نفذتها أمريكا وصدم بها «نسكون» العالم.. «بريتون وودز».. حيلة أمريكية ربعت الدولار على عرش الاقتصاد العالمي

صورة أرشيفية
كتب : محمد سعد

هل سرح خيالك للحظات في التفتيش عن كون الدولار مقياس الاقتصاد العالمي؟، هل فكرت في سبب تربع هذه العملة الورقية الخضراء على عرش اقتصاد العالم؟، متى بدأت الفكرة وما السبب؟، قليلًا منا ما يفكر فقط، لكن الأغلب قد لا يضيع وقته في البحث عن نشأة الفكرة، ربما لإنشغاله في عمله أو أن الأمر لا يعنيه من قريب أو بعيد، على الرغم من تحكم الدولار في عمله هو أيضًا الذي يراه أهم، لذلك وُجب علينا الإيضاح.

مؤخرًا، تراجعت الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي في أدنى مستويات لها، ما جعل ناقوس الخطر يدق، محجرًا تركيا من انهيار وشيك بلا رجعة، ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دعوة الشعب التركي للوقوف بجانب بلاده، مع البحث عن حلفاء جدد يمكنهم نجدة بلاده، ليظهر الدولار في هذه الأزمة كمصدر قوة يمكنه الضغط على حكومات الدول المعارضة لترامب وسياسته.

الواقعة السابقة لم تشد انتباه البعض، ربما لكون الدولار المتحكم في الإقتصاد العالمي منذ سنوات مضت، لكن كيف بدأت حكاية الهيمنة على الإقتصاد؟.

اتفاقية "برتون وودز"، تلك الاتفاقية التي وقعت عام 1944م، وبمثابتها أصبح الدولار هو المعيار النقدي الدولي لكل عملات العالم، بداية القصة كانت من هذه الإتفاقية التى أشرنها إليها، وبموجبها تعهدت أمريكا أمام دول العالم، بأنها تمتلك غطاء من الذهب يوازي ما تطرحه من دولارات، فمن يسلم أمريكا 35 دولارًا تسلمه أمريكا أوقية من الذهب، أى إذا ذهبت إلى البنك المركزي الأمريكي بإمكانك استبدال 35 دولارًا بأونصة من الذهب، والولايات المتحدة الأمريكية تضمن لك ذلك، وحينها صار الدولار يُسمّى (عملة صعبة) و اكتسب ثقة دولية، لاطمئنان الدول لوجود تغطيته له من الذهب.

مع طمأنة دول العالم بأن هذه الفكرة الجديدة سوف تحفظ ذهبهم وممتلكاتهم من الضياع، قام عددٍ كبير من دول العالم بجمع أكبر قدر من الدولارات في خزائنها، على أمل تحويل قيمتها إلى الذهب في أي وقت، واستمر الوضع على هذا الحال لسنوات طويلة، حتى خرج الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون، في السبيعينات، مُعلنًا الصدمة بأن الولايات المتحدة لن تسلم حاملي الدولار ما يقابله من ذهب، لتضيع "تحويشة العمر" كما يقول المثل المصري !!.

الحقيقة الصادمة التى خرجت على لسان رئيس الولايات المتحدة آن ذاك، كشفت خدعة الأمريكان للشعوب، حيث ظلت أمريكا في طباعة الدولارات بعيدًا عن وجود غطاء من الذهب، مع شراء ثروات الشعوب بحفنة أوراق خضراء لا غطاء ذهبي لها، أي أن الدولارات ببساطة عبارة عن أوراق تطبعها الماكينات الأمريكية، ثم تحدد قيمة الورقة بالرقم الذي ستكتبه عليها فهي 10 أو 100 أو 500 دولار!!.

"نيكسون" لم يكتفى بإعلان هذه الصدمة فقط، بل واصل مفاجأته معلنًا أن الدولار سيُعوم أي يهبط في السوق تحت المُضاربة، و سعر صرفه سيحدده العرض والطلب، بدعوى أن الدولار قوي بسمعة أمريكا واقتصادها، وكأن هذه القوة الاقتصادية ليست قوة مستمدة من تلك الخدعة الكبرى التي استغفل بها العالم، فلم تتمكن أي دولة من الاعتراض أو إعلان رفض هذا النظام النقدي الجديد، لأن هذا الاعتراض سيعني حينها أن كل ما خزنته هذه الدول من مليارات الدولارات في بنوكها سيصبح ورقًا بلا قيمة، وهي نتيجة أكثر كارثية مما أعلنه "نيكسون".

بعد خضوع جميع الدول لقرارات أمريكا، سُميّت هذه الحادثة الكبيرة عالميًا بصدمة نيكسون (Nixon shock)، وردد الرئيس الأمريكي كلماته الشهيرة: "يجب أن نلعب اللعبة كما صنعناها، و يجب ان يلعبوها كما وضعناها"، ولا زال هذا النظام قائمًا حتى اليوم، ما دفع رئيس روسيا فلاديمير بوتين يصف الولايات المتحدة بأنها تسرق العالم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً