى الأدوية ذوى الجنسيات المتعددة، أما المحور الثانى ماذا بعد تطبيق قرار الزيادة؟ وأين دور وزارة الصحة المنوط بها رقابة شركات الأدوية وضبط الأسعار طبقًا للقرار وهذا هو المحور الأخطر.
وأكد أن شركات الأدوية تلاعبت فى تطبيق القرار ووضع نسبة ال 20% على سعر الدواء أو 2 جنيه حد أدنى على الأصناف الأقل سعرًا، مؤضحًا أن الزيادة تم احتسابها على سعر الوحدة وليس العبوة مثلًا”علبة دواء ب 20جنيه تحتوى 5 وحدات شركات الادوية قامت بدلًا من احتساب نسبة 20% على العبوة احتسبت 2 جنيه زيادة على كل وحدة بمقدار زيادة 10 جنيهات.
وأشار النائب محمد بدوى، أنه سيتقدم بطلب إحاطة لوزير الصحة لمعرفة الأسباب التى أدت إلى اتخاذ هذا القرار فى هذا التوقيت وأيضًا تقاعس الوزارة فى الرقابة على سوق الدواء وضبط الشركات المخالفة.
فى حين، وصف النائب جمال عباس، عضو مجلس النواب، القرار الصادر من رئاسة الوزراء برفع أسعار الأدوية بـ “الخاطئ”، قائلًا “الحكومة تُرضى شركات الأدوية على حساب المواطن الغلبان”.
وأشار عباس إلى أن أزمة الدواء القائمة منذ أكثر من 6 أشهر بداية من نقصه ثم اختفائه بالسوق المصرية وارتفاع بعض الأسعار على فترات متباعدة وصولًا إلى إقرار الحكومة زيادة أسعار 4 ألاف نوع دواء، منوهًا أنه كان يتعين على الحكومة وضع أسعار للدواء تتناسب مع البعد الصحى والاجتماعى للمرضى بما يضمن قدرة محدودى الدخل على العلاج والحق فى حياة صحية جيدة.
وأشار إلى أن معظم الأدوية التى تندرج تحت قرار الزيادة تمس شرائح أصحاب المعاشات والأمراض المزمنة، مؤكدًا أن قرار رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل سيتم استغلاله من قبل شركات الادوية فى زيادة الأنواع الأخرى من الأدوية.
وأكد الدكتور مجدى مرشد، رئيس لجنة الصحة فى البرلمان، أنه تم تعديل القرار لتكون الزيادة فى الأسعار على العلب وليس الوحدات، حفاظًا على حق المريض، مشيرًا إلى أن عملية مراجعة المستحضرات التى من المقرر زيادة أسعارها مستمرة، مشددًا على أن فكرة تطبيق الزيادة على التشغيلات الجديدة فقط لا يمكن تطبيقها لأن السوق سيوجد به سعران، لأن هناك تشغيلات تحمل السعر القديم وأخرى بالسعر الجديد، وبالتالى فهذا مخالف لقانون التسعيرة الجبرية للأدوية، فلجأنا لتنفيذ القرار منذ لحظة صدوره.
وأشار “مرشد”، إلى أن الصيادلة والموزعين حققوا أرباحًا كبيرة جدا على حساب المرضى، منذ إعلان القرار يوم 16 مايو الجارى، الأمر الذى جعلنا نتدخل لوقف المبالغة فى أسعار الأدوية.
وطالب الدكتور طارق سلمان، مساعد وزير الصحة والسكان لقطاع الصيدلة، شركات الأدوية بضرورة الالتزام بتطبيق القرار 499 والخاص بتحقيق هامش ربح للصيادلة، وزيادة نسبة الخصم المقدم للصيادلة ليصل ل 25% للدواء المصرى و18% للمستورد، وأنه ليس من حق أى شركة رفض تنفيذ القرار، وشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات قوية فى السوق للحد من ظاهرة الأدوية منتهية الصلاحية وحل هذه القضية.