أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء، تقريرًا يوثِّق محاولات العديد من الجهات والمنظمات الخفية نشرَ الكثير من الشائعات والأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي والترويج لها عبر أذرعها الإعلامية المختلفة، بهدف إثارة البَلبلة داخل المجتمع المصري، وهزِّ ثقة المصريين في الأداء الحكومي لبث روح الفوضى والاضطراب، فقد انتشرت خلال الأشهر الأخيرة آلاف الشائعات داخل المجتمع المصري متناولة العديد من الملفات، لتنال بالسلب من مؤسسات الدولة ومختلف قطاعاتها الرسمية وغير الرسمية.
وأوضح المرصد، أن سلاح الشائعات، امتد ليصل إلى مؤسسة القوات المسلحة المصرية الوطنية، حيث تناولت اللجان الإلكترونية المدعومة من الخارج قانون معاملة كبار قادة القوات المسلحة، وأثارت حوله الكثير من اللغط بهدف تشويهه وإثارة حفيظة أبناء الشعب المصري ضد جيشه الوطني، وانتقل الأمر من القوات المسلحة إلى قوات الشرطة المصرية، حيث كالت لها العديدُ من هذه الأذرع الإعلامية الاتهاماتِ بإثارة قضايا الاختفاء القسري وأوضاع السجون المتردية؛ وهو ما يثبت أن عمليات الاختفاء هي جزء من آليات هذه الجهات لنفي جريمة الإرهاب عن نفسها.
كما تناول التقرير، الشائعات التي طالت مجلس النواب والتي جاء على رأسها موافقته على إنشاء صندوق سيادي بـ200 مليار جنيه، وقد أوضح التقرير نَصَّ القانون والهدف من تأسيس الصندوق وجدواه الاقتصادية، بالإضافة إلى ذلك تناول شائعة بيع الجنسية المصرية بـ7 ملايين جنيه وتداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مبينًا حقيقة القانون الذي جاء لينظم وضعية الأجانب داخل مصر وإعطاء فرص حقيقية للمستثمرين الأجانب للدخول إلى السوق المصرية بمزيد من الثقة والأمان.
ولم يقتصر دور الشائعات على الجوانب السياسية والاقتصادية فحسب، بل امتدت للشأن الديني وتشويه دور مؤسسات الدولة الدينية داخل المجتمع، بدايةً من إثارة الأخبار الكاذبة حول الخطأ في تقدير هلال شهر رمضان، وهو ما دفع مؤسسات الدولة الدينية لنفي ذلك مؤكدة أن عملية استطلاع الهلال تتم وفق أسس علمية وشرعية منضبطة، كما أثيرت شائعة أخرى حول قيام وزارة الأوقاف بإغلاق كتاتيب تحفيظ القرآن الكريم، ما دفع الدكتور محمد مختار جمعة، لنفي ذلك الخبر، مؤكدًا أن عدد الكتاتيب المعتمدة من الوزارة والتابعة لها ارتفع في السنوات الأربع الأخيرة بأكثر من 200%.
كذلك قامت الشائعات بمحاولات كبيرة لتشوية صورة المشروعات القومية الكبرى داخل المجتمع المصري كمشروع العاصمة الإدارية الذي ثار حوله العديد من الشائعات الكاذبة كنقل حديقة الحيوان بالجيزة إلى العاصمة أو إنشاء سجن جديد بها وهو ما نفته المصادر الرسمية تمامًا، أيضًا كان على نفس النسق مشروع قناة السويس، حيث طالته العديد من الشائعات بداية من الإعلان كل فترة عن أن هيئة قناة السويس تتجه للحصول على قرض جديد لسداد أحد أبواب العجز لديها وصولًا إلى حوادث تصادم السفن بالقناة وتعطيل الملاحة.
كما هدفت الشائعات خلال هذه الفترة إلى إثارة حالة من الرعب داخل مختلف قطاعات المجتمع المصري من خلال تصدير حوادث فجَّة تشكك المواطنين في جدوى النهوض والعمل وشيوع حالة من الخوف وعدم الأمان. وأضيف إلى هذه الحوادث حادثة جثث أطفال المريوطية بدون أعضائهم، وهروب مدير أحد فروع بنك CIB بمبلغ 180 مليون جنيه إلى الخارج، ورصف وتشويه شارع المعز لدين الله ذي الطابع الأثري، وهو ما ثبت عكسه تمامًا عند التحقق من هذه الأخبار.
وفي النهاية، حاول التقرير رصد أبرز الشائعات خلال الأشهر الثلاثة الماضية موضحًا الجهات التي استهدفتها والحيز الذي شكَّلته هذه الشائعات عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وجاءت مؤسسة الجيش على رأس ما طالته الشائعات خلال هذه الفترة بهدف تشويه صورة المؤسسة وضرب جسور الثقة بين القوات المسلحة وأبناء الشعب المصري، وإنكار الدور الوطني الذي يقوم به الجيش في مواجهة التحديات الجسام التي تواجه الوطن خلال المرحلة الحالية، ولم تتوقف الشائعات ومن يقوم بها عند حدود معينة بل امتدت لتصل إلى كافة مؤسسات الدولة الوطنية كالشرطة والمجلس النيابي والمؤسسات الدينية بهدف تشويه دور هذه المؤسسات الوطنية التي تعمل خلال ظرف راهن بالغ الصعوبة، كما امتدت حالة التشوية لتصل إلى المشروعات القومية الكبرى الملموسة على الأرض للتشكيك في أية عملية إصلاح أو تنمية لدى الحكومة فضلًا عن خطط التنمية المستقبلية، ولم يقتصر دور الشائعات ومروِّجيها على تشويه أعمدة الدولة الرسمية فحسب والتشكيك بكافة خطوات التنمية، بل وصل الأمر لإثارة حالة عامة من الفزع وفقدان الثقة داخل المجتمع وتصدير حالة من الخوف لمختلف قطاعات المجتمع المصري.
ودعا المرصد جميع فئات المجتمع المصري إلى ضرورة الحيطة والحذر في التعامل مع المعلومات والأخبار التي تنشر على وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن التثبت من الأخبار يعد واجبًا وطنيًّا ودينيًّا، فالمسلم مطالب بالتحقق من الأخبار والمعلومات التي تصله قبل أن ينشرها، وعدم الخوض فيما لا يعلم، وعدم التهاون والتساهل في أمر الشائعة، بل عليه اعتبارها أمرًا عظيمًا، وأحد أدوات الحروب الجديدة وسبل هدم وتدمير الدول والمجتمعات، فقد لجأ إليها الكثير من الدول نظرًا لخطورتها وتأثيرها القوي والمدمر على الكثير من البلدان.