ساعات طويلة تمر والجميع في الانتظار، الكل يحمل الأواني والجراكن، متجهين إلى القرى المجاورة مسافات يقطعها الأطفال بالحمير للحصول على جركن المياه يساعدهم على تحمل متطلبات اليوم من مياه الشرب هذا المشهد المتكرر في عدد من قرى محافظة قنا، التي تعاني الأمرين بسبب انقطاع المياه المتكرر أو تلوثها، معاناة يعيش تفاصيلها المواطنون يوميا دون حلول جذرية.
وتعاني قرى قنا ونجوعها من أزمات كثيرة في مياه الشرب، منها ضعف ضخ المياه، والانقطاع المتكرر لها أو عكارتها أو عدم وصولها لبعض النجوع من الأساس، مثل منطقة جبل الترامسة غربي مدينة قنا، ومنطقة جبل الميات بدشنا ونجع عزوز والعبابدة والتي يعتمد أهلها على المياه المنقولة من شركة مياه الشرب والصرف الصحي، أو على حسابهم الخاص.
يعتمد معظم الأهالي الذين لا يستطيعون شراء مياه نظيفة على المياه الجوفية، والتي لا تحتاج إلى تحليل لملاحظة ملوحتها، يكفي فقط تذوقها، وهو ما يعرض الأهالي إلى أمراض الفشل الكلوي.
ويحكي محمد عبدالله، من أهالي منطقة الترامسه، أنهم يعانون من أزمة الحصول على مياه الشرب ويتجرعون المرارة والمسافات الطويلة للحصول على المياه وأزمة المياه قد تسبب في حروب أهلية بسبب الأسبقية على الحصول على المياه.
ويروي مبارك سلامة، أن المياه لم تصل إلى منزله منذ أكثر من عامين، مما اضطره إلى تركيب طلمبة رفع، لتفادى أزمة قطع المياه، وليتمكن من سقاية رؤوس الماشية، وبقية الاستخدامات الضرورية.
ويضيف محمد جمعة، من قرية نجع عبدالقادر بقنا أنه لجأ لتركيب طلمبة رفع من المياه الجوفية، وكذلك تركيب فلتر، خوفا على حياة الأطفال وصحتهم، من أمراض الكبد والفشل الكلوي، وغيرها من الأوبئة.
يقول محمد على ، إن انقطاع المياه تسبب بشكل كبير في أزمات حقيقة في المنازل، لافتا إلى أن شهر رمضان يحتاج إلى توفير كميات كبيرة من المياه، بسبب العطش المستمر، مضيفا أن معظم مساجد القرية تعتمد على الخزانات، وتساءل عبد الرؤوف ماذا يفعل الأهالي لو نفذت المياه من الخزانات.
يعبر كثير من سكان قرية أولاد عمرو، الواقعة بشمال مركز قنا، عن استيائهم الشديد من إهمال الدولة، وحرمانهم من أدنى الخدمات اللازمة لحياة إنسانية كريمة، مؤكدين أن القرية كبيرة جدًا وتضم قرى أخرى ونجوعا، ولا يوجد سوى مرشح مياه واحد فقط، لا يغطي سوى 5 نجوع فقط، وباقي النجوع يعتمد أهلها على مياه الآبار المالحة، التي تسبب لهم أمراضًا لأنها غير صالحة للشرب، بحسب بعض الأهالي.
ويقول ناصر فهمي، أحد أهالي القرية، إن معظم أهالي القرية يعتمدون على مياه "الطلمبات"، وهي حالة مستمرة منذ 20 سنة، وأكثر من 70% من أهالي القرية يعانون من الأمراض، فإلى متى يستمر ذلك؟
ويقول فارس صلاح، أحد أهالي قرية الميات، إن خطوط المواسير التي تمر داخل القرية والتي يرجع عمر تركيبها إلى أكثر من 35 عاما مليئة بالطين والأتربة والرمال، ما يعرض حياتنا وحياة أولادنا لمرض الفشل الكلوي، وقد تقدمنا إلى الشركة القابضة وإلى المحافظ بالعديد من الطلبات، لكن لم يستجب لنا أي منهما "أغيثونا فنحن نعيش كأننا في صحراء جرداء ونعتمد في شرابنا على مياه الآبار، التي تصيبنا بأمراض الفشل الكلوي ولا تصلح للشرب".
ويوضح جمال محمود، من أنه يسكن بمدخل قرية الشيخ على بدشنا، راويا مشهد المئات من الناس يصطفون في طوابير لتعبئة المياه من الصنبور الوحيد الموجود بمدخل القرية، لافتا إلى أن المياه غير صالحة، فضلا عن احتوائها على نسبة عكار وأملاح، فيما يطالب علاء حسين، الشركة القابضة لمياه الشرب بقنا، النظر بعين الرحمة للقاطنين بالنجوع والقرى، والنزول إلى متاعب الأهالي على أرض الواقع، ومحاولة توفير حلول جدية للأزمات التي يعانون منها.
ومن جانبه أوضح المهندس محمود ربيع رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحي بقنا أن قطاع المياه شهد خلال الفترة الأخيرة تطورا ملحوظا يؤكد ذلك حجم الاستثمارات في هذا القطاع والتي بلغت 3 مليارات و677 مليونا و200 ألف لافتا إلى أنه تم افتتاح محطتي مياه بكل من قرية السمطا والحجيرات بمدينة دشنا بالإضافة إلى محطة رفع مياه شرب بقرية كلاحين قفط ليصل إجمالي عدد المحطات التي تم افتتاحها في الشهرين الماضيين إلى 5 محطات مما يؤكد اهتمام الشركة وسعيها إلى تطوير ورفع كفاءة مرفق مياه الشرب لضمان وصول المياه إلى كافة القرى والنجوع.
ويضيف أن الشركة تقوم بعمل نشرات للمواطنين بعدم الإسراف في استخدام المياه والمحافظة عليها وترشيد استهلاكها ، وعدم استخدام مياه الشرب في الرش أو الزراعة أو في غير إغراض الشرب، لان هذا يؤدى إلى ضعف وانقطاع للمياه وخاصة في أطراف الشبكات
ويرجع أسباب انقطاع المياه لانخفاض الجهد الكهربائي بقرى مراكز قنا مشيرًا إلى ان هناك محطات تضطر للتوقف عن العمل لساعات بسبب انخفاض الجهد الكهربائي، لافتًا أن لوحات المرشح الكهربائية الحديثة لا تقبل زيادة الفولت الكهربائي أو ضعفه أثناء تشغيل وحدات ترشيح المياه وهو ما يتسبب في توقفها عن العمل.