دعا الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة إلى العودة التدريجية للتعامل مع الحكومة السورية، قائلا: "إن سلاما مشوهًا أفضل من استمرار الحرب".
ونوه كارتر، في مقال نشرته صحيفة الـنيويورك تايمز، عن خفوت وتفرّق الأصوات التي كانت عام 2011 قوية ومتحدة حول شعار "الأسد يجب أن يرحل"، مؤكدا أن النهج الأمثل الآن هو اختبار قدرة الحكومة السورية على الشروع في طريق جديد يفضي إلى وضع نهاية للحرب في البلاد.
ورأى صاحب المقال أن الغرب ينبغي أن ينبذ استهداف تغيير النظام وأن يضبط مستوى التوقعات بشأن عملية الانتقال الديمقراطي في سوريا على المدى القصير إلى المتوسط، وأن يصب اهتمامه بدلا من ذلك على البناء المتأني والتدريجي للديمقراطية.
ولفت كارتر إلى إمكانية أن يبدأ الغرب وأمريكا بإعادة فتح سفاراتهم في سوريا، قائلا إن الغياب الدبلوماسي لتلك الدول من دمشق أدى إلى ضياع الكثير من الفرص.
ونبه الكاتب إلى أنه في مقابل هذه الخطوة الغربية على صعيد التقارب مع دمشق، فإنه ينبغي على حكومة الأخيرة القيام بإصلاحات حتمية واتخاذ خطوات على طريق بناء الثقة كإطلاق سراح معتقلين؛ على أن يحافظ الغرب من جانبه على اعتدال مطالبه، فضلا عن أن هذا الغرب مطالب بأن يكون مستعدا للمساهمة في إعادة إعمار سوريا.
وأكد كارتر على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، والتي تضر بالمواطن العادي، من أجل حلّ التحديات الجسام على طريق إعادة الإعمار ومكافحة البطالة والإنعاش الاقتصادي؛ محذرا من أنه وبدون التصدي للمشكلة الاقتصادية في سوريا، فإن جيلا من الأطفال السوريين ممن باتوا على أعتاب العشرينات من أعمارهم مرشحون للانضمام لصفوف الإرهابيين لاستئناف الحرب في العقد المقبل.
ورأى كارتر أنه للبدء في التصدي لتلك التحديات، فإنه يجب على كافة الأطراف المعنية الشروع في عملية سياسية لإخماد نيران تلك الحرب السورية، مؤكدا أن إجهاض محادثات سلام جنيف - من جانب سوريا أو عبر لامبالاة أوروبية بالوضع - لن يفضي إلا إلى تأجيج الفوضى والمعاناة في سوريا.
ونبه الكاتب إلى أن انتهاكات جمة لقوانين الحرب وحقوق الإنسان قد ارتُكبت في سوريا وبعضها لا يزال؛ ونتيجة لذلك نزح نصف السوريين وتهدمت ديارهم وتقوضت معائشهم.
وأكد كارتر أن تحديد المسؤولية فيما آلت إليه سوريا من وضْع كارثي هو جانب هام في عملية العلاج فيما بعد الحرب، لكن التركيز الآن ينبغي أن ينصبّ على آلية لوضع نهاية لتلك الحرب.
واختتم مقاله مشيرا إلى أن العديد من السوريين وصلوا إلى استنتاج أن أي سلام، حتى ولو كان منقوصا أو مشوها، هو أفضل من استمرار العنف؛ وإلا فالبديل هو دولة فاشلة لعقود ممتدة في قلب الشرق الأوسط.