توقفت عجلة الزمان بأهالي منطقة الجزر التابعة لقرى غرب بورسعيد، عند بدايات القرن الماضي، حيث تفتقر المنطقة التي تتكون من 15 جزيرة (متصلة وغير متصلة) ببحيرة المنزلة والتي يقطنها 18 ألف نسمة، لأدنى مقومات الحياة الآدمية، فلا توجد بالجزر شبكات للكهرباء، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والطرق الممهدة، وتُعتبر اللنشات البدائية ومواتير البحر وسيلة المواصلات الرئيسية فيما بين الجزر والمدينة.
"أهل مصر" التقت بعدد من أبناء الجزر، لتتعرف منهم على أهم المشكلات التي تؤرق حياتهم، ومطالبهم الملحة بعد أن سقطوا من اهتمامات الأجهزة التنفيذية بالمحافظة.
يؤكد محمود أبو صبري، أحد الأهالي، في حديثه لـ"أهل مصر" أن مساحة منطقة الجزر حوالي 26 ألف فدان، ويوجد بها نحو 4 آلاف منزل وبيت ريفي، وتعتمد على عدة أنشطة رئيسية، منها تربية الماشية والاستزراع السمكي وتربية الدواجن، وبها 8 مدارس تعليم أساسي فقط، لافتًا إلى أن المدرسين يعانون الأمرين للوصول إلى المدارس في فصل الشتاء، مشيرًا إلى أنه يتم توفير بعض وسائل المواصلات بالجهود الذاتية، وهناك حوالي 40 مسجدًا منها 8 تابعة للأوقاف.
وتابع: "إلا أن المنطقة بالكامل تعانى من عدم وجود شبكة لمياه الشرب، ونشترى برميل المياه 200 لتر بحوالي 10 جنيهات من المطرية أو بورسعيد، ولا يوجد فرن للخبز، وللأسف المنطقة بالكامل محرومة من أية خدمات، بالإضافة لعدم تقنين أوضاع أهالى الجزر حتى الآن رغم عمل الحصر والرفع المساحي للمنطقة".
وتقول "فاطمة عبد الوهاب" (ربة منزل) في تصريحات لـ"أهل مصر": "الحياة هنا لا تمت بأي صلة للآدمية فالأراضي غير ممهدة، وعند سقوط الأمطار نصبح معزولين عن العالم وفى حالة وجود مريض يصعب علينا نقله فيتوفاه الله قبل حتى الوصول للماء لمحاولة نقله بالماتور عبر بحيرة المنزلة إلى أقرب مستشفى".
وأضافت: "أما أقل أساسيات الحياة وهى الماء النظيف والإضاءة هى الأخرى غير متواجدة، فنحن كقرى غرب بورسعيد غير متواجدين فى ذاكرة المسؤلين وكل محافظة تلقى بعبئنا على الأخرى، محافظة بورسعيد تقول إننا الأقرب للدقهلية والدقهلية تقول إننا فى نطاق بورسعيد وبين المحافظتين نعيش بلا اي معنى للحياة الآدمية ساقطين من ذاكرة المسؤلين".
وقال محمد الهارون أحد أبناء الجزر، في مقابلته مع "أهل مصر": "إن منطقة الجزر موجودة منذ عدة قرون، وقبل أن يتم إنشاء مدينة بورسعيد، وكانت جزيرة تنيس ومنطقة ابن سلام عاصمة الدلتا، وتتكون من عدة جزر رئيسية هي المثلث، والحصير، وأم الجيف، والشيخ حسن، وفيلة، وابن سلام، وكنيسية، والسماريات"، وتصل شبكة الكهرباء بحوالي 5 آلاف فدان من إجمالي مساحة الجزر التي تُقدر بحوالي 26 ألف فدان".
وتابع "الهارون": "كما لا يوجد لدينا مدارس ثانوي صناعي أو تجارى، وتضطر الأسر التي تريد تعليم أبنائها إلى التوجه إلى بورسعيد أو الدقهلية لتعليم الأبناء بالمدارس الثانوية والجامعات، كما نعانى من عدم وجود طرق ممهدة، حتى الطريق الوحيد الذي يربط الجزر بقرى بحر البقر طريق ترابي وغير ممهد وغير مضاء".
وأضافت بسمة محمد "بكالوريوس تجارة" من أهالي الجزر في حديثه لـ"أهل مصر": "أن الحياة بمنطقة الجزر لا توفر حياة آدمية للسكان بشكل عام، وللمرأة والفتيات بشكل خاص، الظروف العامة تعوق تعليم الفتيات، وهناك نسبة كبيرة من الفتيات يكتفين بالحصول على الشهادة الابتدائية أو الإعدادية، نظرًا لعدم وجود مدارس للمرحلة الثانوية، ويؤدى ذلك إلى زواج الفتيات في سن صغيرة، لذلك لابد من إنشاء مدرسة ثانوية للفتيات وإنشاء مصانع لمنتجات اللحوم والألبان، وإنشاء مستشفى لخدمة أهالى المنطقة"، مشيرة إلى أن أهالى المنطقة قاموا بإنشاء عدد من الكتاتيب بالجهود الذاتية لتعليم الأطفال القراءة والكتابة والقرآن الكريم.
وطالب محمود صبح (مواطن بالمنطقة) في تصريحات خاصة، بضرورة إنشاء وحدات سكنية ضمن مشروع الإسكان الاجتماعي لشباب المنطقة، ودعم الشباب العاملين بمشروعات الإنتاج الحيواني والداجن من خلال صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والسماح بحركة مواتير البحر للتنقل بين الجزر التي يتم حظرها بعد الساعة السابعة مساءً، موضحًا "أن ذلك يؤدى إلى عزل بعض الجزر عن العالم"، كما طالب بتعيين أبناء المنطقة من الحاصلين على مؤهلات عليا ومتوسطة بالمدارس الموجودة بالجزر لتوفير الوقت والجهد على المدرسين الذين يأتون من بورسعيد ويتحملون مشقة الطريق وصعوبة المواصلات.
وقال أحمد الغريب (أحد السكان)، في حديثه لـ"أهل مصر": "لا يوجد بمنطقة الجزر مركز شباب ولا قصر ثقافة ولا يوجد سوى وحدة صحية واحدة لخدمة الأهالي، والمتعة الوحيدة للشباب مشاهدة التليفزيون على مولدات الكهرباء لمدة ساعة أو ساعتين، لأن معظم الجزر لا يوجد بها كهرباء والصرف الصحي يتم عبر البحيرة، ونعانى الأمرين لشراء مياه الشرب، وأغلب الشباب يبحثون عن فرصة عمل خارج منطقة الجزر، نظرًا لعدم توافر الكثير من الخدمات والمرافق".
وأوضح محارب هيلع رئيس حي الجنوب، في تصريحات لـ"أهل مصر" أن منطقة الجزر تقع داخل بحيرة المنزلة وتابعة للإدارة المتكاملة للثروة السمكية، وليس للحى والطريق الوحيد الذي يربط منطقة المثلث ببحر البقر مضاء ومرصوف حتى آخر نقطة يمكن المرور عليها، نظرًا لطبيعة الأرض الرخوة بالمنطقة.